تحذيرات من الاكتفاء بتفكيك السلاح الثقيل والإبقاء على الخفيف لتخويف الداخل
بغداد/ تميم الحسن
تداخل ملف تسمية رئيس الوزراء المقبل، على نحو متسارع، مع قضية «نزع سلاح الفصائل»، وهي مسألة يراها سياسيون محفوفة بالشكوك، في ظل مخاوف من أن يقتصر الأمر على نقل السلاح داخل الجماعات نفسها، أو الإبقاء على الأسلحة الخفيفة، بما قد يشكّل تهديداً مباشراً للاستقرار الداخلي.
وبرغم توقعات مسبقة برفض قوى مسلحة أخرى أي خطوات جدّية في هذا الاتجاه، رفضت فعلياً أبرز جماعتين مسلحتين تصنّفان نفسيهما ضمن ما يُعرف بـ«محور المقاومة» التخلي عن سلاحهما، ما يضع الحكومة المقبلة أمام سؤال بالغ الحساسية: كيف ستتعامل مع جماعات توصف في الأوساط السياسية بأنها «متمردة»، لكنها في الوقت ذاته جزء من المعادلة البرلمانية الحاكمة؟ ونهاية الأسبوع الماضي، أعلنت أربع جهات شيعية تمتلك أجنحةً مسلحةً، عبر بيانات منفصلة، تأييدها المبدئي لمبدأ «حصر السلاح بيد الدولة».
وتزامنت هذه المواقف مع رسائل أميركية وُصفت بالمشدّدة، لم تستبعد — بحسب مصادر سياسية — خيار الردّ العسكري في حال تجاهل هذه الشروط.
ملف السلاح يسبق تشكيل الحكومة
يقول سياسي شيعي، في حديث لـ«المدى»، إن الحكومة العراقية المقبلة ستواجه «ملفاً بالغ الصعوبة» يتمثل في كيفية تصنيف الجماعات التي سترفض تسليم سلاحها، مشيراً إلى أن دعوات «نزع السلاح» المطروحة حالياً قد تعني عملياً «نقله من الفصائل إلى هيئة الحشد الشعبي»، لا تفكيكه بالكامل.
وتمتلك القوى الشيعية أقلَّ من شهرين لتسمية رئيس الوزراء الجديد، في ظل رسائل أميركية واضحة تشترط أن يكون المرشح بعيداً عن الفصائل المسلحة، وهو ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي.
ورغم أن السياسي المقرب من دوائر القرار داخل البيت الشيعي — طلب عدم الكشف عن اسمه — أقرّ بأن قرار تسليم السلاح «غير واضح حتى الآن»، فإنه شدد على أن الحكومة المقبلة «ستكون ملزمةً باتخاذ إجراءات قانونية بحق الجماعات الرافضة»، لافتاً إلى أن هذه الإجراءات «قد تشمل، في أسوأ السيناريوهات، الصدام العسكري».
ولا تبدو مؤشرات تراجع الفصائل عن التمسك بسلاحها مكتملة. فالفصائل الأربع الأكبر - التي تقلّص عددها عملياً إلى اثنتين بعد تبدّل موقف إحداها والتزام أخرى الصمت - لا تزال ترفض تفكيك ترسانتها العسكرية، رغم أن بعضها جزء من التحالف الشيعي الحاكم، المعروف بـ«الإطار التنسيقي».
وفي هذا السياق، أعلنت «كتائب حزب الله» و«حركة النجباء»، في بيانات منفصلة، رفضهما تسليم السلاح، فيما اشترطت «الكتائب» إنهاء ما وصفته بـ«الاحتلالين الأميركي والتركي» للعراق قبل أي خطوة من هذا النوع.
وتُعدّ هاتان الجماعتان، إلى جانب «كتائب سيد الشهداء» بزعامة أبو آلاء الولائي — وهو قيادي في «الإطار التنسيقي» فاز بمقاعد في البرلمان — العمود الفقري لما يُعرف بـ«محور المقاومة».
ولم تصدر عن «كتائب سيد الشهداء» حتى الآن مواقف علنية تنسجم مع خطاب نزع السلاح، على عكس «أنصار الله الأوفياء» التي انضمت إلى الدعوات المطالِبة بـ«حصر السلاح بيد الدولة». وخلال عطلة نهاية الأسبوع الماضية، أدلى كل من قيس الخزعلي، زعيم «عصائب أهل الحق»، وشبل الزيدي، زعيم «كتائب الإمام علي»، وحيدر الغراوي، زعيم «أنصار الله الأوفياء»، بخطابات متقاربة دعت جميعها إلى «حصر السلاح بيد الدولة».
غير أن هذه المواقف، شأنها شأن البيانات الصادرة عن الفصائل الأخرى، لم تتضمن أي تفاصيل تتعلق بآليات التنفيذ أو الجداول الزمنية، ما فتح الباب أمام تساؤلات واسعة بشأن مدى جدية هذا التحوّل. ويُنظر إلى هذه الخطوات على أنها محاولة لاحتواء مأزق متنامٍ يواجه «الإطار التنسيقي»، الساعي إلى الحفاظ على تماسك ما يُعرف بـ«الكتلة الأكبر» داخل البرلمان، والتي تضم في صفوفها قوى تمتلك تشكيلاتٍ مسلحةً. وتشير تقديرات سياسية إلى أن الفصائل المسلحة تحوز نحو ثلث مقاعد البرلمان الجديد، فيما تشارك ست جماعات منها في تشكيل «الكتلة الأكبر»، مع وجود مساعٍ لضم قوى إضافية لتعزيز الثقل النيابي.
ما الفرق بين «الحشد» و«الفصائل»؟
يقول السياسي المستقل والنائب السابق مثال الآلوسي إن أصواتاً عراقية بارزة، من بينها رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، إلى جانب شخصيات من مكونات أخرى، طرحت تساؤلات جدية بشأن طبيعة وجود «الحشد الشعبي» وأهدافه المستقبلية. ورغم الاستناد المستمر إلى فتوى المرجعية الدينية في النجف، يتحدث الآلوسي عن «تحفظات متكررة» صدرت عن المرجعية نفسها، إضافة إلى رجال دين ومختصين في القانون والدستور، إزاء إنشاء هيكلية مسلحة منفصلة عن المؤسسة العسكرية، تشبه — بحسب وصفه — «الحرس الثوري الإيراني».
