بعبارة أخرى: عبور الأسوار .. أم عبور الاختبار؟!

علي رياح 2019/03/18 12:00:00 ص

بعبارة أخرى: عبور الأسوار .. أم عبور الاختبار؟!

 علي رياح

أغلب الظن عندي أن أحداث الكلاسيكو ستذهب إلى طي الماضي أو طي النسيان .. لا فرق .. لأننا – ببساطة – قادرون في كل مرة على استيعاب الصدمات حتى العنيفة منها ، وتبسيطها بمرور الأيام بالرهان على ضعف الذاكرة ، ولا تعود مثل هذه القضايا الرياضية والاجتماعية والكبرى إلى واجهة الذاكرة والألسن إلا عندما يتكرر المشهد ونقف مرة أخرى عند حافة المأساة التي كادت تبتلع الجمعة كثيراً من أبنائنا!
كنت خلال مباراة الزوراء مع الوصل الإماراتي في كربلاء أسأل نفسي عن كثير من النقاط التي سجلها مراقب المباراة الهندي وكلها يتعلّق بالتنظيم ، في حين كان الكل هنا في العراق سعيداً بالفوز وسعيداً بالصورة الإيجابية الرائعة التي وصلت إلى العالم كله عبر شاشة الفضائيات؟!
كنت أقول : ماذا لو كان لدينا مثل هذا التوظيف الإيجابي للجمهور عندما نحتضن المزيد من المباريات الرسمية ، ومنها وفي مقدمتها بعض مبارياتنا في تصفيات كأس العالم؟!
لا شك أن مثل هذه الكثافة الجماهيرية التي تغمر الملعب ولا مقعداً فيه إلا ملأته ، ستفعل فعلها الإيجابي وستترك بالغ الأثر على أي فريق سنواجهه وستكون السلاح الأمضى الذي سنخوض به التصفيات بعد أن حرمنا سنوات عديدة من امتشاق هذا (الحق) وإشهاره في وجه الفرق القادمة الغريمة!
وإن هي إلا أربعة أيام لاحقة ، وتأتي كارثة الكلاسيكو ، لتجعل كثيراً من تصوراتي وهماً ، إذا سارت الأمور في كل مباراة غزيرة الجماهير على هذا النحو الذي لا تنظيم فيه سوى أن نترك الحبل على الغارب ، وسوى أن تتخلى الجهات المعنية عن واجبها ، وسوى أن نرمى بعد ذلك التهم ويبدأ التراشق في البرنامج المسائية ومن حولها ردود الأفعال العنيفة لدى الجمهور!
لا يجب أن نتصور أن خرقاً كهذا يمكن أن يمرّ على الفيفا أو الاتحاد الآسيوي لو أن المباراة أقيمت بالفعل وهي مباراة تدخل في الإطار الدولي الذي تتجاوز مسؤوليته اتحاد كرة القدم أو وزارة الشباب والرياضة أو متعهد بيع التذاكر على النحو الذي رأيناه!
أرجو بعد كتابة هذا المقال ، أن أقرأ شيئاً عن نتائج لجنة تقصي الحقائق والتي شكّلها وزير الشباب والرياضة.. أرجو ألا تكون الأطراف الثلاثة .. الوزارة واتحاد الكرة وقيادة عمليات بغداد أو حماية الملاعب قد أنهت أعمالها بالعهد (الإعلامي) على ألا تتكرر المأساة ، وأن نبدأ صفحة جديدة ، وأن نحذر الجميع من مغبة تكرار حادثة عبور الأسوار واجتياح الميدان!!
أرجو أن يتعدى ذلك إلى إظهار المتسبب الحقيقي في ما جرى من دون أن تأخذنا في قول الحق لومة لائم ، فالمسألة لا تتعلق بمباراة كبرى في كرة القدم ، إنما تدخل في إطار المجازفة بأرواح عشرات الآلاف من أرواح العراقيين الأبرياء الذين لا (ذنب) لهم سوى حبهم الجارف لكرة القدم ، وإنهم أرادوا أن يكونوا في الملعب متابعة ومشاهدة وتشجيعاً وهذا حق يجب أن تعمل الحكومة بالذات على تأمينه واستيعابه فوراً بالنظر إلى المآل الذي وصل إليه الملعب الدولي الوحيد في العاصمة بغداد ، وكيف أن مدرجات هذا الملعب تضيق منذ زمن بعيد عن استيعاب الأعداد المتزايدة من جمهورنا حتى في المباريات المحلية ، فكيف سيكون الحال لو أن رفع الحظر الدولي قد شمل بغداد وصارت تحتضن المباريات الخارجية أو الدولية!!
نحن في حاجة إلى إجابة حكومية شافية عن هذا السؤال : هل المطلوب أن نحقق في الكيفية التي تمّ فيها عبور الأسوار لتكون الحشود على حافة المأساة ، أم أن المطلوب أن نجتاز (الاختبار) برمته فنجد الحلول الجذرية الحاسمة التي تأخرت كثيراً كثيراً ، وفي طليعتها ملعب دولي جديد بطاقة استيعابية كبرى تدرأ عنا الكوارث؟!

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top