بغداد/ تميم الحسن
تتجه البلاد – على الأرجح – نحو جلسة برلمانية في نهاية الشهر الحالي من دون حسم أيٍّ من الرئاسات الثلاث، في مشهد يعيد إلى الأذهان انسداد عام 2022 حين دخلت العملية الدستورية دوّامة تأجيل مفتوحة.
حتى الآن، لم تنجح القوى السنية في الاتفاق على مرشح لرئاسة البرلمان، وهو المنصب الذي يُفترض أن يفتح السلسلة الدستورية المؤدية إلى تشكيل الحكومة، قبل الانتقال إلى استحقاق رئاسة الجمهورية.
على الضفة الأخرى، لم ينجز الأكراد بعد اجتماعاً حاسماً بشأن منصب رئاسة الجمهورية، الثاني في الترتيب الدستوري، والأكثر تعقيداً بفعل شروط المحكمة الاتحادية التي حوّلت المنصب إلى عقدة سياسية وقانونية مزدوجة.
أما داخل البيت الشيعي، فتلوح أزمة أشدّ تعقيداً. فتمرير رئيس البرلمان يتطلب انتخاب نائبيه معاً، أحدهما سيكون حُكماً من حصة «الإطار التنسيقي»، وهو تحالف لم يتقدّم حتى الآن خطوة حاسمة في ملف تسمية رئيس الوزراء أو حسم بقية المناصب العليا.
الاستحقاق الأول بلا توافق حتى الآن
ووفق التوقيتات الدستورية، دعا الرئيس عبد اللطيف جمال رشيد، يوم الثلاثاء الماضي، البرلمان الجديد إلى عقد جلسته الأولى في 29 كانون الأول الحالي، بعد يومين فقط من مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات. غير أن الدعوة، بدلاً من أن تفتح باب الحسم، أعادت تسليط الضوء على حجم التعقيد الذي يسبق الجلسة المرتقبة.
تقول مصادر سياسية مطلعة إن القوى السنية لم تتمكن، حتى الآن، من حسم اسم مرشحها لرئاسة البرلمان، وهو المنصب الأهم بالنسبة لمكوّن يمتلك أكثر من 70 مقعداً نيابياً. وفي الكواليس، يجري تداول ثلاثة أسماء: رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، زعيم تحالف «تقدم»، ومثنى السامرائي، زعيم تحالف «عزم»، إضافة إلى زياد الجنابي، النائب المنشق عن الحلبوسي، كخيار ثالث أقل حظاً.
ورغم عقد القوى السنية ثلاث جلسات منذ إعلانها، الشهر الماضي، تشكيل «المجلس السياسي الوطني» – على غرار «الإطار التنسيقي» الشيعي – بهدف توحيد الموقف وحسم المنصب، لم يصدر حتى الآن أي إعلان رسمي يشير إلى توافق نهائي.
وبحسب المصادر نفسها، فإن تمرير أي اسم لرئاسة البرلمان لن يكون ممكناً من دون موافقة «الإطار التنسيقي» والقوى الكردية معاً. ويزداد هذا الشرط تعقيداً في ظل تحفظات كردية، خصوصاً داخل الحزب الديمقراطي الكردستاني، على عودة الحلبوسي إلى المنصب، وهي تحفظات قد تعرقل تسريع التسوية.
تعود جذور هذه التحفظات إلى أواخر عام 2023، حين أُلغيت عضوية الحلبوسي من رئاسة البرلمان على خلفية ما عُرف بـ«قضية التزوير». في تلك المرحلة، أطلق الحلبوسي سلسلة مواقف حادة تجاه إقليم كردستان، قبل أن يلمّح لاحقاً إلى إمكانية مطالبة القوى السنية بمنصب رئاسة الجمهورية، وهو الموقع الذي يشغله الأكراد عرفاً منذ عام 2003.
في المقابل، تحرك منافسو الحلبوسي سريعاً باتجاه أربيل، وعقدوا لقاءات مباشرة مع مسعود بارزاني، زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، في محاولة لكسب دعم مبكر. ولم يُسجَّل، حتى الآن، لقاء مماثل للحلبوسي، رغم تسريبات تحدثت عن مساعٍ غير معلنة لترميم العلاقة بين الجانبين.
وعلى الضفة الأخرى من المشهد، يبدو الحلبوسي معتمداً على شبكة علاقاته المتنامية مع قوى شيعية نافذة. فقد كثّف تواصله خلال الفترة الأخيرة مع قيس الخزعلي، زعيم «عصائب أهل الحق»، وهادي العامري، زعيم «منظمة بدر»، وصولاً إلى محمد شياع السوداني، رئيس الحكومة المنتهية ولايته، في محاولة لتعويض الفتور الكردي بدعم شيعي.
«سيناريوهات» مألوفة
وفق الإطار الدستوري، يُفترض أن تفتح دعوة رئيس الجمهورية إلى الجلسة الأولى للبرلمان مساراً واضحاً لتشكيل السلطة. فالمادة 54 من الدستور تحدد مهلة 15 يوماً من تاريخ مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات لعقد الجلسة الأولى، على أن يتم خلالها، بحسب المادة 55، انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه.
وهنا تبرز عقدتان أساسيتان. الأولى تتعلق باحتمال عجز القوى السنية عن حسم مرشح واحد لرئاسة البرلمان، ما يعني دخول الجلسة بأكثر من اسم متنافس، وربما مرشحين اثنين على الأقل. أما العقدة الثانية فتتصل بهوية نائبي رئيس المجلس، وهو ملف لا يقل تعقيداً عن منصب الرئيس نفسه.
السيناريو الأول ليس جديداً على الحياة السياسية العراقية. فقد اختبره البرلمان والقوى السنية تحديداً بعد إبعاد محمد الحلبوسي من رئاسة المجلس أواخر عام 2023، حين بقي المنصب شاغراً قرابة عام كامل بفعل الخلافات الداخلية وتدخلات «الإطار التنسيقي»، قبل أن يُحسم أخيراً باختيار محمود المشهداني في نهاية أيلول 2024.
