في سبق صحفي تاريخي لـ(المدى): جلال حمدي أول صحفي عراقي كتب نقداً عن المباريات

في سبق صحفي تاريخي لـ(المدى): جلال حمدي أول صحفي عراقي كتب نقداً عن المباريات

بعد أن تحدثت عن شروط المشاركة في بطولة كأس الأمير غازي لموسم ١٩٣٢ - ١٩٣٣ التي نشرتها الصحف الصادرة يوم ١٤ تشرين الأول ١٩٣٢، أقول: إن الموسم الذي أتحدث عنه في هذه الحلقة كان نموذجياً في كل مفرداته بالنسبة إلى فريق القوة الجوية حديث التأسيس الذي قوي عوده وكسب أكثر من لاعب جيد لينضم بين صفوفه حتى إن الجويين أوقفوا زحف بقية الفرق المتسيدة على حمل كؤوس البطولات بما فيها اللاسلكي الذي كان يمثل فريق الصدارة في العراق.

 
انطلقت منافسات بطولة الأمير غازي في تشرين الثاني من عام ١٩٣٢ في دورته الثانية من دون تواجد أي لاعب أجنبي بمشاركة فرق : المدرسة الغربية ،القوة الجوية ،المدرسة الحربية الملكية ، الشرطة ،اللاسلكي ،الاتحاد ،الكرخ ،دار المعلمين ، الرشاشات ، الشرقية ، الجديد ، الصناعة ، كتيبة الهاشمي وفريق الابطال.
وعند نهاية العام انتهى الدور الثاني من السحبة في حين انطلقت مباريات الدور الثالث في 5 كانون الثاني عام ١٩٣٣ حسب جدول المباريات الآتي : 
- الاتحاد ضد الكرخ على ساحة الكشافة بتحكيم أكرم فهمي 
- دار المعلمين ضد الرشاشات على ساحة اللاسلكي بتحكيم قدري الارضروملي 
- الطيران ضد الحربية على ملعب الشرطة بتحكيم مظفر احمد
- الشرقية بمواجهة الجديد على ملعب الشرطة بتحكيم عبد اللطيف قدري 
- الصناعة ضد الشرطة على ساحة اللاسلكي بتحكيم حسن الخطيب 
- كتيبة الهاشمي ضد اللاسلكي على ملعب الكشافة بتحكيم مظفر احمد 
- أما الهيئة التي كلفت بالإشراف على سير المباريات فقد تألفت من : 
حميد رأفة ، السيد عبد المطلب ، الملازم مكي ، عوني بكر صدقي ومجيد البشري أما ابرز نتائج الدور الثاني فقد كانت : 
تعادل اللاسلكي والشرطة بهدف سجل للاسلكي قدوري كافر عصمان وللشرطة عبد عبطو في الدقيقة الاخيرة من المباراة كما جاء في جريدة الاستقلال ليوم ٢٨ كانون الاول عام ١٩٣٢ ، كما فاز الاتحاد على الحربية بهدف في المباراة التي جرت على ملعب الكرنتينة وحكمها مظفر احمد وسجل هدف الفوز اللاعب تيتم وبرز في تلك المباراة باقرة وكاظم عبادي وحسن مصطفى وأشير إلى أن الحكم لم يكن موفقاً وارتدى ملابسه الاعتيادية أثناء قيادته للمباراة ولم يتابع الكرة فحصلت أخطاء كثيرة أثرت على سير المباراة (المصدر السابق). 
تعادل الجديد مع الشرطة بهدف وجرت المباراة على ساحة اللاسلكي وقادها قدري الارضروملي الذي لم يكن موفقاً على الإطلاق لأنه هو الآخر كان يرتدي بنطروناً اسوداً مع كامل قيافته الأنيقة وكتب جلال حمدي في جريدة الاستقلال ليوم ٢ كانون الثاني ١٩٣٣ يقول ناقداً الحكم ( إن الحكم كان يخاف من تطاير ذرات التراب حتى لا تتوسخ ملابسه ولذلك فقد كان بعيداً عن جداً عن الكرة وكان يراقب المباراة وهو في مكانه وكان الجمهور يصرخ منبهاً إياه إلى الأخطاء) وفي تلك المباراة سجل اللاعب شناوة هدف الشرطة في حين سجل خليل سيلان هدف التعادل للجديد.ومن المباريات المثيرة التي شهدها ملعب الكرنتينة هي فوز الطيران على الشرطة بهدف بعد أن اخطأ مدافع الشرطة في الدقيقة ١٥ في إبعاد الكرة عن مرماه فضربها قوية داخل الشباك لتسجل هدف الطيران الوحيد.
