انقلاب سياسي في صلاح الدين بعد أُسبوع من زيارة نادرة للسفير الإيراني إلى سامراء

انقلاب سياسي في صلاح الدين بعد أُسبوع من زيارة نادرة للسفير الإيراني إلى سامراء

 بغداد/ المدى

انقلاب سياسي، كما تصفه بعض الجهات، حدث أول من أمس في صلاح الدين، حين تمت الإطاحة برئيس مجلس المحافظة أحمد الكريّم، في جلسة مثيرة للجدل.
الإقالة تمت بعد أسبوع واحد من زيارة نادرة للسفير الإيراني في العراق إيرج مسجدي الى سامراء، وانتشار أنباء عن تأسيس محافظة "سامراء المقدسة".
وربط مراقبون الحدثين معاً، خصوصا مع إطلاق رئيس المجلس المقال تصريحات مؤخراً قالوا إنها تجاوزت "الخطوط الحمراء" تتعلق بانتقادات ضد العتبة العسكرية في سامراء.
بالمقابل كانت قد شهدت صلاح الدين خلال السنوات الأربع الماضية تقلبات في المناصب، كان بطلها النائب أحمد الجبوري، الذي سلم مؤخراً منصبه كمحافظ الى شخص آخر من نفس عشيرته وحزبه.
الجبوري، الذي يعتقد بأنه المحرك الأبرز في قضية إقالة الكريّم، كان قد أقصى المحافظ الأسبق رائد الجبوري من منصبه، بعدما تم ترشيق الاول في حزمة العبادي الإصلاحية في عام 2015، وبقي في منصب المحافظ حتى فوزه مؤخرا بالانتخابات التشريعية.
وظهر دور الجبوري المعروف بـ"أبو مازن" في الإطاحة بالكريم، حين خرج مثنى السامرائي وهو نائب عن صلاح الدين، يوم أمس بمؤتمر صحفي مع عدد من النواب وأعضاء مجلس المحافظة، واتهم طرفاً سياسياً بالمحافظة بـ"الطغيان" و"عدم احترام الاتفاقات"، فيما يرجح بأنه كان يقصد أبو مازن.
بدوره اعتبر عضو مجلس النواب السابق عن صلاح الدين مشعان الجبوري، ما يحدث في المحافظة بأنه صراع سياسي للسيطرة على الاموال المخصصة في موازنة 2019. وشهدت المحافظات الجنوبية والوسطى حراكا مماثلا خلال الاسابيع الماضية، تزامنت مع إقرار الموازنة الانفجارية الاولى بعد مرحلة "داعش".
وقرر أغلبية أعضاء مجلس محافظة صلاح الدين، يوم الإثنين الماضي، إقالة رئيس المجلس من منصبه، وإسناد المنصب بالوكالة الى نائبه عداي ذنون، فيما كان 7 أعضاء قد تغيبوا عن حضور الجلسة بالاضافة الى الكريّم نفسه.
وبحسب مصادر (المدى) في المحافظة إن الكريم كان قد حضر أول نصف ساعة من الاجتماع ولم يحضر أي عضو الى الجلسة، واستخدم الاخير صلاحياته برفع الجلسة الى إشعار آخر، وهو كلام يرفضه بعض أعضاء المجلس الذين أكدوا أنهم حضروا الجلسة وكانت قانونية. ووضع المجلس 6 نقاط اعتبروها كافية لاستجوابه، بينما يرى مؤيدو الكريم بأنّ النقاط المذكورة تحتاج الى لجان ووقت طويل للتأكد من صحتها. وأبرز ما جاء في لائحة الاتهامات التي كانت أغلبها تتعلق بشخص الكريإم، هي: ضعف قدرات رئيس المجلس القيادية في ادارة المجلس، وانقطاعه المتكرر عن الدوام، وكثرة سفره خارج العراق، بالاضافة الى عدم تطوير عمل المجلس، وتردده في اتخاذ القرارات، واقتصار زياراته الى سامراء.