أما العقدة الثانية، فقد كانت الشرارة التي فجّرت واحدة من أكبر أزمات ما بعد انتخابات 2021. حينها، نجح «التحالف الثلاثي» – الذي ضم التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، وتحالف «تقدم»، والحزب الديمقراطي الكردستاني – في تمرير الحلبوسي رئيساً للبرلمان بعد نحو شهرين من الانتخابات، مع حاكم الزاملي، عن التيار الصدري، نائباً أول، وشاخوان عبد الله عن الحزب الديمقراطي نائباً ثانياً.
تلك الجلسة سبقتها فوضى سياسية وإعلامية، بعدما ادعى محمود المشهداني، الذي أدار الجلسة بصفته «رئيس السن»، أنه تعرض للضرب من قبل نواب صدريين، قبل أن يتراجع لاحقاً ويقرّ بأن الحادثة لم تقع، وأنه اختلقها عمداً لتعطيل الجلسة، في لحظة كان الصدريون يستعدون فيها لتقديم طلب رسمي يثبت كونهم «الكتلة الأكبر» من دون بقية القوى الشيعية.
هذا الموقف، وفق مراقبين، خدم المشهداني سياسياً، إذ عاد بعد ثلاث سنوات إلى رئاسة البرلمان بدعم مباشر من «الإطار التنسيقي»، ولا سيما جناح نوري المالكي، زعيم ائتلاف «دولة القانون»، في ما عُدّ مكافأة متأخرة على دوره في تلك الجلسة.
اليوم، تعود الأسئلة نفسها بصيغة أكثر تعقيداً. فـ«الإطار التنسيقي»، الذي أعلن الشهر الماضي أنه يشكل الكتلة الأكبر داخل البرلمان، سيكون مطالباً بحسم اسم نائب رئيس البرلمان هذه المرة. وتشير التوقعات إلى أن منصبي النائبين سيتقاسمان، بحكم العرف السياسي، بين المكونين الشيعي والكردي.
غير أن اختيار النائب الأول لا يبدو معزولاً عن ملف رئاسة الحكومة. إذ يُتداول اسم وزير العمل أحمد الأسدي كأحد المرشحين المحتملين للمنصب، لكن تمرير هذا الخيار يفترض أولاً حسم اسم رئيس الوزراء، في ظل عرف سياسي بأن الكتلة التي تؤول إليها رئاسة الحكومة لن تشغل في الوقت نفسه موقع نائب رئيس البرلمان، وهو ما قد يضيف تعقيداً جديداً إلى الجلسة الأولى.
وبحسب القواعد الدستورية، يتولى رئاسة الجلسة الأولى «أكبر الأعضاء سناً»، وهو في هذه الدورة النائب عن محافظة البصرة عامر الفايز، وفق بيانات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات. وبعد انتخاب رئيس البرلمان ونائبيه في الجلسة نفسها، يمنح الدستور المجلس مهلة لا تتجاوز 30 يوماً لانتخاب رئيس الجمهورية، وفق المادة 72، وبأغلبية الثلثين (220 نائباً) استناداً إلى تفسير المحكمة الاتحادية. وهي المرحلة التي توصف بأنها الأصعب في ظل الانقسامات الحادة داخل المشهد السياسي.
حتى الآن، لا تبدو القوى الكردية الرئيسية – الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني – قريبة من تجاوز خلافاتها. فرغم استئناف الاتصالات بين الطرفين قبل أيام، لم تفضِ الاجتماعات إلى نتائج واضحة، ما يبقي استحقاق رئاسة الجمهورية معلقاً بدوره.
استمرار «الإطار» يخفف فرص المفاجآت
بدوره، يعلّق إحسان الشمري، الأكاديمي ورئيس مركز التفكير السياسي العراقي، على السيناريوهات المتوقعة للجلسة الأولى للبرلمان، قائلاً إن عودة ائتلاف «الإعمار والتنمية» الذي يتزعمه السوداني إلى «الإطار التنسيقي» تشير بوضوح إلى غياب أي مفاجآت محتملة في المشهد السياسي.
ويوضح الشمري لـ«المدى» أن استمرار ائتلاف السوداني داخل مظلة «الإطار التنسيقي»، بدلاً من المضي في مسار حوارات قد تقود إلى تحالفات عابرة للمكونات التقليدية، أغلق الباب أمام سيناريوهات غير متوقعة.
ويضيف أن وجود نحو 105 نواب محسوبين على الفصائل المسلحة، والذين يشكلون الركيزة الأساسية للإطار، لا يوحي بإمكانية تفككه بوصفه الكتلة الأكبر داخل البرلمان، نظراً لالتزام هؤلاء بمظلته السياسية، وتفضيلهم البقاء ضمن هذا الإطار على الدخول في تحالفات تتعارض مع مرتكزاتهم العقائدية أو السياسية.
ويشير الشمري إلى أن تشكيل «المجلس السياسي الوطني» السني، إلى جانب استمرار طاولة المفاوضات بين الحزبين الكرديين الرئيسيين، الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني، يعكس استمرار ما يسميه «البيوتات السياسية» ذاتها التي حكمت المراحل السابقة.
كما يلفت إلى أن القوى السنية والكردية لا تبدو راغبة في العودة إلى سيناريوهات المواجهة السياسية أو الأمنية، على غرار ما حدث عام 2022 عند تشكيل «التحالف الثلاثي»، إذ لا تبدو هذه القوى مستعدة اليوم لدفع أثمان تحالفات عابرة للأعراف السياسية السائدة.
النقاشات حول نواب الرئيس
وفي هذا السياق، يرى الشمري أن «المجلس السياسي الوطني» السني يحقق تقدماً نسبياً مقارنة ببقية القوى، سواء داخل «الإطار التنسيقي» أو على مستوى الأحزاب الكردية، مرجعاً ذلك إلى إدراك هذه القوى أن منصب رئيس مجلس النواب يمثل الاستحقاق الأول، وأن حسمه السريع بات ضرورة سياسية.
ويضيف أن «حصر التفاهمات داخل البيت السني، والوصول حتى الآن إلى اسمين فقط لمنصب رئاسة البرلمان، يعطي مؤشراً على إمكانية انتخاب رئيس للمجلس في الجلسة الأولى». غير أن الإشكالية الحقيقية، بحسب الشمري، لا تكمن في منصب الرئيس بقدر ما تتعلق بمنصب النائب الأول، فيما قد يذهب منصب النائب الثاني مجدداً إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني، كما حدث في الدورة السابقة.
