الأسود وإثبات الوجود

Tuesday 6th of January 2015 09:01:00 PM ,
العدد : 3255
الصفحة : الأعمدة , رعد العراقي

مرة أخرى يفشل منتخبنا الوطني في تحقيق فوز معنوي برحلة إعداده لنهائيات كأس آسيا 2015 يمنحه دفعة معنوية قبيل دخوله غمار المنافسات الرسمية عندما خسر مباراته الاستعدادية أمام نظيره الإيراني بهدف وحيد كان كافياً لأن نؤجل طموحنا في اجتياز حالة الترقب والقلق التي تجتاح الشارع الكروي حول جهوزية الأسود الكاملة لدخول المعترك القاري الكبير.
وبرغم أن مَن يبحث في أوراق منتخبنا الفنية في مباراته الأخيرة يجد الكثير من الهفوات التي تسجل على الأداء العام بصورته المتفاوتة بين السيطرة المطلقة والارتباك والانقياد وراء اسلوب الخصم بصورة غريبة ، إلا أن الحال مازالت ضمن حدود المعالجة التي يمكن للملاك التدريبي ان يضع لمساته في تصحيح الأوضاع ورسم أسلوب مقترن مع امكانية اللاعبين وظروف كل مباراة وصولاً الى الاستقرار داخل المستطيل الأخضر.
ولأجل أن نكون أكثر إنصافاً وواقعية فإن ما نتطرق له لا يصب في أسس الأداء الفني الذي بالتأكيد انه الآن محل رصد ومتابعة وتحليل للمدرب وملاكه المساعد لكننا سنتوقف عند محطات مهمة ومؤثرة تتطلب المرور عليها وعرضها من أجل ان لا تشكل معضلة عند خوضنا البطولة.
إن إخفاقة خليجي 22 وما تلاها من تداعيات والخوف من استمرار الفشل لابد أن تغادر أذهان اللاعبين وخاصة بعد تواصل عقدة تحقيق الفوز في المباريات الاستعدادية التي قد تثير الهواجس وتشتت النهج التكتيكي وتدفع اللاعبين نحو محاولة بذل (جهد منفعل ومرتبك) تحت وطأة الشعور بالحرص وتقديم ما يُرضي الجماهير باللجوء الى خيار الأداء الفردي المقترن بالأنانية وبالتالي يسبب في فقدان التركيز وارتكاب الأخطاء ومنح الخصوم فرصة الضغط نفسياً لكسب المباراة .وهنا فان عملية الارتقاء بالحلول لابد ان تلامس هذا الجانب بكل احترافية ومحاولة دفع اللاعبين نحو انتهاج الاسلوب المتزن بين الجدية المسيطر عليها وبين اطلاق المهارات التي تصب في صالح الأداء الجماعي وليس العكس.الأمر الآخر المهم هو كيفية معالجة الاخطاء التي سُجلت أثناء المباريات التجريبية من دون أن تسبب في حدوث نوع من (الفوبيا) تؤثر بشكل خطير على روح تعامل اللاعب مع الخصم وخاصة في ما يخص الجانب الدفاعي وكيفية قطع الكرات داخل المنطقة المحذورة وتكرار السقوط في فخ ركلات الجزاء وهو ما سبب في تردد البعض في أن يكون أكثر جرأة في الضغط على المهاجمين الإيرانيين في المباراة الأخيرة خوفاً من تحمل مسؤولية الخسارة وتسببه في ركلة جزاء كما حصل في المباريات السابقة.
إن النتائج السيئة في المباريات الودية لا تعد مقياساً يمكن الركون إليه في الإقرار على المستوى الحقيقي للمنتخب ومدى نجاحه في البطولة وإن الشواهد على ذلك كثيرة ، وقد يكون العكس صحيحاً إذا ما استطاع الملاك التدريبي أن يوظف ذلك باتجاه رفع الهمة والاستفادة القصوى من رغبة الأسود في اجتياز الحاجز النفسي وتحقيق الفوز والاستفادة من غياب (الثقة الزائفة) التي طالما تكون حاضرة عند تحقيق نتائج جيدة بصورة أو أخرى تتستر فيها على الاخطاء وترمي بالفريق الى دهاليز الغرور والشعور بالقوة تراها تسقط مع اول اختبار جدي لا يلعب فيه الحظ دوراً في كسب النتيجة.
نقول : لدينا الثقة الكاملة بأن مَن يقود أسود الرافدين من طاقم تدريبي وإداري سيكون اكثر حكمة في ايجاد الوسائل والاساليب التي تلامس الحس الفكري للاعبين قبل ان تتوجه نحو اقدامهم من اجل احداث الصدمة المطلوبة في استنهاض الامكانيات والقدرات الفنية التي ستكون كفيلة في فرض منتخبنا كمنافس لانتزاع بطاقة الترشح للدور الثاني بكل جدارة بعد ان تدرك المنتخبات الاخرى الإصرار والثقة في عيون لاعبينا مع اول لحظة دخولهم الى ارضية ملعب المباراة.
وقفة .. عندما تريد الانتصار لابد من تحقيق ثلاثة أمور..أن تحترم الخصم ولا تخشاه .. وأن تفرض أسلوبك بقوة الفكر .. وأن تسقط الـ(أنا) وتستنهض الـ(نحن).