القضاء الأميركي يحقّق في شبهات فساد بعقود أمنيّة داخل العراق

القضاء الأميركي يحقّق في شبهات فساد بعقود أمنيّة داخل العراق

 ترجمة/ المدى

تجري وزارة العدل الاميركية تحقيقاً مع شركة التعاقدات العسكرية ساليبورت غلوبال سيرفيسز  للتأكد فيما يزعم بأنها لعبت دوراً في تقديم رشاوى لمسؤولين عراقيين مقابل الفوز بعقود استثنائية. ولكن حتى مسؤولي مكتب التحقيقات الفيدرالي قد لا يدركون حقاً عمق الفساد المتوقع . وكان تحقيق  قد أجري من قبل مشروع المساءلة الحكومي المستقل وخص به صحيفة الديلي بيست Daily Beast الاميركية قد أثار تساؤلات مقلقة تذهب الى أبعد من مجرد منتسبين محتالين لشركة تعاقدت مع البنتاغون.

أفراد متنفذون، بضمنهم رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، لهم علاقات مع شركة كويتية تدعى آفاق، يزعم بأنها باعت حق وصول وتسهيلات عدد ضخم من عقود عسكرية أميركية .
وتقول الديلي بيست ان قصة شركة آفاق وعلاقاتها مع متعاقدين عسكريين أميركان في العراق أتت من مبلغين أفشوا بما لديهم من معلومات رغم ما يشكل ذلك خطورة شخصية عليهم. وأضافت: استطعنا التحقق من مصداقية عدة تفاصيل من خلال وثائق عامة ومشتركة .
أكثر من 30 مصدراً أجرت الصحيفة لقاءات معهم بضمنهم متعاقدون وأشخاص يعملون في الحقل التجاري في العراق، طلبوا عدم ذكر أسمائهم خشية ردود أفعال محتملة . قال أحد المتعاقدين رفض التحدث أكثر قائلا "هذا سرّي للغاية ."
وتدير شركة، ساليبورت منشآت عسكرية في مناطق مختلفة من الشرق الاوسط وآسيا الوسطى ولكن جوهرة تاج الشركة تقع في قاعدة بلد الجوية، وهي قاعدة شمال بغداد تضم طائرات أف- 16 يتم تمويلها من الحكومة الاميركية.
في كانون الثاني عام 2014 حصلت شركة ساليبورت على عقد من القوة الجوية لتوفير خدمات دعم وتدريب وحماية أمنية للقاعدة وبضمنها خدمات ذات ضرورة مثل توفير طعام وطاقة كهربائية في القاعدة. تلقت شركة ساليبورت مبلغا قدره 1.1 مليار دولار مقابل خدماتها في قاعدة بلد. وتتوقع أن تكسب 800 مليون دولار أخرى بحلول العام 2021 . قبيل حصولها على عقد قاعدة بلد، قامت شركة ساليبورت بتوقيع صفقة مع شركة تسمى آفاق أم قصر للخدمات البحرية. مصادر من شركة ساليبورت بالاضافة الى مصادر أخرى من منتسبين كبار في قاعدة بلد ومكتب الشركة الرئيس في ولاية فرجينيا، وصفوا شركة آفاق على انها "شريك".
أربعة مصادر قالت إن نشاطات مزعومة لشركة آفاق بالنيابة عن شركة ساليبورت استقطبت انتباه وزارة العدل الاميركية .
ساليبورت هي شركة تعاقدات تدار من قبل شركة قابضة تدعى، كاليبورن ، مملوكة من قبل مؤسسة دي سي كابتال بارتنرز وهي شركة أميركية مساهمة خاصة.