ويعدّد الآلوسي، في حديث لـ«المدى»، جملة اتهامات موجّهة إلى «الحشد الشعبي»، من بينها وجود عناصر وهمية، والتدخل في القرار السياسي، والتفوق على الجيش النظامي من حيث النفوذ، فضلاً عن الانخراط في ملفات الأمن والاقتصاد والبناء والموانئ والجامعات. ويرى أن نقل سلاح الفصائل إلى «الحشد» لا يشكّل حلاً مقبولاً في أي نظام ديمقراطي، ولا يمكن أن تقبل به القوات المسلحة، بوصفه كياناً منافساً يعمل خارج الإطار الصارم للدولة.
عملياً، لم تكن تسمية «الفصائل» شائعة في العراق بعد عام 2003. وبرز المصطلح بشكل واضح مع اندلاع الأزمة السورية عام 2011، حين انتقلت جماعات مسلحة عراقية إلى هناك بذريعة «الدفاع عن العتبات الشيعية».
ومع مرور الوقت، شكّلت معظم هذه الجماعات نواة «الحشد الشعبي» لاحقاً، ما وضع الحكومة العراقية في موقف حرج، لا سيما في علاقتها مع واشنطن، ودفع رئيس الوزراء آنذاك حيدر العبادي (2014–2018) إلى إعلان أن «كل جهة عراقية تقاتل في سوريا لا تمثل الدولة».
وفي حزيران 2014، ومع اجتياح تنظيم «داعش» لمدينة الموصل، انخرط متطوعون — من بينهم فصائل اكتسبت خبرة قتالية في سوريا — تحت مظلة «الجهاد الكفائي» التي دعت إليها المرجعية الشيعية في النجف. وظل هؤلاء يُشار إليهم بوصفهم «متطوعين» في خطاب المرجعية، وبـ«الحشد الشعبي» في الخطاب السياسي، إلى أن شُرّع قانون «الحشد» في البرلمان عام 2016.
وبين أواخر 2018 و2022، برزت جماعات بأسماء جديدة مثل «عصبة الثائرين» و«أصحاب الكهف»، تبنّت هجمات ضد السفارة الأميركية ومطار بغداد وقواعد عسكرية عراقية. وفي عام 2020، تشكّلت «تنسيقية المقاومة» وضمّت جماعات مشاركة في «الحشد»، قبل أن تعلن هدنة مع وصول محمد شياع السوداني إلى رئاسة الحكومة نهاية 2022.
وبحسب قانون «الحشد» لعام 2016، والأمر الديواني الصادر لاحقاً عن رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي، كان من المفترض فصل قوات الحشد — التي تضم نحو 70 تشكيلاً — عن القيادات السياسية. إلا أن الواقع شهد، خلال السنوات الماضية، تغيير أسماء الفصائل إلى أرقام عسكرية، مثل «اللواء 46»، الذي لا يزال يُعرف فعلياً باسم «كتائب حزب الله».
وانهارت الهدنة القصيرة في عام 2023 مع اندلاع حرب غزة، وهو ما أظهر أوضح تمييز عملي بين «الحشد» و«الفصائل» على مستوى العمليات. فرسمياً، لا يزال الطرفان جزءاً من «هيئة الحشد الشعبي»، وتمتلك الفصائل أرقام ألوية داخلها شأنها شأن بقية التشكيلات. لكن ميدانياً، أعلنت «كتائب حزب الله» — في ذروة استهداف القواعد الأميركية وإسرائيل — قائمة الفصائل التي باتت تُسمى «المقاومة».
وأثار هذا الإعلان خلافات داخل البيت الشيعي، بعدما لم تُدرج «عصائب أهل الحق» ضمن تلك القائمة. في المقابل، أظهرت «الكتائب»، التي تمثل جناحاً سياسياً فاز في الانتخابات البرلمانية الأخيرة عبر «كتلة حقوق»، أن ما يُعرف بـ«فريق المقاومة» يضمها إلى جانب «كتائب سيد الشهداء» و«حركة النجباء» بزعامة أكرم الكعبي و«أنصار الله الأوفياء». وبعد سلسلة ضربات أميركية استهدفت قيادات في هذه الفصائل، أعلنت الأخيرة هدنة جديدة في شباط 2024، لا تزال قائمة حتى الآن، في مشهد يعكس استمرار الالتباس بين ما هو رسمي ضمن «الحشد الشعبي» وما هو فعلي ضمن «الفصائل»، كجماعات مسلحة ذات قرار مستقل.
كيف يرى الغرب دعوات «حصر السلاح»؟
يشير الآلوسي إلى أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تبنّت، منذ اليوم الأول، موقفاً واضحاً وحاسماً من الأذرع المرتبطة بإيران في العراق وسوريا وبقية المنطقة، معتبراً أن واشنطن «تعني ما تقوله» عندما تتحدث عن نزع سلاح المليشيات وتجريد إيران من طموحاتها التوسعية.
ويؤكد الآلوسي أن المقاربة الأميركية لا تقتصر على تقليص النفوذ الإيراني، بل تهدف أيضاً إلى منع ما يصفه بـ«ابتلاع العراق» عبر جماعات مسلحة تعمل خارج منطق الدولة. ويحذر من أن تغيير الخطاب السياسي لهذه الجماعات أو تبنيها مفردات جديدة، مثل «حصر السلاح»، لا يعني بالضرورة تغيير أهدافها العقائدية أو سلوكها العملي. وفي هذا السياق،
يلفت الآلوسي إلى أن واشنطن لا تنظر بجدية إلى مقترحات تقوم على نقل السلاح من الفصائل إلى جهات تسيطر عليها القوى نفسها، معتبراً أن الولايات المتحدة «ليست ساذجة» لتقبل حلول شكلية تقوم على تبديل العناوين من دون تفكيك فعلي للبنى المسلحة.
ويرى أن الولايات المتحدة، إلى جانب قطاع واسع من العراقيين ودول المنطقة، تنتظر «دلائل ملموسة» تثبت صدقية دعوات نزع السلاح، محذراً من أن بعض المبادرات قد تكون محاولة لتهيئة الطريق للسيطرة على الحكومة المقبلة أو لضمان مشاركة هذه القوى فيها بثقل سياسي، تحت عنوان طمأنة واشنطن.
ويتوقف الآلوسي عند الطروحات التي تتحدث عن نزع السلاح الثقيل والإبقاء على الخفيف، معتبراً أن هذا الخيار يهدف عملياً إلى طمأنة الخارج — ولا سيما الولايات المتحدة ودول الخليج — مع الاحتفاظ بأدوات السيطرة الداخلية.