ويحذّر الشمري من أن عدم حسم «الإطار التنسيقي» لخياراته الداخلية بشأن منصب النائب الأول قد يؤدي إلى تأخير عملية الاختيار، رغم أن تدخل مجلس القضاء في ملف التوقيتات الدستورية يشكل عاملاً ضاغطاً، ليس فقط على انتخاب رئيس البرلمان، بل أيضاً على استحقاق رئاسة الجمهورية.
ولا يستبعد الشمري الدخول إلى الجلسة الأولى بأكثر من مرشح لرئاسة البرلمان، مؤكداً أن ذلك لا يعني بالضرورة غياب الإجماع، بقدر ما يعكس اختلافاً في وجهات النظر داخل المكون الواحد. ويرجّح في الوقت نفسه إمكانية انتخاب رئيس للبرلمان في الجلسة الأولى، لكنه يشير إلى أن عدم حسم بقية الاستحقاقات قد يجعل سيناريو «الجلسة المفتوحة» هو الأقرب.
ويخلص الشمري إلى أن تجاوز المدد الدستورية في ما يتعلق بعقد الجلسة الأولى لا يترتب عليه أثر دستوري مباشر، إلا أن عدم انتخاب رئيس للبرلمان قد يفتح الباب أمام أزمة سياسية كبيرة. وفي هذه الحالة، قد تلجأ بعض القوى السنية إلى عقد تفاهمات وصفقات مع قوى أخرى، لكن دون أن يخلخل البنية التقليدية للتحالفات السياسية، وهو سيناريو يظل وارداً، وإن كان محفوفاً بالمخاطر.
بغداد / المدى
أكّد البنك المركزي العراقي، أمس الأربعاء، أن انخفاض أسعار النفط وسحب السيولة من الأسواق يُعدّان من أبرز العوامل التي تؤثر سلبًا على احتياطيات العراق من العملة الصعبة، في وقت تواجه فيه المالية العامة ضغوطًا متزايدة تتعلق بالإنفاق العام، ولا سيما الرواتب والإعانات والخدمات الأساسية.
وقال البنك في تقريرٍ له، إن «احتياطيات العراق ترتبط بشكل وثيق بحجم الإيرادات النفطية، ما يجعلها عرضة للتقلبات في أسعار النفط العالمية، كما أن التعقيم النقدي الذي يقوم به البنك المركزي لسحب السيولة من السوق يؤثر سلبًا، لما يتطلبه من توظيف للاحتياطيات الأجنبية».
وأضاف أن «أسعار النفط تراجعت من 81 دولارًا للفصل الثاني من عام 2024 إلى 69 دولارًا للفصل ذاته من عام 2025، ما أدى إلى انخفاض الاحتياطيات من 142.69 تريليون دينار إلى 126.16 تريليون دينار للفترة نفسها».
وأشار البنك إلى أن «قيام البنك المركزي بسحب السيولة النقدية من السوق بهدف الحفاظ على الاستقرار النقدي، أدى إلى ارتفاع المقبوضات النقدية، أي حصول البنك على الدينار مقابل بيع الدولار، من 18.37 تريليون دينار إلى 21.66 تريليون دينار للفترة ذاتها، وهو ما يعني زيادة مبيعات الدولار، فضلًا عن تأثير عجز الموازنة العامة في صافي الاحتياطيات الأجنبية».
وفي سياق متصل، تحدّث محافظ البنك المركزي العراقي، علي العلاق، عن الضغوط المتزايدة التي تواجه الإنفاق العام في العراق، ولا سيما ما يتعلق بالرواتب والإعانات والخدمات الأساسية، مشيرًا إلى أن تقليص هذا النوع من النفقات يواجه صعوبات كبيرة لما قد يترتب عليه من تداعيات اجتماعية حساسة.
وأوضح العلاق، خلال محاضرة تناولت تمويل التنمية في ظل أزمة الديون العالمية، وأُقيمت على هامش أعمال المؤتمر الإقليمي الخامس لمنتدى البركة للاقتصاد الإسلامي المنعقد في القاهرة، بالشراكة مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، أن الواقع الاقتصادي العراقي يواجه ضغوطًا مركّبة، تتداخل فيها تحديات البنية التحتية مع متطلبات التنمية، ما يفرض الحاجة إلى تنويع الاقتصاد وتعظيم الإيرادات العامة.
وبيّن أن المالية العامة في العراق تعتمد على تصدير النفط بنسبة تفوق 90 بالمئة، واصفًا هذا الاعتماد بالمصدر غير النمطي، لكونه خاضعًا لتقلبات الأسعار العالمية، الأمر الذي يؤدي إلى تذبذب الإيرادات وضعف الاستقرار المالي، ويجعل من الضروري البحث عن حلول هيكلية طويلة الأمد.
وأشار محافظ البنك المركزي إلى أن ضعف التنوع الاقتصادي ومحدودية القطاعات الإنتاجية حوّلا العراق إلى بلد مستورد بدرجة كبيرة، وهو ما يفرض ضغطًا دائمًا على الدولار وسعر الصرف، لا سيما مع ارتفاع القوة الشرائية وزيادة الطلب اليومي على العملة الأجنبية، موضحًا أن هذه العوامل تنعكس بشكل مباشر على السياسة النقدية.
وأكد العلاق أن السياسة النقدية العراقية حققت نجاحًا ملحوظًا في تحقيق التوازن بين الحفاظ على استقرار الأسعار، وإدارة السيولة، وتحفيز النشاط الاقتصادي، رغم الضغوط القائمة.
وفي ما يتعلق بالإنفاق العام، شدد على أن الرواتب والإعانات والخدمات الأساسية تمثل تحديًا إضافيًا، لافتًا إلى أن صعوبة خفض هذه النفقات تعود إلى آثارها الاجتماعية المحتملة، في وقت يحرص فيه البنك المركزي على تجنّب التضخم والحفاظ على الاستقرار النقدي، حمايةً للبنية الاجتماعية في البلاد.
وأضاف أن العراق استطاع خلال السنوات الأخيرة تمويل جزء من العجز المالي عبر تنمية الإيرادات غير النفطية، مع استمرار التنسيق مع رئيس مجلس الوزراء بهدف تعظيم هذه الموارد وتقليل الاعتماد على النفط، في محاولة للحد مما وصفه بـ«الهيمنة المالية» للإيرادات النفطية على الموازنة العامة.