وثائق مرفوعة عن لجنة الأمنيات والتبادل لشركة كاليبورن تكشف فيها انه في تشرين الاول عام 2016 ادعى منتسب في وزارة الدفاع العراقية بأن شركة آفاق وعدت مسؤولين في الحكومة العراقية بتقديم أموال لهم مقابل قيامهم بتسجيل اسم شركة ساليبورت كمتعاقد تقديم خدمات لقاعدة بلد. وكون بلد هي قاعدة عراقية فان الحكومة العراقية لها الحق في تحديد المتعاقد الذي يتم استئجاره للعمل هناك.
17 مصدراً أكدوا ارتباطات شركة آفاق بمسؤولين في الحكومة العراقية .عضو سابق في قيادة شركة ساليبورت في قاعدة بلد قال إن "شركة آفاق تقوم بتسهيل الامور مع المسؤولين العراقيين ."
عشرة مصادر، قسم منهم لديهم معلومات مباشرة عن تورط المالكي، ذكروا بأن المالكي له هيمنة كاملة على شركة آفاق، في حين معلومات القسم الآخر كانت ثانوية .
وقالت المصادر إن نجل المالكي، أحمد المالكي ومن ثم صهره ياسر صخيل المالكي وهو نائب حالي، يتعاملان أيضا مع آفاق . وقالت مصادر إن رئيس الوزراء السابق لا يدير كل تفاصيل آفاق، ولكنهم زعموا بأنه يتلقى أجراً وإن تلك العلاقة كانت ناجحة لصالح ساليبورت. واستناداً لمسؤول كبير سابق في قاعدة بلد فانه عندما كان مسؤولو ساليبورت يرومون لقاء المالكي، فإن إدارة شركة آفاق تقوم بترتيب هذا اللقاء.
وتقوم وزارة العدل الاميركية الآن بتحقيقات في خروق محتملة لقوانين أميركية تحدّ من ممارسات فساد خارجية تكون قد ارتكبتها شركة ساليبورت من خلال علاقاتها مع آفاق. وجاء في ملف شركة كاليبورن، أن التحقيق الحكومي ينظر فيما اذا كانت الإدارة السابقة لشركة ساليبورت تحيط علماً أو يفترض أن يكون لها علم برشاوى مزعومة من قبلها وعدت بها شركة آفاق لمسؤولين في الحكومة العراقية. وتشير وثائق الى أن شركة آفاق بدأت كشركة مساهمة مع شركة كويتية تدعى أميريكان يونايتد لوجستكس، أو الخدمات اللوجستية المتحدة الاميركية، المملوكة من قبل ضباط خدمات لوجستية سابقين في الجيش الاميركي .
كانت شركة أميركان يونايتد تدير تحميل البضائع في ميناء أم قصر، وبحلول عام 2007 كان للشركة سيطرة غريبة على شحنات الجيش الاميركي عبر الميناء. وقال أحد مصادر شركة أميريكان يونايتد: "لم يكن هناك أي منافس لها". ولكن تم إغلاق الشركة بحلول عام 2013 بسبب قضايا خطيرة تتعلق بسمعتها . شركة أميريكان يونايتد كانت تعتمد على سائقي شاحنات عراقيين لتلافي هجمات المسلحين الذين كانوا غالباً ما يستهدفون الشاحنات الكويتية. ومن أجل تسديد أجور السائقين قامت بإنشاء شركات عراقية التي جمعت بالنهاية معاً في شركة واحدة تحت إدارة شخص يدعى، سامي الأسدي، وذلك في العام 2008.
كانت هذه الشركة التجارية تسمى آفاق. وكان الأسدي وفقاً لمصادر هو المسيطر على حركة شحنات البضائع في أم قصر. وفي ما بعد بسبب خلافات مع اميريكان يونايتد فقدت آفاق سيطرتها على أم قصر ووجد الأسدي مخرجاً جديداً له وبدا يتعامل مع شركات مثل ساليبورت .
وقال مصدر إنّ تواصل سامي الأسدي مع ساليبورت كان مقنعاً للشركة بسبب علاقات قرابة له مع مسؤولين في الحكومة .