ويشير إلى أن «السلاح الخفيف هو الأكثر تأثيراً في ترهيب المجتمع وتكريس أنماط الحكم»، ما يعني، بحسب تقديره، أن العراق قد يُدفع ثمنه مقابل ضمان أمن الإقليم. ويخلص الآلوسي إلى أن نزع السلاح يُعد خطوة إيجابية من حيث المبدأ في نظر الغرب، لكنه يبقى، من دون إجراءات واضحة وقابلة للتحقق، مجرد خطاب سياسي.
ويحذر من أن استمرار الغموض قد يفتح الباب أمام تصعيد أو استهداف مباشر، في ظل وضع ملف الفصائل المسلحة تحت مجهر المجتمع الدولي، وتصاعد الدعوات لمنع استخدامها كورقة ضغط أو ابتزاز سياسي في العلاقات مع الولايات المتحدة أو غيرها.
بغداد / المدى
لا تبدو في الأفق القريب أي حلول ناجعة لانتشال الواقع المالي العراقي من أزمته الراهنة، سوى اللجوء إلى خيارات مريرة تتمثل في فرض ضرائب إضافية وتقليص رواتب الموظفين.
وهذا «السيناريو القاتم» هو ما يخشاه خبراء الاقتصاد، ويبدو أن حكومة تسيير الأعمال العراقية قد تضطر للتصادم معه، خاصة بعد إعلان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني عن وجود عجز ضخم في الموازنة العامة؛ عجزٌ يراه المختصون ليس بجديد، لكنه وصل اليوم إلى ذروة خطورته.
يرى الخبير الاقتصادي، رمزي الساري، أن الأزمة ليست وليدة اللحظة، بل هي تركة ثقيلة تتراكم منذ عام 2003. ويقول الساري: «المشكلة الاقتصادية الكبرى في العراق مستمرة منذ عقود، وتنتقل الأزمات من حكومة إلى أخرى، لكن الوضع الآن وصل إلى مرحلة حرجة توصف بالعجز التام». ويضيف الساري محذراً: «بناءً على توجيهات صندوق النقد الدولي، يتعين على العراق زيادة الضرائب المفروضة على المواطنين وخفض الإنفاق على الرواتب. هذه الإجراءات، وإن كانت تهدف لسد العجز، إلا أنها ستؤدي حتماً إلى ارتفاع جنوني في أسعار السلع بالأسواق، مما يجعل مهمة أي حكومة قادمة شاقة للغاية في مواجهة الغضب الشعبي».
على الجانب الآخر، يتبنى خبراء اقتصاديون مقربون من الأوساط الحكومية رؤية أقل حدة، معولين على «مناورات» البنك المركزي لتقليل فجوة العجز. وفي هذا الصدد، يشير الخبير الاقتصادي، صفوان قصي، إلى أن العراق يمتلك أدوات للمناورة، قائلاً: «حجم الاحتياطيات في البنك الفيدرالي الأمريكي يمنح العراق قدرة على السيطرة على قيمة العملة وتقليل العجز. هناك توجه لإبداء مرونة من قبل البنك المركزي لتوفير سيولة تقدر بنحو 20 مليار دولار لتمويل الموازنة دون التسبب في تضخم مالي». ويقترح قصي ضرورة التركيز على «الاستثمار خارج إطار الموازنة» كحل استراتيجي لتجاوز هذه المعضلة.
ورغم التطمينات الحكومية التي تؤكد أن العجز لن يمس الحياة اليومية للمواطنين بشكل مباشر، إلا أن الواقع الحسابي يفرض نفسه بقوة؛ حيث يجمع الخبراء على أنه لا يمكن تقليص العجز دون زيادة الوعاء الضريبي، وهو ما ينذر بـ «انفجار» أزمة اقتصادية واجتماعية جديدة في المدى المنظور، تضع القوة الشرائية للمواطن العراقي في عين العاصفة.
بغداد/ المدى
أكدت وزارة الداخلية، أمس الأحد، أن النزاعات و«الدكة العشائرية» جرائم يعاقب عليها القانون وفق المادة 4 إرهاب، فيما أشارت إلى أنه لا يسمح بوجود أي سلاح خارج إطار الدولة.
وقال المتحدث باسم الوزارة، العقيد عباس البهادلي، في تصريح صحفي تابعته «المدى»، إن «النزاعات العشائرية تشكل حالة سلبية وغير حضارية، وتهدد الأمن والسلم المجتمعي على حد سواء، ولا يمكن قبولها بأي شكل من الأشكال»، مبيناً أن «الجهاز الأمني يعمل على تقويض هذه الجرائم والنزاعات العشائرية وما يعرف بالدكة العشائرية، ولدينا شراكة حقيقية مع القضاء العراقي، إذ إن النزاعات والدكة العشائرية أخذت اليوم تسمى تحت طائلة القانون ضمن ما يعرف بـ4 إرهاب».
وتابع أن «كل من يتم ضبطه في هذه الجرائم يرفع إلى القضاء، والقضاء هو من يقول كلمته الفصل وفق المواد القانونية»، مؤكداً أن «وزارة الداخلية لا تقبل بأي شكل من الأشكال بهذه النزاعات وماضية بعملية تطبيق القوانين وبسط الأمن».
وأشار إلى أنه «لا يمكن وجود أي سلاح غير سلاح الدولة، ولا يمكن لأي أعراف أو قوانين أن تُسن أو تُطبق غير القوانين النافذة»، لافتاً إلى أن «هذه النزاعات تشكل خطراً حقيقياً على المواطن وعلى السلم والأمن المجتمعي».
وأوضح أن «الوزارة تتعامل مع هذه النزاعات بكل حزم وإجراءات قوية وصارمة»، موضحاً أن «هناك الكثير من المتورطين يخضعون الآن للإجراءات التحقيقية، وكذلك الكثير منهم تم الحكم عليهم».
ودعا البهادلي العشائر العراقية إلى «الانصياع للقانون واتخاذ الإجراءات السليمة بالتبليغ عمن يحاول زعزعة السلم والأمن المجتمعي»، معرباً عن أمله «في بث روح التسامح وتقبل الآخر وعدم التفاعل مع النزاعات بشكل عنيف باستخدام السلاح».
وأكد أن «القانون واضح وصريح ولن يقبل استخدام السلاح، ومن يقوم بذلك سيحاسب بالقانون».
ترجمة: حامد أحمد
تناول تقرير لوكالة أسوشيتد برس الأمريكية حالة الجمود في تشكيل حكومة عراقية جديدة بعد أكثر من شهر على الانتخابات، في وقت تواصل كتل سياسية مناوراتها لتشكيل تحالفات ستحدد شكل وملامح الحكومة القادمة التي سترث وضعًا اقتصاديًا صعبًا وسط تحديات إقليمية ودولية، بينما تسعى الكتل لأن يكون المرشح لرئاسة الحكومة مقبولًا بشكل عام من قبل إيران والولايات المتحدة. ولم تُسفر انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر عن كتلة تمتلك أغلبية حاسمة، ما فتح الباب أمام فترة طويلة من المفاوضات.