وجدد محافظ البنك المركزي التأكيد على أن استقرار سعر الصرف يمثل هدفًا أساسيًا، لما يوفره من بيئة آمنة للمستثمرين والمواطنين على حد سواء، مشيرًا إلى أن العراق نجح في تعزيز حجم احتياطاته الأجنبية وربطها بحزمة من السياسات النقدية المتكاملة، أسهمت في خفض معدل التضخم إلى نحو 1 بالمئة، وهو من أدنى المستويات المسجلة.
ترجمة حامد أحمد
مع توديع العراقيين لبعثة الأمم المتحدة «يونامي» بعد انقضاء 20 عامًا من ولايتها في البلد، ينتظر العراقيون تشكيل حكومة جديدة وسط غموض من عدم اليقين ما يزال قائمًا، وبهذا الصدد يرى بطريرك الكلدان في العراق والعالم، الكاردينال لويس روفائيل الأول ساكو، بأن العراقيين ينتظرون ولادة عراق جديد قادر على تجاوز أزمات الماضي وإقامة دولة حديثة عبر الإصلاح والمصالحة، مشددًا على ضرورة ضمان سيادة القانون وأن يحمي الدستور حقوق الجميع وحرياتهم.
وجاء في تقرير لموقع Asia News الإيطالي أنه، على الرغم من أن البلاد نمت وأصبحت أكثر استقرارًا بعد أكثر من 20 عامًا وانتهاء تفويض عمل بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق «يونامي» واستعدادها لمغادرة العراق في 31 كانون الأول/ديسمبر، إلا أن قدرًا من عدم اليقين ما يزال قائمًا. فبعد انتخابات الشهر الماضي، ينتظر العراقيون تشكيل حكومة جديدة وسط غموض يكتنف فرص رئيس الوزراء الحالي في البقاء. وبحسب الكاردينال ساكو، فإن العراقيين ينتظرون «ولادة عراق جديد».
ويدخل البلد مرحلة من عدم اليقين ومفاوضات مكثفة بين مختلف الأطراف لضمان الاستقرار، وعلى الأقل من وجهة نظر رئيس الوزراء المنتهية ولايته، لضمان استمرارية العمل الحكومي.
وقد قدّم الكاردينال ساكو مؤخرًا رؤيته في هذا الشأن. فبرأيه، ينتظر العراقيون بشغف «ولادة عراق جديد» قادر على تجاوز أزمات الماضي، وفي مقدمتها العنف العرقي والطائفي الذي أنهك البلاد.
وأشار الكاردينال ساكو إلى أن العراقيين، ومنذ سقوط النظام السابق عام 2003، كانوا يتطلعون إلى قيام «عراق جديد آمن ومستقر وديمقراطي وذي سيادة، بنظام مدني يعامل جميع المواطنين على قدم المساواة».
لكنه يقول إن ما حصل بعد عام 2003 هو نظام حكم «مبني على المحاصصة الطائفية وتجمعات عشائرية»، مما أدى إلى فسح المجال لتنظيم داعش أن يستبيح البلد، وما قام به من فضائع دفعت الكثير من العراقيين إلى الهجرة.
واليوم، وبعد 22 عامًا من التجربة وانتخابات برلمانية جديدة، يحذّر الكاردينال ساكو من الحاجة إلى «موقف شجاع» لإقامة دولة حديثة عبر «الإصلاح والمصالحة». ولتحقيق هذا الهدف، من الضروري التدقيق في «التطورات الإقليمية والدولية المتسارعة»، وكذلك «توحيد الرؤى وتنسيق المواقف».
وشدّد البطريرك على أن «الأزمات لا تُحل بالقوة، بل بالانفتاح على الثقافة المعاصرة، ثقافة أكثر عقلانية وواقعية تهتم بالخدمات والمؤسسات الاجتماعية والثقافية والقانونية والاقتصادية، على غرار تلك الموجودة في الدول المتقدمة حول العالم، عبر الحوار والتفاهم والبحث عن القواسم المشتركة».
وشدّد البطريرك ساكو على أنه من أجل تحقيق ذلك، يتوجب ضمان «سيادة القانون» و«المسؤولية المدنية»، وأن يقوم الدستور بحماية «حقوق الجميع وحرياتهم».
من جانب آخر، يرى الكاردينال ساكو أن «تأخير تشكيل الحكومة لا يخدم مصلحة البلد»، مشيرًا إلى أنه من الضروري الإسراع في هذه العملية مع صون المصلحة العامة.
وقال إنه مطلوب من الحكومة الجديدة «أن تعكس تطلعات شعبها»، وتكون ذات سيادة وحازمة، «قادرة على استعادة رفاه العراق وهيبته»، وتسعى إلى «تطبيق العدالة والمساواة والنزاهة»، وقادرة على «معالجة الإخفاقات والأزمات».
في هذه الأثناء، صادقت المحكمة الاتحادية العليا العراقية، يوم الأحد، على نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت الشهر الماضي، مؤكدة أن حزب رئيس الوزراء المكلّف بتصريف الأعمال محمد شياع السوداني حصل على أكبر عدد من المقاعد، لكنه غير كافٍ لضمان ولاية ثانية من دون السعي إلى تحالفات مع قوى أخرى.
وحصل تحالف الإعمار والتنمية الذي يتزعمه السوداني على 46 مقعدًا من أصل 329. تاريخيًا، غالبًا ما فشلت الكتل الفائزة بأكبر عدد من المقاعد في فرض مرشحها، إذ يتم اختيار رئيس الوزراء بعد اتفاقات بين فصائل مختلفة.
وفاز ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي بـ29 مقعدًا، فيما حصل تحالف صادقون، بزعامة قائد حركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، على 28 مقعدًا، ونال الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، أحد الحزبين الكرديين الرئيسيين في العراق، 27 مقعدًا.
كما فاز حزب تقدم بزعامة رئيس مجلس النواب السابق محمد الحلبوسي بـ27 مقعدًا، ما يمهّد الطريق لعودة زعيمه أو، على الأقل، لاستعادة نفوذه في السياسة الوطنية.
