دولة العراق..بيد من الآن؟

آراء وأفكار 2019/02/10 06:39:36 م

دولة العراق..بيد من الآن؟

دراسة استطلاعية

د.قاسم حسين صالح

من عادتي إنني استطلع الرأي في تناولنا لقضية سياسية أو اجتماعية مهمة أو خطيرة،لغرضين،الأول:أن تصاغ بدراسة موضوعية بعيدة عن تحيزات الباحث لتقدم نصيحة لمتخذي القرار وفائدة علمية للكتّاب والمثقفين،والثاني..توثيق ما يحدث للتاريخ والأجيال.
وبغض النظر ما اذا كان العراق يمتلك الآن مقومات الدولة (السيادة،الأمن،المساواة أمام القانون،الاستثمار الأمثل لموارد وثروات الوطن،العدل بمفهوميه الاسلامي والحديث،أو أن فيه دولتان..رسمية معلنة وعميقة خفية)..فأننا توجهنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي والبريد الألكتروني بالسؤال الآتي:

(دولة العراق..بيد من الآن؟.
نرجو أن تكون الإجابة موضوعية لأنها ستعتمد في دراسة علمية).
شارك في الأجابة 257 بينهم اكاديميون ومثقفون وإعلاميون..اليكم نماذج منها كما وردت بالنص،ولا يعني اننا معها او ضدها.
* بيد أشخاص ليس لديهم الأنتماء والوفاء والولاء لأرض الوطن،يضحّون بالشعب والأرض وثروات الوطن من اجل أحزاب هم ينتمون اليها.
* بيد اميركا بالمطلق والبقية أدوات.
* بيد أمريكا،وإيران،والأحزاب التي تمتلك المال والسلاح ،والمافيات ومليشيات مسلحة تعمل لجهات خارجية.
* بيد أحزاب ليست أحزابا بالمفهوم العملي للحزب، استولت عليها عوائل متوارثة مثل (التيار الصدري، الحكمة، المجلس الاعلى، حزب الدعوة، الحزب الاسلامي). حتى الأحزاب العلمانية كالمؤتمر الوطني أيضاً يسطير عليه أفراد وليس هناك ديمقراطية داخل الأحزاب السياسية.
* ليس هناك مفهوم للدولة ولا نظام سياسي واضح هناك فقط فوضى عارمة وضياع هيبة القانون..وتفسيره حسب الرغبة.
* هناك دولتان ..الدولة الرسمية والدولة العميقة، وهما متداخلتان.
* بيد رجال الدين الشيعة،والسادة ،ومن يدعون انهم أحفاد النبي.
* الدولة بيد الأحزاب الاسلامية الشيعية الفاسدة وبدرجة اقل الاحزاب السنية الفاسدة.
* الدولة بيد الطبقة الوسطى التي تعيش من إنتاج الخدمات ولا تسهم في إنتاج ثروة المجتمع
* بيد القوى غير المنضبطة والخارجة على القانون وأصحاب المال والعشيرة.
* الدولة تخضع لثلاث جهات الأولى اميركا بنفوذها وتأثيرها على الواقع العراقي وأحداث الفتن والاقتتال الداخلي وقدرتها على صناعة جماعات سنية وشيعية وكردية مؤثرة وتحريك أدواتها لخلق أزمات اقتصادية وارتباك أمني. والثانية بيد أحزاب تعمل لتحقيق مصالحها حتى لو أدى لحرب أهلية. والثالثة بيد اجندات خارجية واقليمية تعمل على إرباك العراق لأنها ترى فيه كطائر العنقاء سرعان ما يعود اقوى باسا وبعضها تضخ الاموال بدافع انساني خادع يحمل خنجر بروست.
وكانت هنالك اجابات ساخرة،مثل:
• استر علينه لا تودينه بداهيه
• بيد اللصوص،الحرامية
• بيد من يرفعون شعار (ياليتنا معكم فنفوز فوزاً عظيما)،واجزم لو كانوا معهم لنهبوا امتعتهم وولوا مدبرين
• الدولة عبارة عن فريسة اصطيدت من قبل الأسود والضباع والنسور التمت حولها. يتنافسون بالتهامها يا استاذي الفاضل.
• حضرتك تسأل عن دولة..فكيف نجيب عن مسمى لا وجود له.
• بيد الله. سالت شخصا ما الفرق بين حكم الشاه وحكم الملالي، فاختزل الجواب بجملة: في زمن الشاه كنا ندعو الله كي يخلصنا أما الآن فان الله بالشارع ولا نعرف من ندعو كي يخلصنا!

