الشاعر صلاح حسن: مازال جيل الثمانينيات مهيمناً على الريادة الجديدة في العراق

الشاعر صلاح حسن: مازال جيل الثمانينيات مهيمناً على الريادة الجديدة في العراق

حاوره/ علاء المفرجي

فازت المجموعة الشعرية (بيت الحلزون) للشاعر المقيم في لندن، بجائزة الابداع التي تقيمها وزارة الثقافة, والشاعر صلاح حسن ولد في مدينة بابل عام 1960. تخرج في أكاديمية الفنون الجميلة قسم المسرح . ونشرت نصوصه في الصحف العراقية والعربية والهولندية والاسبانية . له أكثر من 30 مؤلفاً بين الشعر وقصائد للاطفال، والمسرح إضافة للترجمة .. ومن أعماله خمائل .. شعر للاطفال 1987 . وهي كتابه الأول اعقبه بالعديد من المؤلفات منها: (المحذوف في عدم اتضاح العبارة) .. قصيدة طويلة ..

(خارج ببوصلة عاطلة) .. شعر بالعربية والهولندية .. ومسرحية أيام الاسبوع الثمانية.. عربي / هولندي .. ومسرحية أوهام .. عربي / هولندي .. و(حياة مستعملة) مختارات شعرية بالاسبانية، و(حديقة في الجحيم) مختارات شعرية باللغة الفارسية و(رأس في كيس ) ديوان شعر، و(سعادة خطرة) مختارات شعرية للشاعر الهولندي كوبلاند. و تُرجِمت نصوص الشاعر صلاح حسن الى الانكليزية والفرنسية والالمانية والهولندية والفارسية والاسبانية والايطالية والكردية. حصل على عدد من الجوائز الأدبية منها جائزة دنيا الهولندية للشعر للعامين 1996 و 1998، وجائزة ناجي جواد الساعاتي لأدب الرحلات.. وأخيرا جازة الابداع عن (بيت الحلزون) مختارات شعرية. التقت به (المدى) وكان هذا الحوار:
 بعد جائزة جواد الساعاتي في أدب الرحلات وجائزة الإبداع الآن، ما الذي يمكن أن تضيفه الجوائز للشاعر أو للمبدع عموماً؟
- اعتقد إن أي جائزة هي بمثابة تكريم للمبدع في أي حقل معرفي أو ثقافي ، وبالنسبة للشاعر هي بمثابة اعتراف صريح بمنجزه الإبداعي خصوصاً إذا كان هذا الشاعر قد ترجمت نصوصه الى لغات عديدة دلالة على تأثيره على المتلقي المختلف وعلى ثقافته الأخرى . كانت جائزة أدب الرحلات التي فزت بها وباعتراف القائمين على الجائزة هي الوحيدة التي ينطبق عليها " أدب رحلات " لأن المخطوطة كانت وفية لأدب الرحلات كما تعلمناها من الرحالة القدماء مثل ابن بطوطة .
أما جائزة الإبداع وهي أرفع جائزة في العراق فأنها تعيد الى الشعر العراقي قيمته الحقيقية وأهميته على الصعيد العربي والعالمي وتشير مرة تلو الأخرى الى حداثة وأصالة هذا الشعر الذي جعل للعرب حداثتهم الخاصة بدءاً من السياب وحتى هذه اللحظة . بالنسبة لي شخصياً اعتبر هذه الجائزة بمثابة تكريم خاص وتقدير للمنجز الذي يمتد الى أربعين سنة من التجريب والإضافة الى كل المنجز الشعري العراقي .

 أول كتاب صدر لك كان مجموعة شعرية للاطفال، أما زال الطفل يسكن شعرك؟
- بالتأكيد مازال الطفل يتربع في لاوعيي الشعري وقد أصدرت قبل سنتين قصة مصورة للأطفال صدرت عن دار أصالة في بيروت ... إن روح الطفل لا تغادر حياة الشاعر مهما تقدم في العمر ، بل أحيانا تتسلل الى نصوصه دون أن يشعر بذلك . في مثل وضعي حيث عشت في المنفى طويلاً فأن العزلة والوحدة والغربة كثيرا ما تعيدني الى مراحل من طفولتي البائسة وتجعلني أتذكر حياتي مثل شريط سينمائي متكامل ، هذه الذكريات لم اكتبها كما هي بالفعل ، بل حاولت أن استثمرها من خلال اعدة صياغتها من جديد لكي تبدو سيرة متخيلة تتضمن الأحلام التي لم تتحقق في الواقع .

 أنت كتبت القصيدة والمسرح ومارست الترجمة هل هذه المنافذ تعد تجلياً لاستيعاب الحياة، أم حيرة في فهمها؟
- نعم كتبت المسرح الى جوار الشعر ، عندما اكتب للمسرح فهذا يعني أن الأفكار التي أريد أن أعبر عنها شعرياً لا تستوعبها القصيدة فألجأ الى المسرح لأنه يستطيع أن يستوعب أكبر قدر من الأفكار عبر الصور والحوار وتعدد الثيمات وتفكيكها وإعادة صياغتها لكي تكون واضحة أمام المشاهد . التكثيف في القصيدة يجعلها أحيانا تفتقد الى هذا الوضوح الذي يمنحه المسرح . بالنسبة للترجمة فهي باب جديد يفتح للمبدع لكي يكتشف عالماً جديداً مختلفاً يثري تجربته الخاصة ويجعله يطلع على ثقافة جديدة مختلفة تماما عن ثقافته ، فالترجمة ليست نقل كلام من لغة الى لغة ، بل هي تقوم بنقل ثقافة معينة الى ثقافة أخرى لكي تعرف الجمهور بهذه الثقافة التي كانت غريبة عليه . لقد قمت بترجمة انطولوجيا الشعر الهولندي المعاصر من اللغة الهولندية مباشرة لأن الشعر الهولندي لم يترجم الى العربية إلا عن طريق لغة ثالثة كالفرنسية والانكليزية وما ترجم منه الى العربية كان عبارة عن قصائد متفرقة وهذه هي المرة الأولى التي تظهر فيها هذه الانطولوجيا باللغة العربية . بعد ذلك ترجمت مختارات شعرية لأهم الشعراء الهولنديين مثل الشاعر روتخر كوبلاند والشاعرة يوديت هرسبيرغ وما زلت مشغولاً بترجمة شاعر هولندي آخر وقد انتهي من ترجمته في نهاية هذه السنة . الترجمة كما قلت في البداية هي نافذة جديدة للمبدع الذي يجيد الترجمة ولكنها تكون حيرة للذي لا يجيدها .