وبشكل عام، حصدت التحالفات والقوائم الشيعية 187 مقعدًا، فيما نالت القوى السنية 77 مقعدًا، والأحزاب الكردية 56 مقعدًا، مع تخصيص تسعة مقاعد للأقليات.
وتولى السوداني رئاسة الحكومة عام 2022 بدعم من الإطار التنسيقي، إلا أنه من غير الواضح ما إذا كان هذا التحالف سيدعمه مجددًا أو ما إذا كان سيتمكن من الحصول على الأصوات اللازمة من جهات أخرى للبقاء في منصبه.
والمؤكد أنه، في غياب كتلة واحدة قادرة على تشكيل حكومة بمفردها، سيتعين على القادة السياسيين بدء مفاوضات لبناء ائتلاف حاكم.
وينص الدستور على أن يدعو رئيس الجمهورية البرلمان المنتخب حديثًا إلى الانعقاد خلال 15 يومًا من تاريخ مصادقة المحكمة على النتائج. ومن أولى المهام انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبين له بالاقتراع السري وبالأغلبية المطلقة.
ويؤدي رئيس البرلمان دورًا محوريًا في توجيه والتصديق على العملية التي تفضي إلى انتخاب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وتشكيل الحكومة.
وتنص المادة 76 من الدستور على أن يكلّف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة الأكثر عددًا بتشكيل الحكومة خلال 30 يومًا. وإذا أخفق، يتعين على الرئيس تكليف مرشح آخر.
عن Asia News الإيطالي
واسط / جبار بچاي
يشكو عدد كبير من العرسان الجدد من التقاليد التي ظهرت مؤخرًا، وأصبحت عرفًا اجتماعيًا سائدًا يستنزفهم ماديًا، رغم أنهم في بداية طريق الحياة الزوجية. وتبدأ هذه التقاليد مع مرحلة الخطوبة، أو ما يُعرف بـشية»، التي يقوم بها أهل الشاب الخاطب عند ذهابهم إلى منزل الفتاة لطلب يدها.
وبرزت في الآونة الأخيرة ظاهرة جديدة لا يُعرف على وجه الدقة متى وكيف ظهرت، أضافت تعقيدًا جديدًا على مجتمع العرسان، وتمثلت بنصب خيمة بيضاء مع كراسٍ باللون ذاته، وأرضية مفروشة بالسجادة الحمراء، إلى جانب تجهيزات أخرى أكثر كلفة، مثل الورد الطبيعي، وما يُعرف بـ«الكوشة»، وغيرها من التفاصيل. ولا يدوم هذا المشهد أكثر من نصف ساعة، تتخللها مراسم الخطوبة، لينتهي الأمر بأحد طرفيها، الشاب أو الفتاة، مثقلًا بتكاليف مالية كبيرة.
ويقول رجل الدين جاسم الدلفي إن «الخطوبة في الإسلام هي فترة تمهيدية للزواج، قائمة على الضوابط الشرعية، وهدفها تحقيق التوافق بين الطرفين الشاب والفتاة، وكذلك بين عائلتيهما، وهي تؤسس لمرحلة مهمة تتمثل بعقد القران، الذي يُجريه رجل الدين المأذون، ثم تُستكمل الإجراءات القانونية بتصديق الخطوبة في المحاكم المختصة، وكل ذلك يُعد مقدمات لبناء الأسرة».
وأوضح الدلفي أن «الخطوبة كانت في السابق سهلة وبسيطة وميسرة للطرفين، تبدأ وتنتهي بتعارف الأهل، ثم الموافقة وتحديد المهر، أو ما يُعرف بالحاضر والغائب، وبعدها يحضر عدد محدود من أقارب الخاطب إلى بيت أهل الفتاة لإعلان الخطوبة، وتُتم المراسم بقراءة سورة الفاتحة، ثم يُقدَّم الشاي للضيوف مع شيء بسيط من الحلويات المعروفة قديمًا، مثل الملبّس وأصابع العروس».
وأشار إلى أن «الخطوبة في الوقت الحاضر تحولت إلى ظاهرة بذخ وتظاهر من دون مبرر، ومن دون مراعاة للجانب المادي، إذ استُبدل الشاي وأصابع العروس بالعصائر، وأنواع متعددة من الحلويات والكيك والمعجنات، مع إلزام وضعها في علب خاصة تُصنع خصيصًا للمناسبة، فضلًا عن إحضار الورد الطبيعي والكوشة».
وأضاف أن «من المظاهر الجديدة أيضًا نصب خيمة بيضاء، أو ما يُعرف بالجادر الأبيض، أمام منزل أهل الفتاة، مع جلب كراسٍ بيضاء، وسجادة حمراء، وديكورات من الورد، ونشرات ضوئية ملونة، وغيرها من مظاهر التباهي، التي ترهق في محصلتها الشاب أو الفتاة، أو كليهما معًا».
وبيّن أن «تكاليف هذه التحضيرات يتحملها في الغالب الخاطب، أو يُتفق على تقاسم جزء منها مع أهل الفتاة، لكنها في الواقع مكلفة للطرفين، ولا مبرر لها سوى المغالاة والتباهي».
من جهته، يقول الشاب أمجد السراي إن «التفاهم بين أهلي وأهل خطيبتي على الحاضر والغائب كان مناسبًا، لكن سرعان ما ظهرت طلبات غير مبررة، من بينها نصب الخيمة البيضاء وتجهيز مستلزماتها، ابتداءً من السجادة الحمراء والكراسي، وصولًا إلى علب المهر والحلوى، ثم جلسة التصوير، لتبلغ كلفة ذلك كله ثلاثة ملايين و315 ألف دينار».
وأكد أن «هذا المبلغ كان كافيًا لتجهيز غرفة الزواج بالمستلزمات الأساسية، مثل الأجهزة الكهربائية الضرورية وغيرها».
من جانبها، تقول الفتاة أزهار الحسني إن «هذه المظاهر أصبحت واقع حال لا مفر منه، ودخلت على المجتمع العراقي مؤخرًا، ولا فائدة منها سوى إرهاق المقبلين على الزواج».