ويشير التقرير إلى أن الحكومة التي ستتشكل في نهاية المطاف، سترث وضعًا أمنيًا شهد استقرارًا نسبيًا في السنوات الأخيرة، لكنها ستواجه في المقابل برلمانًا منقسمًا، وتناميًا في النفوذ السياسي للفصائل المسلحة، واقتصادًا هشًا، إضافة إلى ضغوط دولية وإقليمية متعارضة في كثير من الأحيان، من بينها مستقبل الجماعات المسلحة المدعومة من إيران.
وقد حصل حزب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على أكبر عدد من المقاعد في الانتخابات. وخلال ولايته الأولى، قدّم السوداني نفسه على أنه رجل براغماتي يركز على تحسين الخدمات العامة، ونجح في إبقاء العراق بعيدًا عن الانخراط المباشر في الصراعات الإقليمية. ورغم أن حزبه يُعد اسميًا جزءًا من "الإطار التنسيقي"، وأصبح الكتلة البرلمانية الأكبر، إلا أن مراقبين يقولون إنه من غير المرجح أن يدعم الإطار إعادة ترشيح السوداني لولاية ثانية. وقال سجاد جياد، المحلل السياسي العراقي والباحث في مؤسسة "ذي سينتجري فاونديشن" البحثية: "الخيار لرئاسة الوزراء يجب أن يكون شخصًا يعتقد الإطار أنه قادر على التحكم به، ولا يمتلك طموحات سياسية خاصة به". وأضاف أن السوداني وصل إلى السلطة عام 2022 بدعم من الإطار التنسيقي، لكنه يرى أن التحالف "لن يمنحه ولاية ثانية لأنه أصبح منافسًا قويًا".
وكان نوري المالكي هو رئيس الوزراء العراقي الوحيد الذي خدم ولايتين منذ عام 2003، إذ انتُخب لأول مرة عام 2006. إلا أن مسعاه للحصول على ولاية ثالثة فشل بعد تعرضه لانتقادات بسبب احتكار السلطة وإقصاء السنّة والأكراد. وقال جياد إن الإطار التنسيقي استخلص درسًا من تجربة المالكي مفاده أن "رئيس الوزراء الطموح سيسعى إلى تركيز السلطة على حساب الآخرين".
وأشار إلى أن الشخصية التي يتم اختيارها لرئاسة الحكومة يجب أن تُعتبر عمومًا مقبولة من إيران والولايات المتحدة — وهما دولتان لهما نفوذ كبير في العراق — وكذلك من المرجع الشيعي الأعلى في البلاد علي السيستاني.
وفي الانتخابات، حصلت التحالفات والقوائم الشيعية — التي تهيمن عليها أحزاب الإطار التنسيقي — على 187 مقعدًا، فيما حصلت القوى السنية على 77 مقعدًا، والأحزاب الكردية على 56 مقعدًا، إضافة إلى تسعة مقاعد مخصصة للأقليات. أما تحالف الإعمار والتنمية، الذي يقوده السوداني، فقد تصدّر النتائج في بغداد وعدة محافظات أخرى، محققًا 46 مقعدًا. ورغم قوة نتائج السوداني، إلا أنها لا تمكّنه من تشكيل حكومة من دون دعم ائتلافات أخرى، ما يضطره إلى التقارب مع الإطار التنسيقي للحفاظ على مستقبله السياسي. وقد تعزز موقف الإطار التنسيقي أكثر بسبب غياب التيار الصدري عن الانتخابات، إذ قاطع رجل الدين مقتدى الصدر العملية السياسية منذ تعذره عن تشكيل حكومة بعد فوزه بأكبر عدد من المقاعد في انتخابات عام 2021. حامد السيد، ناشط سياسي، يقول لأسوشيتد برس إن غياب الصدر كان له "تأثير محوري".
وأضاف قائلًا: "لقد قلّص المشاركة في المناطق التي كانت تقليديًا ضمن نطاق نفوذه، مثل بغداد ومحافظات الجنوب، ما خلق فراغًا انتخابيًا استغلته فصائل مسلحة منافسة"، مشيرًا إلى أن عدة أحزاب داخل الإطار تمتلك أجنحة مسلحة. وقد فازت الجماعات المرتبطة بأجنحة مسلحة بأكثر من 100 مقعد برلماني، وهو أكبر تمثيل لها منذ عام 2003.
وفي المقابل، سعت القوى السنية إلى إعادة تنظيم صفوفها تحت مظلة تحالف جديد يُعرف باسم "المجلس السياسي الوطني"؛ بهدف استعادة النفوذ الذي فقدته منذ انتخاباتي 2018 و2021.
وأشار التقرير إلى أن الحكومة المقبلة ستواجه تحديات اقتصادية وسياسية كبرى، من بينها ارتفاع مستوى الدين، الذي يتجاوز 90 تريليون دينار عراقي (قرابة 69 مليار دولار)، واعتماد الموازنة العامة للدولة على النفط بنسبة تقارب 90% من الإيرادات، رغم محاولات التنويع، فضلًا عن تفشي الفساد.
وتضغط الولايات المتحدة على العراق لنزع سلاح الفصائل المسلحة المدعومة من إيران — وهي خطوة بالغة الصعوبة نظرًا للنفوذ السياسي الذي تتمتع به تلك الجماعات، واحتمال معارضة إيران لها.
وقال مسؤولان سياسيان عراقيان رفيعا المستوى، تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما لعدم تخويلهما بالتصريح علنًا، إن الولايات المتحدة حذرت من اختيار أي مرشح لرئاسة الوزراء يسيطر على فصيل مسلح، كما حذرت من السماح لشخصيات مرتبطة بالفصائل بتولي وزارات سيادية أو مناصب أمنية مؤثرة.
عن أسوشيتد برس
متابعة / المدى
يواجه العراق، أزمةً تُهدد هويته، مع الانخفاض الحاد في منسوب نهري دجلة والفرات جراء الجفاف الشديد وتزايد تأثير السدود المقامة في دول المنبع، ما أدى إلى أسوأ نقص في المياه تشهده البلاد منذ عقود. وتحول النهران، اللذان ينبعان من تركيا، واللذان كانا رمزًا للوفرة، إلى محور صراع يُجبر العراق على استخدام أغلى موارده - النفط - لتأمين احتياجاته المائية.