وفي نهاية كانون الثاني الماضي، اتّهم أحمد الكريّم "العتبة العسكريّة" بمصادرة أراضي أهالي سامراء. وقال إن العتبة "تعرقل فتح المناطق المحيطة بالمرقد وترفض السماح لأصحاب تلك الأراضي باستثمارها أو تشغيلها، من أجل الضغط على المالكين كي يبيعوا الأراضي إليها بأسعار رخيصة".
واعتبر الكريم جينها أن ما تقوم به العتبة هو عملية "تهجير أهالي المناطق المحيطة بها"، مهدّداً العتبة بالقول: "إنّ أهالي العقارات اتّفقوا على التحرّك على وفق السبل القانونيّة لاسترداد ممتلكاتهم". وشدّد على أنّ "مجلس محافظة صلاح الدين سيقدّم شكوى رسميّة في هذا الخصوص أيضاً"، وقال: إنّ "أصحاب هذه العقارات كانوا من أغنى عوائل سامراء. واليوم، هم من أفقر أهالي المدينة"، مؤكّداً أنّ العقارات المحيطة بالعتبة تقدّر بمليارات الدنانير. وانتقد الكريّم اختلاف معايير السعر بين سامراء والمدن الشيعيّة التي تحتوي على مراقد دينية، متسائلاً: "لماذا العقارات المحيطة بالعتبة سعرها مليون دينار للمتر، لكنّ العقارات المحيطة بالمراقد في كربلاء والنّجف يتمّ بيعها بين 10 و15 مليون دينار للمتر؟". وتعد العتبة المشرف القانوني على إدارة أمور مرقدي الإمامين في سامراء، وهي جزء من الوقف الشيعي، ويتم تعيين مدرائها عادة بتأييد ودعم من قبل المرجع الدينيّ الأعلى علي السيستاني.
وكانت المراقد في سامراء تخضع سابقاً لإدارة الوقف السنيّ بسبب تواجد المرقدين في منطقة ذات غالبية سنية، ولكن بعد تفجير المرقدين في عام 2006 انتقلت إدارة العتبة الى الوقف الشيعي. ومنذ ذلك الحين، يعدّ موضوع إدارتها من القضايا الخلافية بين الشيعة والسنة في سامراء ويعود سبب ذلك إلى الواردات الهائلة التي تستحصلها إدارة العتبة من الأوقاف والهدايا والسياحة الدينية وغيرها. وفي وسط ذلك الجدل برزت قضية تحويل سامراء الى محافظة مستقلة مع اخذ جزء من بلدة الدجيل التي تضم عدداً من المراقد الدينية، وجاءت زيارة السفير الإيراني الأسبوع الماضي، لتزيد الشكوك حول هذه الشائعة. وقال عضو مجلس محافظة صلاح الدين، علي فاضل الدجيلي، إن نواباً ومسؤولين من مدينة سامراء كانوا قد زاروا رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، في الأعوام الماضية، وطرحوا عليه فكرة استحداث محافظة جديدة، "لكن المقترح رفض".
وأشار المسؤول المحلي الى أن سكان المحافظة وسامراء متفقون على أن تبقى محافظتهم واحدة، ولا نقبل استحداث أو اجتزاء أي منطقة من أجل تحويلها إلى منطقة دينية أو طائفية.
بالمقابل كان السفير مسجدي، قد قال في زيارته الاخيرة بان بلاده تحث الشركات الإيرانية على الاستثمار في محافظة صلاح الدين. مطالبا الحكومتين المحلية والمركزية في العراق إلى أن توفر الأرضية لهذا الأمر.
وأضاف أن "إيران وقفت إلى جانب الشعب والحكومة العراقية أثناء الحرب ضد داعش، وهي مستعدة كذلك لتقديم الدعم والمساعدة في مرحلة إعادة الإعمار والبناء، وقد بدأت من الآن تعاوناً جاداً في هذا المجال"، مشيراً إلى "عدد السائحين بين البلدين، يبلغ 7 ملايين شخص سنوياً".

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top