العمود الثامن: نوتردام والحدباء ومنفضة البطاط

علي حسين 2019/04/16 12:00:00 ص

العمود الثامن: نوتردام والحدباء ومنفضة البطاط

 علي حسين

منذ يوم أمس ورجال الأعمال في فرنسا يصطفون ليقدموا تبرعات سخية من أجل إعادة بناء كاتدرائية نوتردام التي تعرضت الى حريق هائل ، فيما الصحافة خرجت بمانشيت واحد " نوتردام نحبك" .. ستفاجأ عزيزي القارئ مثلي حين تعرف أن حجم التبرعات وصل الى ما يقارب الـ مليار دولار حتى لحظة كتابة هذه السطور .. من هم اصحاب التبرعات الضخمة هذه ؟ إنهم رجال أعمال حققوا الثروات الهائلة من خلال عملهم واجتهادهم ، وليس من خلال علاقتهم بالدولة أو عن طريق استيراد أجهزة كشف " الشامبو " أو عمولات صفقات لأسلحة منتهية الصلاحية ، أو تحويل أموال النازحين الى جيبوبهم الخاصة ، سبع شركات كبرى تتبرع بما يقارب المليار دولار ، في الوقت الذي نهب فيه تجار حكومة المالكي مئات المليارات في صفقات تجارية منتهية الصلاحية .. ربما يقول قارئ عزيز يارجل ، هذه شعوب تحب تراثها الوطني ، والكاتدرائية التي احترقت عمرها أكثر من 850 عاماً .. نعم ياعزيزي إنها تراث وطني ، ولكن دعني أسأل سؤالاً بريئاً : لماذا وجدنا في هذه البلاد التي يعيش فيها مئات المسؤولين " المقدّسين " وجدنا من يسخر ويشمت في حجارة منارة الحدباء ، التي يبلغ عمرها أيضا 849 عاماً بالتمام والكمال .
بعكس الأرقام القياسية التي دخل بها ساستنا "المتدينون" الى تاريخ النهب المنظم من أوسع أبوابه ، نقرأ الاخبار التي تقول إن "الكافرة" سلمى حايك وزوجها تبرعا بمئة مليون يورو ، وإن عائلة "الراسمالي " أرنو تبرعت بمئتي مليون يورو عدّاً ونقداً ، ومثلها دفعته العائلة التي تملك شركة لوريال ، وهذه العوائل بالتاكيد تستنسخ تجربة مليارديريينا الجدد من أمثال عصام الأسدي وفاضل الدباس ومثنى السامرائي وعائلة الكربولي وحمد الموسوي ومتعهد الصفقات علي الدباغ الذين استطاعوا بنجاح أن يحوّلوا ثروات البلاد الى جيوبهم وجيوب الساسة الذين سهّلوا لهم تجارة النهب .
يحاول أغنياء فرنسا إعادة بناء تراثهم الوطني ، في الوقت الذي ينتظر العراق أن تمدّ دول العالم يد المساعدة لإعالدة إعمار بيوت الناس التي تهدمت في الموصل والأنبار ، تكتب الممثلة سلمى حايك على موقع تويتر :" إنه لأمر ملهم أن نرى قوة فرنسا وروحها، وأن نتحد من أجل إعادة بناء تراثها". فيما يكتب ساستنا كل يوم عبارات كوميدية عن التغيير ورفض التدخل الخارجي والمؤامرة الكونية، وإزالة العراق القديم عن الخارطة، وإنشاء عراق جديد من 328 محافظة تسمى كل واحدة باسم نائب، كما يتمنى ويشتهي وائق البطاط الذي ابتكر تجارة جديدة تحويل رؤوس العراقيين الى منافض للسجائر .

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top