أول عقد كشف بين آفاق وساليبورت ربما يكون قد حصل في عام 2012. وقعت ساليبورت عقد خدمات أمني ولوجستي آخر مع قاعدة أخرى وهي قاعدة سبايكر في تكريت لحين وقوعها بيد تنظيم داعش في عام 2014. وأصبحت قاعدة سبايكر في ما بعد موقعاً لأسوأ جرائم حرب يرتكبها التنظيم في العراق، حيث أوقعوا مجزرة بما يقارب في 1700 متدرب من القوة الجوية بالقرب منها. ولكن قبل سقوط تكريت كانت ساليبورت، وفقاً لمتعاقد سابق، واقعة في ديون مع آفاق وهذا ما أكدته عدة مصادر أخرى .وقال مسؤول سابق في شركة ساليبورت "كان هناك عقد موقع في العام 2012 بين آفاق وساليبورت لإدارة القاعدة في تكريت. وكان العقد وفقا لترتيب 50 / 50 مناصفة وتم التسديد". هذا يعني ان ساليبورت سددت لآفاق نصف حصتها من الفائدة في القاعدة.
عندما كانت شركة ساليبورت تتفاوض مع آفاق، كان نوري المالكي أحد أكثر الاشخاص نفوذاً في البلاد. وفي أيلول عام 2014 وبعد اجتياح تنظيم داعش للعراق، انهارت حكومة المالكي. كانت تلك ضربة كبيرة للمالكي وعائلته فضلا عن الجهات التجارية الاخرى التي كانت تسانده بضمنهم شركة آفاق .
وقالت مصادر إن الصفقة مع آفاق استمرت لسنتين عقب خسارة المالكي لرئاسة الوزراء في حين بقيت قيادة ساليبورت التي تفاوضت في إتمام العقد مستمرة بالعمل للشركة. في العام 2016 توقفت ساليبورت عن تسديد الأجور لشركة آفاق .
شخص مطلع على مجريات فسخ العقد قال "قالت ساليبورت لشركة آفاق اذهبوا الى الجحيم لن نسدد لكم اذهبوا الى المحكمة، نحن لا نبالي ." في آب عام 2016 رفعت آفاق قضية ضد ساليبورت في المحاكم العراقية لإلزامها بتسديد مبلغ 70 مليون دولار ثم لتسديد مبلغ 90 مليون دولار. خسرت كلتا القضيتين بخصوص الالتزامات ولكنها لم تستسلم. استأنفت آفاق القضية وربحتها. وأصدرت محكمة تمييز حكماً يقضي بأن ساليبورت مدينة لآفاق بمبلغ يزيد على 56 مليون دولار. ولكن رغم ذلك لم يتم تسديد المبلغ لآفاق لأن ساليبورت طعنت بالقرار وفازت مرة أخرى لعدم تقديم آفاق أدلة ثبوتية كافية .
وقالت مصادر إن فقدان قاعدة سبايكر لم يؤثر على آفاق.. الآن يربطها عقد تجاري مع شركة سوسي SOSi الأميركية من خلال شركة مساهمة مع آفاق تدعى شهد الشرق. إنهما شريكان في قاعدتين أخريين هما قاعدة التاجي وقاعدة بسماية. مسؤول غربي كبير سابق، خدم في عدة جولات في العراق، قال لصحيفة ديلي بيست بعد اطلاعه على قصة شركة آفاق إن "سيطرة على الحكم حصلت في العراق مع سلطة متنفذة واسعة على الجيش والاجهزة الامنية وسيطرة على مصادر الاموال".
وأضاف المسؤول قائلا "أموال مشبوهة فضلاً عن صناعتنا العسكرية .وفي النهاية الحكومة الاميركية أعطت المالكي المال لمساعدته في بناء حكومة ظل حقيقية. فساد المالكي ساعد بشكل مباشر في ظهور داعش ."
 عن: صحيفة ديلي بيست

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top