حكاية عراقية مع مرضها الملهم !

Wednesday 11th of February 2015 09:09:00 AM ,
العدد : 3286
الصفحة : المرأة ,

"خلقتُ امرأة عراقية ، لذا صار جزءاَ من تكويني الإصرار، لا لشيء الا اننا اعتدنا أن نهب الحياة من أرحامنا قوة "بهذه العبارة ابتدأت ريا محمد عاصي سرد قصة كفاحها مع مرض نادر، لا أسم له ولا أبحاث تكفي لإعطاء تصور كامل عنه ، فهو يصيب واحداَ من كل عشرين ملي

"خلقتُ امرأة عراقية ، لذا صار جزءاَ من تكويني الإصرار، لا لشيء الا اننا اعتدنا أن نهب الحياة من أرحامنا قوة "بهذه العبارة ابتدأت ريا محمد عاصي سرد قصة كفاحها مع مرض نادر، لا أسم له ولا أبحاث تكفي لإعطاء تصور كامل عنه ، فهو يصيب واحداَ من كل عشرين مليون شخص ! 

ريا ، أجبرتها الظروف القاسية على الفرار من وطنها العراق لغرض الحصول على ملاذٍ امن لها ولولدها، فهو الابن الوحيد لأم وحيدة.

 

وعن ذلك تقول "بدأتُ حياتي الجديدة من الصفر، وواجهت العالم الجديد بعمر تعدى السابعة والثلاثين، حياة جديدة مازالت غير مستقرة، حيث لا بيت ولا ماض، ولا حتى كنزة شتوية تدفئ ارتعاد مفاصلي "  
وتضيف "التجأت لبلاد رحيمة مع الإنسان في كل شيء ، جميلة لا يعكر صفوها سوى فصل الشتاء بمعطفه الأبيض الكئيب"
لم تكن هذه سوى البداية ، فقد خبأت الأقدار قصة اخرى لريا، ستكتشف من خلالها معنى النضال الحقيقي لكن هذه المرة بهيئة صراع من أجل الحياة، والبقاء.
 "في نهاية عام ٢٠١٠، بدأت بقع زرقاء تجتاح جسدي وتغطيه ، كأنها أثار كدمات لسقطة من مكان مرتفع ، رافقتها آلام مبرحة في مفاصلي لم افهم سرها  "
قالت ريا وأضافت بحزن وهي تستذكر " لم يتمكن الأطباء من تشخيص علتي في البداية، الا انني وبعد عدة أشهر حصلت على الاجابة التي تقول انني مصابة بمرض يعد نادراَ ، تهاجم فيه خلايا الدم الغضروف فيتآكل شيئاَ فشيئأ مخلفةً بعد ذلك كدمات زرق في جسدي"
ثم أردفت وفي عينيها طرف ابتسامة " العلاج كان يكمن في ضرورة اعتيادي على منظر هذه الكدمات ، ليس هذا وحسب ، وانما أن اكون سعيدة بعيدة عن الحزن "
رحلة علاج 
أول سؤال طرحه الطبيب المعالج لحالة ريا هو : من سيرافقك في رحلة علاجك؟
وهنا ، كان لا بد لها ان تستجمع قواها ، فالمواجهة مع المرض باتت حقيقية.
"استجمعت قواي وتذكرتهم كلهم في لحظة واحدة" قالت ريا 
" دموع امي عند الوداع، ضفيرة اختي المقدسة، بحة صوت أبي، ولون شيب رأس اخي الذي صار مشابهاَ لشيبي، 
هؤلاء جميعاَ كانوا في الجهة الاخرى من الارض، لكنني اجتررتُ خيالهم ليكون تعويذتي وتميمة شفائي"
كان محبوا واصدقاء ريا حولها وان لم يكونوا في الحقيقة، فكابوس مرضها كان يتعثر بين انجماد بحيرة وشخوص غريبة تحيطها في المكان الذي كانت فيه. 
"كنت اشعر بالقوة كلما سمعت اصواتاَ دافئة كصوت صديقتي بشرى وزوجها جمال، كان ذلك يحدث بينما تفصلنا قارتين عن بعضنا ، كذلك كان صوت خالد مطلك وهو يشجعني ويدعمني ويدعوني للكتابة ، الكتابة عن كل ما اشعر به في محنتي
الاثر الكبير في روحي، ولن انسى كذلك ذكر المقال الذي كتبته أمنا الكونية( لطفيه الدليمي) ، والذي تحدثت فيه عن الحياة ، والعيش فيها دون متاع وامتعة، شعرت حينها إنني ابنة هذا الكون ومن المستحيل أن يتخلى عني في هذه المحنة " قالت ريا وأضافت بشئ من وجع 
"اذكر ذلك اليوم الذي حلقوا فيه رأسي كي لا أشعر بالصدمة لو تساقط شعري جراء أخذي جرعات من العلاج الكيميائي، أذكره جيداَ ، فقد عدت للمنزل لأجد شقيقة الغربة واخت الروح( داليا ) تطبخ لي اكلتي المفضلة " الباميا" ، فتغسل عن روحي قسوة التجربة بدفئها الذي لف المكان "
ما نجوت الا بالمحبة 
بعد رحلة علاج تضمنت ثلاث جرعات قوية من العلاج الكيميائي، نجحت ريا في منح خليتها الخبيثة الطمأنينة على حد تعبيرها، وبذا تكون قد ربحت معركتها ضد المرض، لكن بعلاج اهم من الطب ، انه المحبة .
كحلت عيني بشمس بغداد أخيراَ، ودفء قلب امي، وحب عائلتي،  "
ولمة الاحبة نهلة وبسمة ومنى وبشرى ودنيا وذكرى وعماد وسعد والشيخ احمد وكل الأصدقاء، كلها جعلتني اخرج من نفق المرض بقارب نجاة ، جدفت فيه أياديهم جميعاَ"
في احد الأيام رأيت طفلَا في المرحلة الاخيرة من علاجه ، قال لي حرفياَ بأنه جعل من سرطانه المنبوذ صديقاَ ،، فبات صديقه حقاَ ، ولشد ما رددت هذه العبارة مع نفسي ، اعتبرت هذا الصغير .. ملهمي الاول"