بعبارة أخرى: (شـواهـد) الـمـدربـين الأجـانـب!!

علي رياح 2019/03/04 12:00:00 ص

بعبارة أخرى: (شـواهـد) الـمـدربـين الأجـانـب!!

 علي رياح

ولا أعني بـ (الشـواهـد) جمع الشاهدة، إنما أقصد بها الحجر المستطيل الذي يوضع على القبور للتعريف بأصحابها المراحيم.. وبعد هذا المدخل أتساءل: لماذا يجب أن يفشل المدربون الأجانب في العراق؟!
والسؤال عمره نصف قرن بالتمام والكمال ، وقد طرحته الصحافة العراقية بعد الحملة التي تمّ شنها على المدرب اليوغسلافي كوكيزا بقصد تنحيته تمهيدا لقفزة مستعجلة لمدرب أو مدربين محليين للإشراف على المنتخب العراقي أو أي منتخب آخر يمثل العراق!
ما أشبه الليلة بالبارحة ، وكل بارحة في الزمن الكروي العراقي ، فنحن ساحة نفخر فيها بأننا قوى طاردة لأي مدرب أجنبي ابتداءً من أقلهم قدرة أو خبرة أو مكانة وصولاً إلى المدربين الكبار الذي ارتكبوا خطأ العمر بالمجيء إلى العراق، وعلى رأسهم البرازيلي زيكو الذي قال لي قبل سنتين في تايلاند : (عجزت في العراق عن تكرار القول إنكم بلد المواهب الكروية التي تتمناها أية دولة في المنطقة ، لكني عجزت دوماً عن فهم الدور الذي يؤديه اتحاد كرة القدم، خصوصاً في جزئية مهمة تتعلق بالمنتخب العراقي الأول)؟!
وأعود إلى السؤال ذاته ، لأردفه بسؤال ثان يحمل قدراً مماثلاً من المرارة ذاتها: هل يجب أن يكون الفشل (نتيجة حتمية) لعمل المدربين الأجانب في العراق؟ والسؤال قديم ومتوارث عبر الأجيال، لاسيما وإننا لم نتمكن حتى من الوقوف على أرضية صلبة تؤكد أننا في حالة اكتفاء محلي ذاتي وأن في إمكان واحد من مدربينا الوطنيين أن يحقق آمالنا الكاملة وينجز نجاحات لمشاريع واضحة وصريحة وكبرى من قبيل الوصول إلى نهائيات كأس العالم مرة ثانية!!
إذا كنا نملك كل هذه الخبرة والمكنة والقدرة المحلية، فلماذا نتجشم في كل مرة عناء البحث عن مدرب أجنبي، نأتي به إلى العراق، لنأتي بعد شهور قليلة على المتبقي من كرامته كإنسان لم يستطع لأن يعمل بحريته الكاملة وسط التداخلات والضغوط والمصالح وتقاطع الانتماءات التي تؤسس للقرار الكروي في العراق!
لست بهذا المقال ، معنياً بالدفاع عن المدرب ستريشكو كاتانيتش كما قد يتبادر إلى الذهن .. إنما أنا أؤشر حقيقة نعرفها جيداً ، لكننا نتعامى عنها في كل مرة، حتى صارت من (تقاليد) العمل الكروي في العراق إننا وبعد كل انتكاسة كروية للمنتخب على يد مدرب محلي، نستجيب لضغوط الشارع وخصوصا ممن يطالب بأن يكون (الأجنبي) هو الحل ، ثم نأتي بمدرب بعمر افتراضي معلن، قبل أن تعنّ علينا الفكرة القديمة المهيمنة وهي محاولة إبعاد المدرب بأي سبب أو أسلوب، لكي يفرغ الجو لوجه محلي آخر يتولى المهمة!
المدرب المحلي له قدراته، وله طموحاته، وله كل الاحترام .. ولكن هذا لا يعني أبداً تحويله إلى هراوة نشهرها في وجه المدرب الأجنبي وعيداً وتهديداً بالإزاحة السريعة، حتى لو نال نصف النجاح خلال شهور قليلة من العمل، في مقابل فشل الكثير من التجارب المحلية التي منحناها وقتاً أطول!
مهما منحني الرب الكريم من القدرة على الفهم أو محاولة الفهم، فإن ما استعصى عليَّ حقاً توجه اتحاد الكرة بشكل معلن – من الآن - نحو إنهاء العلاقة مع كاتانيتش في أيلول المقبل، موعد انتهاء السنة الأولى من عقده!
حقاً .. لا أفهم هذا التدبير الذي قد يرقى إلى التدمير .. ماذا في وسع الرجل خلال الزمن المتبقي غير عدّ الأيام والأسابيع لكي ينهي هذه الصفحة المريرة في حياته، بل ماذا ستمثل بطولة الصداقة الوشيكة أمام الأردن وسوريا في حساباته كإنسان لا يرى بارقة أمل مهما قدم لنا في هذه البطولة .. فمصير الرحيل لن يخطئه، سيحمل عصاه ويرحل كما فعلها كل المدربين الأجانب في كل الزمن العراقي الذي مضى؟!

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top