فوزي كريم صاحب الفضائل الموسيقية

فوزي كريم صاحب الفضائل الموسيقية

ثائر صالح

انسلت اللحظة الشعرية من بين يدينا كتسرّب الماء، فقد غادرنا فجر الجمعة الماضية الشاعر والناقد فوزي كريم إثر أزمة قلبية حادة. رحيل مؤلم لصديق قديم، وخسارة فادحة أصابتنا جميعاً.
أقول صديق قديم، فقد تعرفت عليه في بغداد قبل أكثر من أربعين عاماً، في بيت استاذي الأديب الراحل عبد الغني الخليلي، حيث تعرفت الى جانب فوزي على عشرات من الشعراء والكتاب والفنانين والأكاديميين. التقيته مرّات بعدها، حتى أنني زرت البيت المستأجر الذي شاركه سوية مع صديقين في كرادة مريم قرب قاعة الخلد (وقصة هذا البيت تجدونها في ليلة الكابوس من "مراعي الصبار" دار المدى 2015). في الحقيقة يكبرني فوزي بعقد ونصف من السنين، رغم ذلك الفارق أحسست بأن محاولاتي الصحفية الأولى، خاصة فيما يتعلق بالموسيقى، أثارت اهتمامه. ولا أنسى دهشته عندما علم بأننا، أصدقائي وأنا، مهتمون بالموسيقى بشكل جاد.
غادرنا العراق، هو الى لندن وأنا الى بودابست. لم نلتق بعدها إلا بين فترات متباعدة، لكني كنت أشعر دوماً بمشاعر صداقة غير مفتعلة، غير متكلفة. التقيته بعد سنوات طويلة في لندن صيف سنة 2002، حيث أمضينا نهاراً سوية. أخذني الى مكتباته الأثيرة لأشتري بعض الكتب، والى محال بيع التسجيلات الموسيقية فاشتريت تسجيل أعمال باخ الكاملة على الأورغن.
من اللقاءات التي لا تنسى زيارته لبودابست في 2013 في صحبة الناشر الصديق خالد الناصري والروائي الراحل هاشم العقابي، وقضينا أياما جميلة برفقة الصديقة اعتقال الطائي. ثم التقيته في مالمو قبل سنتين بمناسبة معرض الكتاب الأول فيها عندما أمضينا سوية الكثير من الوقت نحن الغرباء في هذه المدينة لنتحدث عن الموسيقى والأدب ومختلف الشؤون.
فوزي كريم مدّ المكتبة العربية بالكثير من الكتب الهامة في موضوع الموسيقى والنقد والتذوق الفني، مثل الموسيقى والتصوف، الموسيقى والرسم، الموسيقى والفلسفة، وقبلها الفضائل الموسيقية. كتاباته في أعمدته النقدية في الصحف المختلفة، وأشهرها ثياب الامبراطور، تعكس نظرته الثاقبة لجوهر الموسيقى والشعر والفنون وجدواها، عمقها الإنساني.
وداعاً فوزي كريم.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top