وحصل هرج ومرج أثناء المباراة بسبب ضعف التحكيم حيث لامست الكرة يد احد لاعبي الطيران قرب مرماه ورأى الجميع الحادثة باستثناء الحكم السيد عبد اللطيف قدري الذي تغاضى عن احتساب ركلة جزاء فصرخ الجمهور واللاعبون، فما كان من الجناح الأيمن للشرطة إلا أن صرخ هاند بول فلما سمعه الحكم غضب وصرخ بوجه اللاعب وأمره بترك الساحة، ففعل (جلال حمدي، الاستقلال الرابع من كانون الثاني ١٩٣٣). 
وإضافة إلى ما تقدم فقد كتب جلال حمدي يقول إن الساحة لم تكن منظمة بشكل كافٍ ولم تكن مخططة والحكم أدار المباراة بملابسه الاعتيادية وكان بعيداً جداً عن الكرة والشباك لم توضع على الأهداف في الشوط الأول ، مع وجود فضلات الخيل على أرضية الساحة مع مرور أصحاب الدراجات عليها .
طرائف الكرة أيام زمان 
ومن الأحداث الطريفة التي كتبها المحرر جلال حمدي التي جرت في مباراة الحربية وفريق الأشبال وانتهت بفوز الحربية بهدفين مقابل لاشيء هي أن رئيس فريق الحربية كان أقدم الجميع في الرتبة العسكرية وكان الآمر الناهي في الملعب حيث كان يلعب بمركز قلب الهجوم وكان يغضب إذا لم يناوله احد الكرة ولذلك فقد أثر الأمر على نتيجة المباراة خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي.
وأضاف جلال حمدي يقول: ( يارئيس الفريق هذه ليست ساحة تدريب عسكرين، بل ساحة لعب لا فرق بين تلميذ ومدرس ولا ترهب تلاميذك بصرخاتك المتوالية دعهم يلعبون بحريتهم فان معظم أسباب عدم نجاح فريقك في بعض المباريات راجع لاستبدادك بالكرة وتعويدك اللاعبين على توجيه الكرة إليك دائماً) الاستقلال التاسع من كانون الثاني ١٩٣٣ .
وانا شخصياً اعد تلك المباراة هي البداية التاريخية لانطلاقة النقد الكروي في الصحف العراقية بشخص المرحوم الدكتور جلال حمدي الذي ربطتني به في آخر أيامه علاقة حميمة عندما كنت أزوره في عيادته في شارع الرشيد مقابل مقام الإمام أبو شيبة وكان متخصصاً في طب الأنف والإذن والحنجرة ولم يبخل عليّ رحمه الله بالصور والمعلومات والأخبار والوثائق وكان كروياً متابعاً حتى تلك الفترة من حياته ، وأضيف هنا فأقول إن جلال حمدي وبسبب معرفته باللغات الانكليزية والتركية والفرنسية كان متابعاً جيداً لما يدور في الساحات العالمية وهو أول صحفي عراقي رياضي متكامل، بل أعده بعد أن اطلعت على كتاباته وطريقة نقده ونقله لوصف المباريات وتطلعاته الأنيقة أفضل من الكثيرين من محرري الصفحات الرياضية في الوقت الحاضر، فهو رجل سبق الزمن بأكثر من ثلاثة أرباع القرن شأنه في ذلك شأن العديدين من الشخصيات الذين عاشوا تلك المرحلة.
كأس غازي ومشاكل التحكيم 
التحكيم مشكلة برزت خلال بطولة الأمير غازي كان لها مردودات سلبية أثرت بشكل أو بآخر على نتائج المباريات وحتى على حضور الجماهير وكان لغياب الانكليز عن البطولة دورهم المؤثر لأنهم كانوا يشاركون في قيادة المباريات والإشراف عليها سابقاً أما في بطولة غازي فقد كان كل شيء عراقياً خالصاً من دون أي اثر للانكليز.
- ويمكن للقارىء أن يتصور كيف كان عليه حال التحكيم للعبة لم يتهيأ حكامها في دورات تدريبية أو وفق أسلوب علمي وتحضيري أو دراسي لمواد القانون وتطبيقاتها ناهيك إلى عدم الالتفات إلى أهمية لياقة الحكم البدنية والتركيز على تدريب الذهن والمتابعة ناهيك إلى عدم التحيّز وما غير ذلك من أمور التحكيم المتعارف عليها حالياً ، بمعنى آخر أقول واثبت للتاريخ أن التحكيم حتى نهاية عام ١٩٣٢ في لعبة كرة القدم في العراق كان بعضاً من المؤشرات السلبية التي أخرت تطور اللعبة وكذلك الحال كان مع التدريب وهذا ما سأفرد له فصلاً خاصاً مستقبلاً.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top