وتشهد البلاد، التي يزيد عدد سكانها عن 46 مليون نسمة، تراجعًا حادًا في إمدادات المياه نتيجةً لمجموعة من العوامل المتداخلة، منها بناء السدود في دول المنبع (تركيا وإيران وسوريا)، وتدهور البنية التحتية للمياه وتقادمها بعد عقود من الحروب والعقوبات وعدم الاستقرار، وسوء الإدارة الحكومية. ويُضاف إلى ذلك ضغط الجفاف الشديد الناجم عن تغير المناخ، وهو الأسوأ الذي يشهده العراق منذ ما يقرب من قرن، وفي الوقت نفسه، يتزايد الطلب على المياه بسبب النمو السكاني في المدن والقطاع الزراعي الذي يستهلك أكثر من 80% من موارد المياه في العراق.
وشهد العراق أمطارًا غزيرة وفيضانات مفاجئة لعدة أيام هذا الشهر، مما أسفر عن مقتل ستة أشخاص على الأقل، وفقًا لوكالة الأنباء العراقية الرسمية، ومع ذلك، لا تزال سدود العراق تعاني من نقص حاد في المياه بعد سنوات من انخفاض معدلات هطول الأمطار، حسبما ذكرت وزارة الموارد المائية العراقية في بيان، الاثنين.
وقال الخبير البيئي ورئيس منظمة المناخ الأخضر العراقية، مختار خميس، إن حوالي 60% من مياه العراق تأتي من مصادر في تركيا المجاورة، إلا أن البلاد تتلقى حاليًا كميات أقل من المياه مقارنة بالسنوات السابقة.
وأضاف في تصريح لشبكة CNN أن السدود المقامة على نهري دجلة والفرات، وخاصة تلك التي بنتها تركيا، تُقيّد تدفق المياه إلى العراق بشكل كبير، مما يؤدي إلى انخفاض ملحوظ في كمية المياه المتاحة وتفاقم أزمة ندرة المياه التي تعاني منها البلاد. وقال خبراء إن سنوات من الفساد وسوء الإدارة تركت العراق في موقف تفاوضي ضعيف فيما يتعلق باتفاقيات تقاسم المياه.
ومع تفاقم أزمة المياه في العراق، أبرمت بغداد اتفاقية تعاون مثيرة للجدل مع تركيا؛ ففي نوفمبر/ تشرين الثاني، وقّعت الدولتان رسميًا اتفاقية إطار التعاون المائي التي تُقدّر بمليارات الدولارات، والتي بموجبها ستقوم شركات تركية ببناء بنية تحتية جديدة لتحسين كفاءة استخدام المياه وتخزينها في العراق، وسيتم تمويل هذه المشاريع من عائدات النفط العراقي، في محاولة لتحويل صادرات البلاد من النفط الخام إلى أمن مائي.
وبحسب طرهان المفتي، مستشار شؤون المياه لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، سيبيع العراق بموجب الاتفاقية كمية متفق عليها من براميل النفط يوميًا، وسيتم إيداع عائداتها في صندوق لدفع مستحقات الشركات التركية مقابل أعمالها في مشاريع البنية التحتية للمياه. ووفقًا لتقرير رويترز، ستشمل المشاريع الأولية سدودًا لتجميع المياه ومبادرات لاستصلاح الأراضي.
ووصفت أنقرة هذه المبادرة بأنها مفيدة للطرفين من حيث تحقيق الاستقرار الإقليمي والتعاون الاقتصادي، حيث قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في بغداد خلال مراسم التوقيع: «نحن في تركيا حريصون على دعم أمن العراق وتنميته وسلامته، ودعمنا في هذا الشأن مطلق». وأشاد وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، بالاتفاقية واصفًا إياها بأنها ضرورية لحماية الأمن المائي والإنتاج الغذائي والاستقرار الاقتصادي، وقال خلال مراسم التوقيع إن بغداد عانت طويلًا من ضعف موقفها بسبب غياب معاهدات رسمية تنظم استخدام مياه نهري دجلة والفرات.
مع ذلك، فقد أثارت هذه الاتفاقية شكوكًا ومخاوف لدى بعض السياسيين والخبراء في مجال المياه في العراق. إذ قالت الخبيرة في سياسات المياه والسياسية المقيمة في بغداد، شروق العبايجي، إن المياه حق من حقوق الإنسان ولا ينبغي أن تكون سلعة مرتبطة بعائدات النفط، وحذرت من أن الاتفاقية مع تركيا «تتعارض مع المبادئ المعترف بها دوليًا في مجال دبلوماسية المياه». وأضافت أن هذه الاتفاقية ليست حلًا لأزمة المياه في العراق، داعيةً بدلاً من ذلك إلى «سياسة مائية طويلة الأجل وسيادية ومهنية ومتوافقة مع المعايير الدولية»، بما في ذلك إصلاح القطاع الزراعي في البلاد.
ويخشى البعض أن تُضعف هذه الصفقة سيطرة العراق على موارده الطبيعية على المدى الطويل، إذ حذّرت الباحثة البارزة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، ناتاشا هول، من أنه إذا أصبح العراق معتمدًا بشكل مفرط على الاتفاقيات الثنائية، فقد تتعرض سيادته للخطر. وتابعت لشبكة CNN إن تركيا قد «تُحكم قبضتها على جارتها الجنوبية في المستقبل المنظور».
واقترح البعض أن الاتفاقية تميل لصالح تركيا، إذ تمنحها نفوذًا كبيرًا على أهم موارد العراق في لحظة ضعف، كما قالت المديرة المؤسسة لبرنامج تركيا في معهد الشرق الأوسط، غونول تول. وقد ردّ المسؤولون العراقيون على هذه الانتقادات، حيث أكد المفوض العراقي أن إدارة المياه ستبقى تحت السيادة العراقية الكاملة، وفقًا لما صرّح به لشبكة CNN.
مع ذلك، يشير الخبراء إلى مزايا رئيسية للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إذ قالت تول إنه يرى في الاتفاقية وسيلة لتعزيز موقفه الداخلي - بما في ذلك البقاء في السلطة بعد انتخابات عام 2028 - فضلاً عن تعزيز الدبلوماسية الإقليمية وأمن الطاقة. وأضافت تول أن الصفقة تتناسب مع هدف أردوغان المتمثل في توسيع نفوذ تركيا في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وقد تُساهم أيضًا في تعزيز أمن الطاقة، مشيرةً إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حثّ أردوغان على التوقف عن شراء النفط الروسي. وقالت: «لقد أصبح النفط العراقي، الذي يُضاهي النفط الروسي من حيث الجودة، بديلاً طبيعيًا».