تحليل النتائج
يجمع المستجيبون ،وغالبيتهم اكاديميون واعلاميون ومثقفون، أن العراق لا توجد فيه الآن دولة بالمفهوم المتعارف عليه في العلوم السياسية، ويصفون واقع الحال بالآتي:
• الدولة الان موزعة بين أحزاب وكتل سياسية وعوائل تحتكر مؤسسات رسمية في الوزارات،وميليشات وقوى مسلحة ومافيات.
• يفتقر العراق الى أحد أهم مقومات الدولة المتمثل بفرض سلطة القانون وضمان أمن المواطنين،فيما يعيش المواطنون فوضى عارمة واغتيالات تستهدف من يطالب بان يكون العراق دولة يحاسب فيها من يرتكب جريمة قتل لا ان تسجل ضد مجهول.
• إن الذين وصلوا الى الحكم استفردوا بالسلطة والثروة،وبهذا افتقدت الدولة واحداً من أهم مقوماتها المتمثل باستثمار موارد الوطن لخدمة الناس واعمار الوطن،وتخلت عن أهم مبدأ في النظام الديمقراطي المتمثل بتحقيق العدالة الاجتماعية.
• إن الدولة تشترط أن يكون هنالك انسجام بين ما تقوله وما تعلنه،وإن ما يحصل الآن في العراق هو تناقض صارخ ومعيب بين ما تعلنه أحزاب الاسلام السياسي وما تفعله.

استنتاج ختامي
يشخّص المستجيبون إن(اميركا وأيران) هما اللتان تمليان ما يريدان على الحكومة العراقية.والمشكلة ان هاتين الدولتين في صراع معلن ساحته الأرض العراقية،اذ صرح ترامب في زيارته لقاعدة (عين الأسد)- التي علمت بها الحكومة من وسائل الاعلام!- إن الغرض الرئيس لهذه القاعدة العسكرية (المذهلة بتعبيره) هو مراقبة ايران. وان الحكومة العراقية في مأزق يصعب عليها ارضاء دولتين قويتين لهما نفوذ قوي في العراق،ما يعني إنها فاقدة للتمتع المطلق بالسيادة بوصفه الشرط الآول لمقومات الدولة،وإنها فاقدة للشروط الأخرى لمقومات بالتبعية.

موقف..قد يشكل البداية:
في لقائه (الاربعاء 6 شباط الجاري2019) بالمبعوثة الأممية ،حذر السيد علي السيستاني الكتل السياسية من انها اذا لم تعالج الازمات فقد تفقد الفرصة الأخيرة،وطالب الحكومة بتأمين الخدمات ومحاسبة الفاسدين..ما يعني ان المرجعية الموقرة هي مع ما توصل له هذا الاستطلاع من تشخيص. ومع ان الأحزاب الشيعية والكتل المحسوبة عليها تبارك ما تقوله المرجعية وتعلن التزامها بتنفيذه،فانها لا تطبق ذلك عملياً،لأنه يهدد استفرادها بالسلطة والثروة والنفوذ.وإنه ليس أمام القوى التي تسعى الى ان يكون العراق دولة سوى توحيد موقفها بمطلب واحد يضمن الخطوة الأولى نحو قيام دولة..هو قيام مجلس مكافحة الفساد بتشكيل محكمة من قضاة مستقلين تبدأ من الآن بمحاكمة حيتان الفساد تنقل عبر وسائل الأعلام..وبدونه تبقى سيكولجيا التغافل والتماهل هي المخدّر الذي تعتمده حكومة السيد عادل عبد المهدي..إن اكمل ولايته!..أو أن المرجعية ستفاجئ أحزاب السلطة المحسوبة عليها والخجلة من أفعالها بما يعيد لها دورها في إقامة دولة مدنية كما فعلت في ثورة العشرين؟!

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top