فقه المرأة وموروث الأفعى

آراء وأفكار 2019/02/13 07:02:17 م

فقه المرأة وموروث الأفعى

القاضي أحمد جاسب الساعدي

أتحفني استاذي الفاضل هادي عزيز علي بنسخة من كتابه، قراءة وجيزة في القراءات الحديثة لفقه المرأة مساهمة في التعرض لموروث الأفعى. وكان لي الشرف ان اطل من نافذة قراءتي للكتاب على ما فيه من فائدة جمة، خاصة إن يراع المؤلف وهو العارف والقاضي البارع والناشط المدني الفاعل، سبق وان قدم الكثير من العطاء الذي اتحف به المكتبة القانونية، وساهم في الاعداد للكثير من مشاريع القوانين، وانبرى للدفاع عن حقوق الانسان بالاجمال وحقوق المرأة بالتخصيص. وكان لي الشرف الحضور والاستماع لبعض نشاطاته، وعلى ما يبدو أن أستاذنا المؤلف التمس لنفسه العذر في مقدمة كتابه، حيث أورد في العنوان ان الكتاب ((قراءة وجيزة)) حتى لا يطنب في تفصيل فقه المرأة، ووقف على ما يريد من محطات تغني التوجه الفكري الذي يتبناه، إلا إنه لم يفت عليه أن يقدم بعنوان جالب للأهتمام والنظر فوضع في عنوان كتابه لفظة ((موروث الأفعى)) التي ستجلب للكتاب الكثير من القراء من مناصري أفكاره ومعارضيها.
ولا يخفى على المطلع أن فقه المرأة من المواضيع التي أثارت الجدل والشد والجذب بين دعاة التمسك بالموروث الديني، أو قل الموروث الفقهي المتعلق بالمرأة بأعتباره دين لايمكن المساس به، بل ذهبوا لأبعد من ذلك فكفروا دعاة قراءة النصوص الدينية بالأجمال والفقهية بالتخصيص قراءة جديدة تتناسب وروح العصر وتنصف المرأة مما أصابها من ظلم وجحود لحقها عبر التاريخ، وبين أصحاب المدرسة الأخرى، ومنهم المؤلف، وهم جبهة الدفاع عن حقوق المرأة الذين درسوا النصوص الدينية وقرؤها قراءة جديدة متنورة، وحاولوا ان لا يمسوا حدود المقدس، فخاضوا في النصوص الدينية وأبحروا في الأراء الفقهية، برغم انهم ليسوا من دعاتها، لإثبات نظرهم أن كل المتراكم من النصوص الفقهية بخصوص المرأة ماهي أراء الفقهاء الذين لم ينقطعوا عن متراكمهم التاريخي والثقافي، وصاغوه وصبوه بقوالب فقهية وصلت بمرور الزمن في أذهان متلقيها مرحلة التقديس.
وقدم لنا المؤلف وقفات على عناوين ذات أهمية كبرى في فقه المرأة، وأحسن التمسك بعنوان كتابه الذي أشار في عنوانه انه قراءة وجيزة فلم يطنب في التفاصيل، بل وقف على محطات وجد أنها تكشف صحة ما يذهب إليه من أن نظرية ((شيطنة المرأة)) الذي توارثها الرجال في أكثر الديانات ماهي إلا موروثات تافهة لا سند لها ولا دليل في أصل الأديان بل هي نتاج كهنة الأديان وفقهائها.
وسافر بنا في جولة رائعة مع أراء الطبري وعلي شريعتي والسيد فضل الله ومحمد شحرور ونصر حامد ابو زيد وجواد علي والطاهر حداد وألفة يوسف وقاسم أمين والشيخ محمد الغزالي والشيخ يوسف الصالحي وآمنة داود، وألزمنا الوقوف في محطات أراد من الوقوف عليها اسقاط الموروث الذي أسس لنظرة الدونية اتجاه المرأة، فخاض في قصة آدم وحواء في الجنة، ووقف على الحجاب والقوامة وزينة المرأة والنشوز والخلع وتعدد الزوجات وضرب المرأة، واختار آراء من اسقط كل ذلك الموروث في كل هذه العناوين ومن نفس المدرسة القائلة بقدسية الأراء المختلفة.
إن المؤلف وحسب اطلالتي على كتابه أراد أن يدعم رأيه المدافع عن حقوق المرأة، ولم يفته وهو اللبيب ان يعضد ذلك الرأي بأفكار تبناها فقهاء وعلماء دين كالشيخ الصانعي والسيد فضل ا،لله وكأنه يخاطب أنصار المدرسة الدينية التقليدية ((من فمك أدينك)).
واقول ان كتاب الأستاذ عزيز خطوة ولبنة في جهود بذلت وتبذل لقراءة النصوص الدينية والفقهية. فالانسان كما يقول الدكتور عبد الجبار الرفاعي في كتابه الدين والاغتراب الميتافيزيقي لا يصنع حاجته للدين، بل يصنع أنماط تدينه وتعبيراته وتمثلاته المتنوعة والمختلفة للدين على وفق اختلاف البشر وبيئاتهم وثقافاتهم والدين ليس نصوص مقدسة فقط...الدين كائن حي منخرط في التاريخ ومشروطياته يخضع لنواميس التغيير والتحول والتطور وفقا للزمان والمكان والبيئة الحاضنة. فإذا أردنا انتاج فهم انساني للدين وقراءة اخلاقية لنصوصه المقدسة، يجب العمل أولاً على تغيير وعي الإنسان وثقافته وظروفه المادية، فالدين قد يتحول الى تهديد عاصف لحياة الفرد والجماعة لو لم يتموضع في حقله الروحي والجمالي خاصة ((انتهى الاقتباس من قول الدكتور الرفاعي)) (كاتب وفيلسوف عراقي وكلامي بارع ).
شكراً لقلم هادي عزيز على إثراء المكتبة والعقول بهذه القراءة الوجيزة في عدد الصفحات الثروة في المضامين وهي خطوة في دفع الجور عن المرأة أيقونة الحب والجمال والعاطفة.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top