كل عقيدة تتحول إلى فخ للروح الحرة

Saturday 8th of August 2015 09:01:00 PM ,
العدد : 3425
الصفحة : الأعمدة , لطفية الدليمي

مناجيات مع هيرمان هيسّه

3

 

تعود في روايتك "دميان" المفعمة بتمجيد الأنوثة الخالدة والروح الكونية والنبوءات –تعود إلى استعادة طفولتك في طفولة "اميل سنكلير" وتفصح عن حيرة الصبا فانت تتقمص شخصية اميل سنكلير الصبي الحائر الذي يرى بيت اسرته عالما بحدود ضيقة رغم جو الألفة والحنان ، أم واب : حب وصرامة سلوك مثالي ومدرسة ، عالم نظيف ونقي وأخلاق حميدة ، كنت ترى هذا العالم ممتدا بخطوط مستقيمة وقد صممت ان تخرج عليها كلها وتمضي في المتاهة فقد تميزت السنوات الاربعون من حياتك بحركة مسعورة نحو الخارج ، نحو الحرية التي لا يقيدها شيء هناك هروب من المدرسة ، هروب من البيت ، هروب عبر اوروبا وآسيا ، هروب من حميمية العائلة كما ساعدت اصدقاءك على الهروب من جحيم النازية ، ولبثت تهرب نحو الجبال والمواقع الأسمى ..
- ماذا ترى في حصولك بعد الحرب على جائزة نوبل ، ثم جائزة غوته ؟؟
- أظنني برهنت في أعمالي على صيانة العديد من القيم التي تنتمي لمملكة الروح السرمدية ، هذه القيم التي فقدت في جو الخواء الاجتماعي والثقافي الذي ساد ألمانيا خلال الاثني عشر عاما من الحكم النازي ..
- وصفك بعض معاصريك بأنك كنت نموذجا للشباب الغريب الذي لا يتقبل القيم العتيقة ويرفض بيع نفسه الى مجموعة القوانين العامة.
- الروح الحرة المتمردة التي أملكها كانت تحرضني على رفض تلك القيم البالية وتحول بيني وبين بيع نفسي للقوانين العامة ، لذلك كنت أهرب دوما الى أمكنة اخرى تعتقني من القيود ..
- أترى الحرية دينا قبل جميع الاديان؟
- لا يمكن للحرية أن تتحول الى عقيدة فكل عقيدة مهيأة لتصبح فخا ً لكل روح متحررة وفي أوقات عصيبة عندما سلبت حريتي قمت بمحاولات انتحار ، الحياة تصبح عبئا دونما حرية حقة..
- قاومت ارغام والديك لك على الدراسة الجامعية وحاولت الانتحار واصابتك نوبات صداع ودوار ، ما الذي كنت تريده حينها ؟؟
- اعلنتها بوضوح : اريد ان اكون كاتبا وحسب.. قلت لهم لقد خلقت لأكون كاتبا وتركت الجامعة ، وعملت متدربا في مشغل يصنع ساعات الأبراج واشتغلت في تجارة الكتب وأصبحت نهما للقراءة التي زودتني بالثقافة رافضا صيغة التعليم المدرسية.. وحينها اسست صحيفة معارضة وحررت مجلات دورية واستعرضت عددا لا يحصى من الكتب وحررت مختارات ادبية واعمالا المانية رومانسية وكنت سعيدا بكل ذلك.
- قلت في كتابك "تجوال" ان التحرك والتجوال علامتان من علامات الطريق الى المستقبل
وانك تشمئز من جميع الحدود والمعيقات ؟؟
- التجوال يجعل المرء حرا اشبه بكائن بدائي بالطريقة ذاتها التي تجعل البدوي اكثر بدائية من الفلاح ، لقد تحكمت بي رغبتي في تجاوز كل شيء وكنت اشمئز من الحدود بين البلدان أشمئز من آثار الحروب وعلاماتها على أرض البشر..
- الحدود بين البلدان فحسب ؟؟
- الحدود في كل شيء ؟
- الحدود بين البلدان اشبه بالمدافع ، اشبه بالجنرالات ، طالما كان لدينا سلام ومحبة لكننا لم ننتبه اليهما وما أن نشبت الحرب وتسيّد الخبل عالمنا حتى صرنا نرى وجودهما ملحّا ومقدسا ..
- تعترف بأنك عابد لما هو غير ثابت ولامستقر ؟
- أعبد المتغيرات والفانتازيا ، لا احب ان امنح حبي لمكان واحد وصغير كالوطن.
 يتبع