وأضافت أن «خطيبها، عند تقدمه لطلب يدها، لم يكن يفكر بالمغالاة حتى في المهر، واتفق الطرفان على أن يكون عشرة ملايين دينار للحاضر ومثلها للغائب، لأن الهدف هو الارتباط وليس المال، وحتى الخطوبة أرادوها بسيطة وغير مكلفة، وأن تكون المشية مختصرة وفي منزل العائلة، لكن الأمور انقلبت رأسًا على عقب».
وأوضحت أن «أقاربها كانوا السبب في تغيير الصورة والشكل المقرر للخطوبة، إذ تجاوز عدد الحضور المئة شخص، ولم تتسع لهم الخيمة البيضاء ولا السجادة الحمراء، ما اضطر الخطيب إلى تجهيز كميات كبيرة من الحلويات والعصائر والورود، ليتحمل كلفة بلغت مليونًا و854 ألف دينار، الأمر الذي دفع أهلها إلى الإصرار على مساعدته، لأن هذا المبلغ كان أولى أن يُصرف على تجهيز بيت الزوجية».
بدوره، يقول الحاج أبو أنمار إنه «حين زوّج ابنته لأحد المتقدمين لخطبتها، اشترط منذ البداية أن تكون الخطوبة ميسّرة وخالية من التكاليف، استنادًا إلى قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «أيسرهن مؤونة أكثرهن بركة»».
وأضاف أن «ذلك لم يمنعه من دعم زواج ابنته وتقديم الكثير لها، لكنه في المقابل كسب شخصًا وعائلة تبادله التفاهم والاحترام، وحقق انسجامًا كبيرًا بين الزوجين، وهو المكسب الأهم»، معربًا عن أمله بأن «يسير الآباء على هذا النهج من أجل راحة وسعادة أبنائهم».
بغداد / المدى
عاد ملف الرواتب والامتيازات العليا في الدولة العراقية إلى الواجهة بقوة، بعد أرقام وُصفت بـ«الصادمة» كشفت حجم الإنفاق السنوي على الدرجات الخاصة، في وقت تواجه فيه المالية العامة ضغوطًا متزايدة بفعل تقلبات أسعار النفط واتساع النفقات التشغيلية.
وبين دعوات خبراء الاقتصاد إلى مراجعة شاملة لسلم الرواتب، وتأكيدات حكومية بعدم وجود أزمة سيولة آنية، يتشكل مشهد مالي يضع الإصلاح أمام اختبار حقيقي طال انتظاره، وان كان ذلك يجري في وقت اصبحت فيه الحكومة، حكومة تصريف اعمال، منتهية الولاية!
يقول الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي إن عدد الدرجات الخاصة في العراق يبلغ 6087 درجة، موزعة بين الدرجة العليا «أ» بعدد 768 درجة، والدرجة العليا «ب» بعدد 5319 درجة. ووفق تقديراته، تصل الرواتب السنوية التقريبية المدفوعة لهذه الفئة إلى نحو 420 مليار دينار، دون احتساب الامتيازات الأخرى.
ويؤكد المرسومي أن مراجعة رواتب الدرجات الخاصة تمثل خطوة ضرورية لتقليص النفقات العامة وإعادة التوازن في سلم الرواتب، لكنها لا تكفي وحدها، مشددًا على أن الامتيازات المرافقة من حوافز وأرباح ونثريات وحمايات وخدمات تشكل في مجموعها أضعاف الرواتب الأساسية، ما يجعل هذا الملف أحد أكثر أبواب الإنفاق استنزافًا للموازنة.
في المقابل، يؤكد المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، عدم وجود أزمة سيولة حادة على المدى القصير، مشيرًا إلى أن الحكومة تمضي بإعداد موازنة 2026 ضمن الإطار المتوسط الأجل للسياسة المالية.
ويقول صالح إن الحكومات تلجأ عادة إلى تقليص الإنفاق عند مواجهة ضغوط ناتجة عن تقلب الإيرادات أو ارتفاع الالتزامات الجارية، لاسيما في الاقتصادات الريعية المعتمدة على مورد واحد كالنفط. ويضيف أن استمرار الإيرادات النفطية ضمن مستوياتها الحالية، إلى جانب التنسيق بين السياستين المالية والنقدية، يقلل من احتمالات حدوث أزمة سيولة آنية، لكنه يحذر في الوقت نفسه من أن الضغوط على الإنفاق التشغيلي قد تؤدي إلى اتساع نسبي في عجز موازنة 2026 ما لم تُضبط النفقات وتُعزز الإيرادات غير النفطية.
في هذا السياق، تمضي حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني المنتهية ولايتها، باتجاه فتح ملف الرواتب والامتيازات العليا، في خطوة وُصفت بالجريئة وغير المسبوقة. وترأس السوداني اجتماعًا استثنائيًا للمجلس الوزاري للاقتصاد، جرى خلاله اتخاذ قرارات تهدف إلى ترشيد النفقات وتعظيم الموارد.
وشملت القرارات توجيهًا بمراجعة رواتب ومخصصات الرئاسات الثلاث، والعمل على مساواة رواتب منتسبي رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب مع منتسبي رئاسة مجلس الوزراء، في محاولة لتقليص الفوارق المالية وتحقيق العدالة الوظيفية. كما وجّه رئيس الوزراء وزارة التخطيط بتحديث تقرير توحيد سلم الرواتب لعموم موظفي الدولة، والأخذ بالتوصيات المقدمة بهذا الشأن.
وضمن إجراءات تقليص الإنفاق، قرر المجلس تخفيض تخصيصات الإيفاد بنسبة 90%، وحصرها بالضرورة القصوى، إلى جانب تخفيض نسب الإشراف والمراقبة للمشاريع الجديدة. وفي إطار إصلاح منظومة الدعم، كُلّف وزير التجارة بمراجعة البطاقة التموينية لضمان وصولها إلى مستحقيها الفعليين.
لم تقتصر القرارات على جانب الإنفاق، بل امتدت إلى تعظيم الإيرادات غير النفطية. إذ وجّه رئيس الوزراء اللجنة الوزارية المختصة بإعادة النظر باحتساب إيرادات إقليم كردستان المودعة بمبلغ مقطوع، وتعزيز العمل بنظام البيان المسبق في هيئة الكمارك بالتنسيق مع البنك المركزي، إلى جانب تشديد جباية الكهرباء واعتماد الأتمتة والدفع الإلكتروني في جميع عمليات التحصيل.