 خضت تجربة ترجمة أشعارك الى لغات أخرى، ما الذي اكتشفته من هذه التجربة عن الترجمة أو عن ترجمة الشعر؟
- ترجمت نصوصي الى لغات أوروبية وشرقية كثيرة وكنت عندما أشارك في المهرجانات العالمية للشعر انتظر ردود أفعال الجمهور وهو يستمع الى نصوصي المترجمة وكانت تجربة نصوصي الى الاسبانية مثيرة للغاية ، الترجمة التي قام الصديق محسن الرملي .. في كولومبيا استوقفني أكثر من رجل وامرأة بعد قراءة النصوص بالاسبانية وكانوا يسألوني : منذ متى وأنت تعيش في كولومبيا ؟ فكنت أقول لهم انني هنا منذ اسبوع وكانوا يتفاجؤون لأنهم كانوا يقولون لي " ولكنك تكتب عنا بطريقة رائعة فكيف استطعت أن تفعل ذلك " ؟ امرأة جاءتني وقالت لي بالحرف الواحد " عندما كنت تقرأ كان بدني يقشعر " . من هذه الطريقة عرفت إن الترجمة قد وصلت الى الجمهور .
حصل هذا أيضاً حين ترجمت نصوصي الى الانكليزية والى الهولندية والفارسية لأن الجمهور كان يشتري دواويني المترجمة ويطلب مني أن أوقعها . على العكس من ذلك حينما ترجمت الشعر الهولندي الى العربية اعترض علي بعض الهولنديين لأني ترجمت النصوص بشكل حر وكانوا يريدون مني أن أترجمها حرفيا ، لكنهم لا يعرفون أن هناك أشياء في الثقافة الهولندية غير موجودة في الثقافة العربية أو العكس والترجمة كما قلت هي نقل ثقافة ما الى ثقافة أخرى وليست نقل كلمات .

 الى أي حد انعكست سنوات المنفى والغربة في شعرك، وهل اسهم ذلك في توسيع آفاق ما كتبت؟
- نعم ساهم المنفى والغربة في توسيع الكثير من الآفاق في تجربتي الشعرية فهناك مات الرقيب لأول مرة وبدأت أشعر بحريتي الكاملة وأنا اكتب ولكن ليس دون ثمن ، فقد تطلب ذلك أن انخرط في المجتمع الجديد واكتساب ثقافته وتعلم لغته الوعرة ومعرفة تاريخه والإمكانية على الاندماج به تخلصاً من الصدمة الثقافية التي يعيشها أي مغترب جديد على أية ثقافة جديدة .
لقد منحني المجتمع الهولندي الفرصة وقد استغللتها أحسن استغلال وأصبحت شاعراً هولندياً واصدرت أربعة دواوين شعرية باللغة الهولندية واسمي موجود في انطولوجيا الشعر الهولندي ككل الشعراء وفزت بجائزتين شعريتين كان أول شاعر يفوز بهذه الجائزة هو الشاعر الاسباني الكبير روفائيل البرتي .

 ما الذي تراه، في ما يقال من أن الرواية أزاحت الشعر من مكانته لتتسيد هي ساحة الإبداع؟ والدليل ضخامة الانتاج الروائي في العراق في العقدين الاخيرين؟
- لن يكون هناك بديل للشعر فهو يدخل في كل الفنون والآداب وما يقال عن تسيّد الرواية وإزاحة الشعر جانباً هي مقولة وليست رأياً نقدياً خصوصاً في العراق وكل ما في القصة هي أن العراقيين خرجوا من وضع الدكتاتورية ولديهم الكثير من القصص التي لم يستطيعوا كتابتها في زمن الدكتاتور وقد اتيحت لهم الفرصة الآن لكتابة هذه القصص المرعبة التي عاشوها في زمن الدكتاتور . الحرية المفترضة في عراق اليوم تتيح للجميع الكتابة دون رقيب طالما هناك دور نشر تقبض من هؤلاء الكتاب أو الروائيين الذين ينشرون رواية كل ستة أشهر . من بين كل هذه الروايات التي صدرت وهي كثيرة حقا لن تجد روايات مهمة تزيد على عدد أصابع اليد الواحدة .

 وهل ما زال الشعر في العراق قادرا على الريادة؟
- ريادة الشعر كما تعرف بدأت من السياب وأنا اسميها الحداثة الاولى في الشعر العربي لكن الحداثة الثانية جاءت مع جيل الثمانينيات في العراق وقد كتب الكثير من الشعراء والنقاد العراقيين والعرب عن هذه المرحلة في الشعر العراقي ، لذلك مازال هذه الجيل مهيمناً على الريادة الجديدة في العراق لأننا نجد صدانا في ما يكتبه الشعراء الجدد ، بل إن الكثير منهم يقول ذلك سواء شفاهاً أم كتابة

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top