بغداد / تبارك عبد المجيد
لم يعد الابتزاز الإلكتروني في العراق مجرد حالات فردية معزولة، بل تحول إلى تهديد متصاعد يمس الأمن المجتمعي والخصوصية الرقمية، في ظل انتشار واسع لاستخدام وسائل التواصل وضعف أدوات الحماية القانونية والتقنية. وبينما تسعى الجهات الأمنية إلى احتواء هذه الجرائم عبر تسهيل الإبلاغ ومعالجة الحالات بسرعة، يحذر مختصون من أن غياب التشريعات الناظمة لحماية البيانات وقلة الوعي الرقمي ما زالا يشكلان ثغرة خطرة يستغلها المبتزون والمتطفلون.
تطبيق "أمين"!
كشف المتحدث باسم جهاز الأمن الوطني، أرشد الحاكم، عن إطلاق تطبيق إلكتروني جديد يحمل اسم "أمين"، يهدف إلى معالجة قضايا الابتزاز الإلكتروني وتسهيل إجراءات تقديم الشكاوى للمواطنين، ضمن جهود الجهاز في تعزيز الوعي المجتمعي والتصدي للجرائم الإلكترونية.
وأوضح الحاكم لـ"المدى"، أن "التطبيق انطلق ضمن حزمة من الفعاليات الوطنية الجاهزة، وهو متاح للتحميل على جميع منصات التحميل، وبإمكان أي شخص تنزيله بسهولة واستخدامه دون تعقيد. ويتيح التطبيق تقديم البلاغات بشكل مباشر، مع ضمان معالجة الروابط أو وسائل الابتزاز خلال مدة قياسية لا تتجاوز 48 ساعة من وقت تقديم الشكوى". وبين أن تطبيق "أمين" يشمل معالجة القضايا المتعلقة بالأشخاص دون سن 18 عاماً وكذلك من هم فوق هذا العمر، حيث يتيح للقاصرين، الذين لا يمكنهم قانونياً تقديم شكوى رسمية، إمكانية تقديم بلاغ إلكتروني عبر التطبيق، ليتم لاحقاً تحليل البلاغ والتعامل معه وفق الإجراءات المعتمدة وبالسرعة المطلوبة.
وعن أسباب إطلاق التطبيق، أكد الحاكم أن جهاز الأمن الوطني لاحظ خلال الفترة الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً في حالات التهديد والابتزاز الإلكتروني، ما استدعى التوجه نحو حلول تقنية حديثة. وأشار إلى أن الجهاز أطلق منذ نحو سنتين إلى ثلاث سنوات حملة توعوية بعنوان "إحنا بظهركم"، ركزت على معالجة الابتزاز الإلكتروني وتعزيز ثقافة التعامل الصحيح مع هذه القضايا. وأضاف أن الحملة في عامها الأول أسهمت في تحصين طالبات الجامعات وتوعيتهن بآليات التصرف السليم عند التعرض للابتزاز، ثم توسع نطاق الاستهداف ليشمل طالبات المرحلتين المتوسطة والإعدادية، حيث تم الوصول إلى أكثر من مليون طالبة خلال السنوات الماضية.
وتابع الحاكم حديثه بالتأكيد على أن الظروف المجتمعية الحالية، إلى جانب تعقيد بعض الإجراءات الروتينية، دفعت جهاز الأمن الوطني إلى اعتماد خطوات تقنية وإلكترونية حديثة، بهدف تسهيل التعامل مع مشكلات الابتزاز التي تواجه الشباب والفتيات، وتعزيز الحماية الرقمية للمجتمع. من جانبه، يرى الأكاديمي عمار محمد، اختصاص في التكنولوجيا، أن إطلاق تطبيق يمثل خطوة متقدمة في توظيف الحلول الرقمية لمواجهة جرائم الابتزاز الإلكتروني، خصوصاً في ظل الارتفاع المتسارع لاستخدام المنصات الرقمية بين فئة الشباب.
ويؤكد محمد لـ"المدى" أن أهمية التطبيق لا تقتصر على كونه وسيلة لتقديم الشكاوى، بل تكمن في تقليص الفجوة بين الضحية والجهات المعنية، وتجاوز حاجز الخوف أو التعقيد الإجرائي الذي يمنع الكثيرين من الإبلاغ، لاسيما القاصرين. كما أن سرعة الاستجابة ومعالجة المحتوى المسيء خلال وقت محدد تسهم في الحد من الأضرار النفسية والاجتماعية التي غالباً ما تتفاقم مع التأخير. ويشير إلى أن اعتماد أدوات تقنية آمنة ينسجم مع المعايير الحديثة للأمن الرقمي، شرط أن يترافق مع ضمانات واضحة لحماية البيانات الشخصية وسرية البلاغات، مؤكداً أن نجاح مثل هذه التطبيقات يعتمد أيضاً على استمرار حملات التوعية الرقمية، وتعليم المستخدمين أساليب الحماية الذاتية وعدم التفاعل مع المبتزين.
فجوة قانونية!
وذكر المختص في الأمن السيبراني والرقمي، مصطفى الموسوي، أن السنوات الأخيرة شهدت زيادة ملحوظة في حالات التطفل الرقمي داخل العراق، ما جعل هذه الظاهرة جزءاً شبه يومي من حياة المستخدمين. وأوضح الموسوي أن التطفل الرقمي يتجلى في اختراق الحسابات، وتسريب الصور، وحالات الابتزاز التي باتت تتكرر بشكل متزايد، مشيراً إلى أن انتشار الهواتف الذكية وضعف الوعي الأمني ساهم بشكل كبير في تضخيم المشكلة.
وأشار الموسوي لـ"المدى"، إلى أن أساليب المتطفلين رغم بساطتها، إلا أنها فعالة جداً، حيث تعتمد بشكل رئيسي على روابط مزيفة وصفحات تسجيل دخول وهمية، وسرقة رموز التفعيل، إلى جانب انتشار تطبيقات غير موثوقة تحتوي على برامج تجسس، واستخدام شبكات واي فاي عامة غير آمنة.
وأضاف أن هذه الطرق تستغل سرعة استخدام المستخدمين وتسرعهم، إلى جانب قلة الانتباه والحذر. واعتبر الموسوي أن غياب قانون حماية البيانات في العراق يشكل تحدياً كبيراً أمام تأمين خصوصية المستخدمين، حيث لا توجد قواعد واضحة تمنع الجهات المختلفة من جمع بيانات الأفراد دون ضوابط، مما يسهل بيع هذه البيانات وتسريبها واستغلالها بطرق غير قانونية. ولفت إلى أن وجود قانون صارم كان من الممكن أن يحد كثيراً من هذه الفوضى الرقمية.