ويرى مظهر محمد صالح أن هذه الخطوات تشكل خارطة طريق واضحة للإصلاح المالي، وتؤكد الانتقال من منطق إدارة الأزمات إلى منطق التخطيط التنموي المستدام، مشددًا على أن التحدي لا يكمن في حجم الإنفاق بحد ذاته، بل في جودته وكفاءته.
وتكشف الأرقام الرسمية أن العراق ينفق نحو 100 تريليون دينار سنويًا على رواتب الموظفين والمتقاعدين، تذهب قرابة 40 تريليون منها للمسؤولين الكبار. كما بلغت موازنة 2024 أكثر من 144 تريليون دينار، بعجز يتجاوز 63 تريليونًا.
ويُقدَّر عدد الدرجات الخاصة بأكثر من 6 آلاف من أصل نحو 4 ملايين موظف، تستحوذ على حصة كبيرة من الرواتب والامتيازات. ويشير خبراء إلى أن عدد الدرجات العليا في العراق يفوق ما هو موجود في دول كبرى مثل بريطانيا والولايات المتحدة، ما يعكس تضخم الهيكل الإداري وتكاليفه.
من جانبه، يرى الخبير المالي عبد الرحمن الشيخلي أن القرارات الأخيرة جاءت استجابة لمعطيات مالية دقيقة، في ظل تسجيل تراجع نسبي في الإيرادات العامة خلال النصف الأول من 2025 بنسبة 6% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. ويشير إلى أن الإيرادات النفطية ما تزال تشكل نحو 91% من إجمالي الإيرادات، مقابل 9% فقط من مصادر غير نفطية، ما يبرز هشاشة المالية العامة أمام تقلبات السوق العالمية.
ويؤكد الشيخلي أن إعادة التوازن بين الإنفاق التشغيلي والاستثماري تمثل خطوة أساسية لدعم النمو الاقتصادي المستدام، محذرًا من أن نجاح هذه الإجراءات يتطلب تنفيذًا متوازنًا يضمن استمرار الخدمات والمشاريع، دون تحميل المواطنين أعباء إضافية.
تاريخيًا، لم تُقدم أي حكومة سابقة على تعديل رواتب الرئاسات الثلاث، ليس لغياب القناعة، بل بسبب التعقيدات السياسية والحساسية العالية التي تحيط بالملف. وكان يُنظر إليه بوصفه «خطًا أحمر» يخشى الاقتراب منه، خوفًا من الصدام بين القوى النافذة.
بغداد / المدى
حذّرت لجنة الزراعة والمياه النيابية من تأثيرات مباشرة لموجة الجفاف الحالية على ملف الاكتفاء الذاتي من محصول الحنطة، في ظل تراجع حاد بالخزين المائي الإستراتيجي للسدود الرئيسية في البلاد.
وقال عضو اللجنة، النائب ثائر الجبوري، إن العراق يواجه خلال عام 2025 أحد أقسى مواسم الجفاف منذ عقود، مع انخفاض الخزين المائي بنسبة تتجاوز 90 بالمئة ووجود فراغ خزني يُقدَّر بعشرات المليارات من الأمتار المكعبة.
وأوضح الجبوري أن محدودية الإطلاقات المائية في حوضي دجلة والفرات، رغم المفاوضات الجارية مع دول الجوار، أسهمت في تعميق الأزمة، مؤكدًا أن الموجة المطرية الأخيرة غير كافية لتجاوزها. وبيّن أن وزارة الزراعة اضطرت إلى تقليص الخطة الزراعية للحنطة، خصوصًا في المناطق المعتمدة على الري السطحي، مع إعطاء أولوية لتأمين مياه الشرب والاستخدامات الأساسية.
وبحسب تقارير دولية، فإن استمرار الشح المائي قد يؤدي إلى تراجع إنتاج الحنطة في موسم 2025–2026 بنسبة تصل إلى 50 بالمئة، ما قد يدفع العراق إلى استيراد أكثر من مليوني طن لتغطية النقص، بعد ثلاث سنوات من تحقيق الاكتفاء الذاتي. ويضع هذا الواقع الأمن الغذائي للبلاد أمام تحديات متزايدة، في ظل ضغوط مناخية وإدارية متراكمة.
بغداد / المدى
أعلن وزير التجارة، أثير داود الغريري، أمس الأربعاء، عن الكشف عن أكثر من أربعة ملايين اسم وهمي ومتكرر ومسافر ضمن ملف البطاقة التموينية، مشيرًا إلى قرب إطلاق تحول إلكتروني كبير يهدف إلى الحد من الفساد والتسويف.
وقال الغريري، في كلمة ألقاها خلال فعاليات أسبوع النزاهة الوطني، إن «النزاهة ليست نصوصًا قانونية أو إجراءات إدارية فحسب، بل هي نهج سلوك مؤسسي وثقافة مجتمعية راسخة تنعكس مباشرة على كفاءة الأداء، وتعزز ثقة المواطن».
وأضاف أن «مكافحة الفساد مسؤولية وطنية تتطلب إرادة صادقة والتزامًا حقيقيًا، وفي هذا الإطار نفخر بما حققته وزارة التجارة من نتائج متقدمة في تنفيذ البرنامج الحكومي»، لافتًا إلى أن «الوزارة ماضية، وبحزم ومسؤولية، في التعامل مع أي ملف تحيط به شبهات فساد، والعمل على إحالته إلى الجهات القضائية المختصة استنادًا إلى الأدلة والمعلومات المتوفرة».
وشدد الغريري على «الدور المحوري للمواطن في دعم منظومة النزاهة من خلال الإبلاغ عن حالات الفساد أو التجاوز على المال العام، بما يعزز الشراكة بين المجتمع والمؤسسات الرقابية، ويسهم في ترسيخ الثقة المتبادلة، ودعم جهود الدولة في إرساء مبادئ الحوكمة»، مشيرًا إلى أن «الوزارة ماضية في برامج التحول الإلكتروني، وسيتم الإعلان عن تحول إلكتروني كبير في وزارة التجارة، مع إطلاق برامج وخدمات لم تكن موجودة سابقًا، من شأنها الحد من عمليات الفساد أو التسويف أو المماطلة».
