المصارعة تفقـد بريقها

Monday 18th of May 2015 09:01:00 PM ,
العدد : 3363
الصفحة : الأعمدة , محمد حمدي

كانت لعبة المصارعة بشقيها الحرة والرومانية حتى وقت قريب حصان المشاركات الخارجية لفرقنا الوطنية بالألعاب الفردية على المستويين الآسيوي والعربي ولم تفارق منصات التتويج ابطالنا في البطولات الآسيوية قبل ان تمرَض وتتراجع بصورة مخيفة وتخسر أسهمها سريعاً بما لا تقوى فيه على المنافسة وسط مؤشرات خطيرة قد تنسحب على فرق الفئات العمرية ايضاً بعد ان توقف الإنجاز رسمياً لفئة المتقدمين وآخرها بطولة آسيا التي ضيفتها اكاديمية (اسباير) في العاصمة القطرية الدوحة واختتمت في الثلث الأول من أيار الحالي من دون ان يتمكن أي مصارع من مصارعينا الأثني عشر من قول كلمته وتحقيق ميدالية واحدة لحفظ ماء الجبين حيث تهاوى أهل الحرة بسرعة البرق منذ اليوم الأول للبطولة وتبعهم مشاركو الرومانية ايضاً في الوقت الذي تغنى فيه اتحاد اللعبة بانجازات إدارية آسيوية وغرب آسيوية ، هي وإن كانت من انجازاتهم التي لها أهمية بلا شك على المستوى التنظيمي والبروتوكولي لكنها لا ترقى بكل الاحوال من وجهة نظر الشارع الرياضي الى ميدالية واحدة تزيّن صدر احد ابطال اللعبة التي لم يسبق لنا ان غادرنا ميدان آسيا من دون أثـر عراقي واضح ، والمشكلة التي اشخّصها انا وغيري في الإعلام الرياضي إن الاخفاقات المتتالية للمصارعة العراقية تمر مرور الكرام بصورة طبيعية وكأن شيئاً لم يكن في الوقت الذي يعلو فيه الضجيج والتطبيل لبطولات متواضعة على مستوى الناشئين تقام هنا وهناك وربما اعتبرتها أسرة الاتحاد بأنها الأهم والأثمن وان كنت أضع الف علامة استفهام امامهم كونها بطولات مستمرة في عمّان وبيروت منذ عقدين من الزمن وكان من الطبيعي ان يعزز من تصدى للذهب وناله في هذه البطولات ما تحقق في بطولة آسيا على مستوى المتقدمين بعد سنين لا ان يختفي الى الابد وهذه حقيقة يعرفها أهل الدار قبل غيرهم وربما وجدوا لها اعذاراً كثيرة لسنا بصدد مناقشتها معهم في هذه السطور بقدر ما نريد منهم ان يقفوا ميدانيا على الواقع الصعب للعبة المصارعة وابتعادها عن قائمة المنافسين آسيويا لحساب دول اخرى عرفت طريقها الى الإنجاز ونمت اجيالها الجديدة بسرعة ووصلت الى منصات التتويج وان كانت ببصمات عراقية تدريبية نجحت في خلق اجيال جيدة من المصارعين بدول الخليج وبعض الدول العربية.
الحقيقة إن الاتحاد المعني غادر الى حدود بعيدة قاعدة اللعبة ولم يتصرف أبداً بإيجاب وهو يراها تتقلص في امتدادها على خارطة الوطن لحدود بعيدة جداً حيث لم نعد نسمع عن اندية ومنتخبات محافظات كانت لها صولات وجولات على البساط في الفترة الماضية لم يعد لها أي وجود سوى مدربين ومتابعين حالمين يتغنون بأمجاد ما مضى ويعضون الأصابع ندماً على قاعدة رياضية رصينة اختفت.
نعم هذا هو حال المصارعة العراقية اليوم فلم تفلح بترميم بيتها الداخلي ببطولات محلية متنوعة أسوة بتلك التي تقام في الجارة إيران مثلاً وتكون أحد اهم اسباب تطور اللعبة وازدهارها وانتشارها محلياً ولم تفلح بمتابعة عدد جيد من اللاعبين العراقيين في الخارج ممن امتهنوا المصارعة من آبائهم وأقاربهم المهاجرين وصار لهم شأنهم اليوم في أوروبا وبعض الدول العربية ونسمع يومياً عن اسماء لامعة حققت افضل النتائج لألوان بلدان اخرى استثمرت تواجدهم بارضها ، وللأسف صار أكثر ما يفكر به القائمون على الاتحاد هو الجد والاجتهاد لتحضير فرق فئات عمرية وبعض المصارعين المتقدمين المتهالكين من اجل ضمان السفر والمشاركة الخارجية بغض النظر عما تسفر عنه المشاركة كما حصل في بطولة آسيا الأخيرة واعتقد اننا سنكون على موعد مع إخفاقات أخرى طالما بقي الحال يجثوا على ما عليه حالياً!
اخيراً نتمنى على الاتحاد أن يُعيد شريط المشاركة الاخيرة التي سبقتها ويرتب أوراقه بحسابات دقيقة قبل فوات الأوان والترحم على أمجاد الزمن الغابر.