وأوضح الموسوي أن الفئات الأكثر تعرضاً لهذه الهجمات الرقمية هم النساء والمراهقون بسبب حساسية المجتمع تجاههم، إضافة إلى المؤثرين وأصحاب الصفحات الكبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يصبح اختراق حساباتهم ذا قيمة أكبر للمخترقين.
وأكد أن ضعف الثقافة الرقمية عند فئات واسعة يسهل عمل المبتزين ويزيد من حجم المشكلة. وشدد الموسوي على ضرورة قيام الدولة بتشريع قانون يحمي بيانات المواطنين وينظم عمل شركات الاتصالات والإنترنت، مع تقوية وحدات مكافحة الابتزاز والجرائم الإلكترونية.
كما دعا المواطنين إلى اتخاذ إجراءات وقائية شخصية، مثل تأمين الحسابات بكلمات مرور قوية، وتفعيل خاصية التحقق بخطوتين، وتجنب فتح الروابط المشبوهة أو مشاركة رموز التفعيل مع الآخرين، مؤكداً أن التصرف الصحيح يبدأ بالوعي قبل وقوع المشكلة وليس بعدها.
بغداد / المدى
تبدأ المصارف الحكومية في العراق إجراءات الجرد والتطبيق السنوي خلال الأسبوع الجاري، مما سيؤدي إلى إيقاف أنشطتها حتى مطلع العام المقبل. وقال مصدر مطلع إن هذه الخطوة تأتي لفسح المجال أمام تصفية الموقوفات المحاسبية وتهيئة الإحصائيات والبيانات المالية الخاصة بالسنة المنتهية، مشيراً إلى أن العمل سيتضمّن عدم ترويج طلبات الخدمات المصرفية وإيقاف جميع الأنشطة المصرفية مؤقتاً خلال فترة الجرد، وهذا الإجراء معمول به سنوياً. وأكد المصدر أن المصارف ستستأنف عملها الطبيعي وتباشر بترويج المعاملات والخدمات المصرفية مطلع العام المقبل، بعد الانتهاء من إجراءات الجرد والتدقيق وفق الضوابط المعتمدة.
بغداد / المدى
أكد رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان، أن الجلسة الأولى لمجلس النواب الجديد، المقررة في 29 كانون الأول 2025، يجب أن تُحسم فيها تسمية رئيس المجلس ونائبيه، مشدداً على أنه لا يجوز دستورياً أو قانونياً تأجيلها أو تمديدها.
جاء ذلك خلال استقبال فائق زيدان لرئيس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني، بحسب بيان صادر عن مجلس القضاء الأعلى.
وذكر مجلس القضاء في بيان أن اللقاء جرى فيه التأكيد على أهمية احترام التوقيتات الدستورية لانتخاب الرئاسات الثلاث، بما يضمن استكمال تشكيل السلطتين التشريعية والتنفيذية.
وأوضح فائق زيدان أن «جلسة مجلس النواب الجديد الأولى يوم 29 كانون الأول/ديسمبر الجاري يجب أن تنتهي بحسم تسمية رئيس مجلس النواب ونائبيه، ولا يمكن دستورياً وقانونياً تأجيلها أو تمديدها».
كما أكد زيدان أهمية «حسم تسمية المرشح لرئاسة الجمهورية خلال المدة الدستورية البالغة ثلاثين يوماً بعد انتخاب هيئة رئاسة مجلس النواب يوم 29 من الشهر الحالي».
ويشهد المجلس السياسي الوطني الذي يضم القوى السنية الفائزة بالانتخابات، حراكاً سياسياً متسارعاً للإعلان عن تسمية مرشح رئاسة مجلس النواب، عبر اجتماعات وُصفت بالإيجابية ناقشت ملفات رئاسة البرلمان وحقوق المكون السني.
ويأتي ذلك بالتوازي مع تحركات الإطار التنسيقي الشيعي، الذي أكد التزامه بالمدد الدستورية وحسم تسمية رئيس الوزراء خلال أسبوعين.
بغداد / محمد العبيدي
عادت مناصب نواب رئيس الجمهورية إلى واجهة المشهد السياسي العراقي، بوصفها إحدى أوراق التفاوض في مرحلة ما بعد الانتخابات، وسط تقارير عن مساعٍ تقودها قوى سياسية لإعادة استحداثها بعد سنوات من إلغائها، في خطوة تفتح مجدداً ملف المحاصصة والإنفاق الحكومي، وتثير تساؤلات مباشرة حول جدوى توسيع هرم المناصب العليا في ظل أزمة اقتصادية خانقة وتراجع قدرة الدولة على تمويل المشاريع التنموية والخدمية.
ويأتي هذا الجدل متزامناً مع مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة؛ حيث تسعى قوى سياسية متعددة إلى توسيع حصصها داخل السلطة التنفيذية، عبر إعادة استحداث مناصب سيادية أو شبه سيادية، تُدرج غالباً ضمن تسويات ما بعد الانتخابات، أكثر من ارتباطها بحاجات إدارية أو دستورية ملحة.
عبء مالي يتوسع
في هذا السياق، حذر المحلل السياسي رافد العطواني من أن إعادة استحداث مناصب عليا في الدولة تمثل عبئاً مالياً إضافياً على الموازنة العامة، في وقت تذهب فيه نحو 72% من الموازنة السنوية إلى الإنفاق التشغيلي، بما يشمل الرواتب والمخصصات والدرجات الخاصة.
وقال العطواني لـ(المدى): إن «هذا الواقع يزداد خطورة في ظل اعتماد العراق شبه الكلي على صادرات النفط، في وقت تقف البلاد أمام كارثة حكومات المحاصصة التي تكرس الترهل الوظيفي والمناصبي على حساب الاستثمار والخدمات والتنمية».
وأكد أن «هذه المناصب لا تسهم في تحسين الأداء الحكومي ولا تخدم العملية الديمقراطية، كما أنها تتعارض مع مطالب إصلاحية رفعتها قوى سياسية وشخصيات بارزة، بينها التيار الصدري، فضلاً عن أطراف أخرى تتحدث عن إصلاح حقيقي وبناء دولة مؤسسات».
وكانت مناصب نواب رئيس الجمهورية قد أُلغيت في آب 2015 ضمن حزمة إصلاحات أطلقها رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، استجابة لضغوط شعبية واسعة طالبت بتقليص النفقات ومكافحة الفساد، وهو قرار شمل شخصيات سياسية بارزة في حينه وأثار جدلاً دستورياً واسعاً.