وفي ما يخص ملف البطاقة التموينية، أوضح الغريري أنه «تم الكشف عن أكثر من أربعة ملايين وأربعمائة ألف مواطن، تتوزع بين أسماء وهمية، وأسماء مكررة، ومسافرين، لم يُبلّغ عنهم من قبل الوكيل أو العوائل أو الموظف المعني، على مدى خمسة وعشرين عامًا ماضية».
ولفت إلى أن «وزارة التجارة ليست وزارة البطاقة التموينية فحسب، إذ أنجزنا ما علينا في ما يخص هذا الملف والأمن الغذائي، فضلًا عن رقابة الأسواق، وتحقيق التوازن السعري، وعدم السماح للمضاربين، والعمل باتجاه تنظيم تجاري داخلي وخارجي، وإصدار بيانات رصينة، واعتماد الأتمتة، وتقديم خدمات أخرى».
بغداد / المدى
أعلن مجلس القضاء الأعلى في العراق، أمس الأربعاء، إحصائية عقود الزواج وحالات الطلاق المسجلة خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2025، مبينًا تسجيل 26 ألفًا و129 عقد زواج، مقابل 5 آلاف و805 حالات طلاق في عموم البلاد.
وبحسب الإحصائية الصادرة عن رئاسات محاكم الاستئناف، فقد تصدرت محكمة استئناف بغداد/الرصافة أعداد عقود الزواج بواقع 3961 عقدًا، تلتها بغداد/الكرخ بـ3132 عقدًا، ثم نينوى بـ2819 عقدًا.
وفي ما يتعلق بحالات الطلاق، سجلت بغداد/الرصافة أعلى عدد بواقع 1239 حالة، تلتها بغداد/الكرخ بـ920 حالة، ثم البصرة بـ637 حالة.
بغداد / المدى
أوضح مسؤول دائرة العلاقات والإعلام في وزارة الداخلية، العميد مقداد ميري، أمس الأربعاء، تفاصيل إصدار 49 مليون بطاقة وطنية موحدة، وهو رقم يفوق عدد سكان العراق البالغ 46 مليون نسمة، وفقًا لما أظهره التعداد السكاني الأخير.وقال ميري، تصريح صحفي، إن عدد البطاقات البالغ 49 مليون بطاقة موحدة أصدرتها وزارة الداخلية لا يعني أن جميعها صدرت للمرة الأولى، مشيرًا إلى أن الإصدار الأول شمل 43 مليون بطاقة. وأضاف أن نحو 6 ملايين بطاقة تمثل إصدارات للمرة الثانية، سواء كبدل ضائع أو بسبب الزواج، إذ تُصدر بطاقة جديدة للمتزوجين بدلًا من بطاقاتهم الوطنية السابقة، بهدف منحهم رقمًا عائليًا مستقلًا عن عوائلهم.
علي حسين
منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش ورزق، ثم جاء ماركس ورفيقه إنجلز ليعلنا أنهما سيحفران قبر آدم سميث ويعلنان سقوط أفكاره الرأسمالية.
ولأننا في بلاد علمت البشرية العد من الواحد إلى العشرة، فأننا اليوم نريد أن نعلن للرأسمالية، ومعها عدوتها الاشتراكية، أن الاقتصاد لا يعني تجارة ولاصناعة ولا زراعة. إنه حسب نظرية فلاسفة الاقتصاد العراقي " محاصرة " الموظف البسيط وتحميله ما جرى ويجري من سياسات اقتصادية فاشلة .
إذا سألتني هل فهمت شيئاً من خبراء الاقتصاد المحلي بدءاً من حمد الموسوي ومرورا بهيثم الجبوري ومثنى السامرائي، وليس انتهاء بيزن مشعان، سأقول لك إنني أدرك أنّ قيمة أيّة سلعة تساوي قيمة العمل الذي استغرقته، أما قيمة العمل الذي يقوم به أصحاب المشاريع الوهمية وصفقات الغرف المغلقة، فهو أن تربح ملايين الدولارات عن طريق الاحتيال فقط.
أنظر جنابك لما يحدث في هذه البلاد، حكومة وراء حكومة لم تبد أي منها حماسة لحل مشاكل الناس، ونجدها دائماً تبدي عجزاً وصمتاً عن الوصول إلى حلول لمشكلات عاجلة يعاني منها المواطن، ولا يبدو مثلاً أن هذه الحكومات المتتالية قد واجهت مشكلات الزراعة والصناعة بما تتطلبه من حلول عاجلة، سواء فى إعادة بناء المصانع التي هدمتها الحرب أو تشجيع القطاع الخاص على إقامة مشاريع صناعية وزراعية، وقبل أن تسألني لماذا لم تواجه هذه الحكومات المتتالية مشكلة غياب المنتوج المحلي والاعتماد على الاستيراد ؟، عليك أن تعرف عزيزي القارئ أن معظم أحزابنا تعمل بالتجارة ويهمها أن ينتعش الاستيراد وتذهب دولارات النفط إلى جيوبها .
ولاننا نعيش في بلاد لا تحترم الكفاءات فقد خرج علينا السيد يزن سميث تيمّناً بالمرحوم آدم سميث صاحب كتاب ثروة الأمم، ليدلي بدلوه في الاقتصاد ويخبرنا ان سبب الازمة الاقتصادية يتحملها اصحاب الشهادات العليا، وبلقطة تمثيلية قال " طز بالماجستير .. شنو يعني الدكتوراه "، السد يزن وهو يشرح مشاكل الاقتصاد العراقي رفض ان يجيب على سؤال مقدمة البرنامج : من اين لك ثمن الساعة التي ترتديها والتي يبلغ سعرها اكثر من مليار دينار، وما مصدر كل هذه التاهوات التي تسير وراءك؟. طبعا الجواب سنجده في حكايات السيد مشعان الجبوري عن الثروة وحنفيات الذهب في بيته والتي دائما ما تذكرني بحكاية "علي بابا" التي روتها لنا المرحومة شهرزاد .
ولك أن تتخيّل عزيزي القارئ، ان "طز" يزن الجبوري لن يحاسبها عليه أحد، فنحن نعيش في بلاد يتقاضى فيها عامل النظافة 300 الف دينار شهرياً، ويتباهى فيها يزن سميث بساعة المليار دينار.



