باختصار ديمقراطي: الناشئون صنّاع الكرة

رعد العراقي 2019/02/27 06:31:18 م

باختصار ديمقراطي: الناشئون صنّاع الكرة

 رعد العراقي

منذ أكثر من شهر ولجنة المنتخبات والشارع الكروي مشغولين في اختيار المدرب القادم لمنتخب الناشئين الذي تشير الاحاديث المسرّبة الى حصر المفاضلة بين علي هادي وعماد محمد بعد استبعاد الاسماء المرشّحة الاخرى، وبغضّ النظر عن أحقية كل منهما في تولي المهمة إلا إن ما يجري من مناقشات أخذت زمناً طويلاً وجدلاً واسعاً يؤكد بما لا يقبل الشك استمرار النهج الروتيني المملّ في أسلوب العمل وعدم الاعتماد على الثوابت في الذهاب نحو الأكثر قدرة على قيادة وبناء الفئات العمرية الصغيرة برغم أن كلا المدربين يمتلكون سجلاً تدريبياً واضحاً وفكراً فنياً محلياً لا يتسم بالتعقيد أو الغموض وتجاربهم تكاد تعد على أصابع اليد!
يبدو أن المسألة لا تتعلق بجوانب فنية وحسابات مستقبلية وانما هي عملية تتجه نحو محاولة اقناع وجمع اصوات لهذا الطرف أو ذلك وإلا فإن ما مرّ على الكرة العراقية خلال السنة الماضية من اخفاقات على مستوى الفئات العمرية وما رافقها من حملة لتدقيق صحّة اعمار اللاعبين والحدّ من محاولات التلاعب والتزوير كانت من المفترض أن تستحق نقاشات ودراسات علمية معمّقة للخروج بنتائج وخطط تسهم في الخروج من المأزق والاتجاه نحو رؤية جديدة في كيفية بناء منتخبات المستقبل أكثر من التناحر والصراع حول اسم المدرب.
لا يزال هناك غموض في اصرار ذوي الشأن النظر باستصغار وحساسية لمنتخبات الاعمار الصغيرة من خلال اسناد المهمة لمدربين شباب لا يملكون خبرة التعامل أ الادوات التي تمكنهم من صقل موهبتهم وتنمية الجوانب المهارية والنفسية وفق الأسس الحديثة لكرة القدم وذلك ليس تقليلاً من شأن المدربين الشباب وإنما هو واقع فرضته دراسات وبحوث تؤكد أن تلك الفئات العمرية تكون أكثر استجابة وثقة مع الخبرات المعروفة، وبالمقابل فإن هناك من المدربين من يمتلكون صفات ومهارات لها القدرة على برمجة فكر اللاعبين طبقاً للاسلوب والتكتيك المعتمد والذي يتناسب مع الجوانب الفنية والبدنية لهم.
لا اعتقد أن التجارب السابقة والناجحة هي غائبة عن اتحاد الكرة ولجنة والمنتخبات عندما كانت هناك اسماء تدريبية كبيرة هي من تولّتْ إعداد منتخبات الناشئين ولم تتردّد يوماً في قبول المهمة برغم إنها أمضت سنوات في قيادة المنتخب الوطني ولم تعتبر ذلك ثلمة في سجلها التدريبي، بل العكس صحيح فهي تفتخر بقدرتها علي البناء واكتشاف المواهب أكثر من نجاحها مع الكبار، فتجربة الراحل عمو بابا مع منتخب الناشئين عام 2000 وتقديمه لنجوم مثل نشأت اكرم ونور صبري، وكذلك فعل المدرب انور جسام في آسيا للشباب قطر 1988ومونديال الشباب بالسعودية 1989مع عماد هاشم وراضي شنيشل ورياض عبدالعباس وليث حسين، تجارب تاريخية مثل هذه لابد أن تصبح محطة يتوقف عندها الاتحاد ليعيد حساباته ويتجه نحو تكرارها بالتفكير في ضرب عصفورين بحجر واحد من خلال اختيار أحد المدربين الكبار عمراً وخبرة ويرافقه مدربون شباب لمنحهم فرصة التدرّج والمعايشة العملية في كيفية إعداد وتأهيل الأعمار الصغيرة.
إن المرحلة القادمة تتطلب أن يتجه اهتمام اتحاد الكرة نحو تأسيس منتخب للمستقبل يكون نواة لنهضة الكرة العراقية وفق اعتماد آلية المحافظة عليه بالاستقرار والدعم المستمر ودقّة اختيار الملاك التدريبي الذي سيرسم ملامح أسلوب أدائه تصاعدياً مع التمسّك بنظام الترحيل الى المستوى الأعلى وصولاً الى المنتخب الوطني الأول وكل ذلك لا يأتي إلا من خلال منهاج علمي واسع وشامل يشخّص الأخطاء السابقة ويقدم الحلول ويقرر الخطوات الصحيحة بدقة والأهم أن يصل الاتحاد الى قناعة تامة بأن لا مستقبل مُبهر لكرة القدم العراقية إلا إذا أبدعنا في صناعة منتخب الناشئين!

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top