ولاحقاً، حسمت المحكمة الاتحادية العليا الجدل بقرار أكدت فيه أن وجود نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية منصوص عليه دستورياً، ولا يمكن إلغاؤه إلا عبر تعديل دستوري، ما أبقى الملف مفتوحاً من الناحية القانونية، وإن ظل معطلاً سياسياً طوال السنوات الماضية.
ترضيات سياسية لا إصلاح إداري
من جانبه، رأى المحلل السياسي علي ناصر أن الواقع الاقتصادي العراقي لا يحتمل استحداث مناصب جديدة أو زيادة الدرجات الخاصة، في وقت تتجه فيه الحكومة إلى تقليص الرواتب والتخصيصات المالية، في محاولة للسيطرة على العجز المالي.
وقال ناصر لـ(المدى): إن «المفارقة تكمن في عودة الحديث عن فرض مناصب مثل نواب رئيس الجمهورية، وهي خطوة تندرج ضمن سياسة الترضيات السياسية لشخصيات حصلت على مقاعد انتخابية دون أن تنجح في حجز مواقع تنفيذية متقدمة».
وأضاف أن «الكلفة المالية لا تقتصر على شاغل المنصب، بل تشمل مكاتب إدارية، وحمايات، وامتيازات، ونفقات تشغيلية إضافية، ما يفاقم الأعباء على الاقتصاد الوطني ويعيد إنتاج مشهد الامتيازات الواسعة للمسؤولين، مقابل محدودية دخول المواطنين».
ومع اقتراب استحقاق تشكيل الحكومة الجديدة، عاد الملف إلى الواجهة بوصفه جزءاً من مفاوضات توزيع المواقع، في ظل تضخم عدد الكتل البرلمانية وتعدد مطالبها؛ حيث يجري التعامل مع منصب نائب الرئيس باعتباره موقعاً ضمن معادلة التوازن المكوناتي، أكثر من كونه منصباً تنفيذياً بمهام واضحة.
متابعة / المدى
أقر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بتعرض المنشآت النووية الإيرانية «لأضرار جسيمة»، مؤكداً في الوقت نفسه أن البرنامج النووي لم يقض عليه، وأن طهران لا تزال متمسكة بحقها في التخصيب، مع إبداء استعدادها لتقديم «ضمانات كاملة» تؤكد الطابع السلمي للبرنامج.
وقال عراقجي، في مقابلة متلفزة، إن «الحقيقة هي أن منشآتنا تعرضت لأضرار، وبشكل جسيم»، لكنه شدد على أن «تقنيتنا ما زالت قائمة، والتكنولوجيا لا يمكن قصفها»، مضيفاً أن «عزمنا وإرادتنا لا يزالان قائمين».
وأكد وزير الخارجية الإيراني أن بلاده تعتبر الاستخدام السلمي للطاقة النووية، بما في ذلك التخصيب، «حقاً مشروعاً كاملاً»، مضيفاً: «لقد طورنا هذه التكنولوجيا بأنفسنا، وقدم علماؤنا تضحيات كبيرة في سبيلها، كما ضحى شعبنا أيضاً؛ إذ عانى من العقوبات، وها هو اليوم يعاني من حرب مدمرة للغاية. لذلك لا يمكننا التنازل عن حقوقنا».
وفي مقابل ذلك، أعلن عراقجي استعداد طهران لتقديم ضمانات دولية، قائلاً: «نحن مستعدون لتقديم ضمانات كاملة بأن برنامجنا سلمي وسيبقى سلمياً إلى الأبد».
واستعاد تجربة الاتفاق النووي لعام 2015، معتبراً أنها نموذج ناجح، إذ «قبلنا، مقابل رفع العقوبات، باتخاذ إجراءات لبناء الثقة بشأن الطبيعة السلمية لبرنامجنا»، واصفاً الاتفاق حينها بأنه «إنجاز دبلوماسي احتفى به العالم بأسره».
وفي مقارنة مباشرة بين المسارين، قال عراقجي إن «لدينا تجربتان: تجربة الدبلوماسية، وتجربة العمل العسكري»، معتبراً أن «التجربة العسكرية لم تحقق أهدافها، بينما كانت التجربة الدبلوماسية ناجحة»، ومضيفاً أن «الاختيار يعود إلى الولايات المتحدة».
وحول مطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول إلى المنشآت المتضررة، أوضح عراقجي أن إيران «ما زالت عضواً ملتزماً في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)، ومستعدة للتعاون مع الوكالة»، لكنه طرح تساؤلاً قال إنه جوهري: «كيف يمكن تفتيش منشأة نووية تعرضت لهجوم؟ لا توجد إجابة عن هذا السؤال، لأنه لا توجد أي سابقة في هذا المجال».
وأشار إلى أن طهران والوكالة اتفقتا على «ضرورة التفاوض لإيجاد آلية وإطار محددين لعملية التفتيش في مثل هذه الحالات»، مؤكداً أن هذا الملف «مطروح الآن على الطاولة».
وفيما يتعلق بالتخصيب، شدد عراقجي على أنه «حقنا»، معتبراً أنه يتجاوز البعد التقني ليصبح «مسألة تتعلق بالكرامة والفخر الوطنيين، لأنه ثمرة إنجازات علمائنا»، مضيفاً أن «اعتراف الولايات المتحدة بهذا الحق يمكن أن يشكل خطوة إيجابية لصالح نظام عدم الانتشار».
وعن احتمالات شن هجوم جديد على إيران، قال وزير الخارجية الإيراني إن بلاده «لا تستبعد هذا الاحتمال»، لكنها «مستعدة له بالكامل، بل أكثر استعداداً من ذي قبل»، مؤكداً أن الهدف ليس الحرب، بل منعها. وأضاف: «أفضل وسيلة لمنع الحرب هي الاستعداد لها»، مشيراً إلى أن إيران «أعادت في الواقع بناء كل ما تضرر في العدوان السابق»، وتابع: «إذا ما أرادوا تكرار التجربة الفاشلة نفسها، فلن يحققوا نتيجة أفضل».
وتتزامن تصريحات عراقجي مع تحركات إسرائيلية لبحث ضربة عسكرية جديدة ضد إيران. وبحسب تقرير لشبكة «إن بي سي»، يعتزم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عرض خطة متكاملة على الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال لقائهما المرتقب في فلوريدا نهاية ديسمبر، تتضمن تقديرات استخباراتية جديدة وخيارات عملياتية لضرب إيران.



