جريمة في العصر الذهبي

Monday 15th of February 2016 09:01:00 PM ,
العدد : 3575
الصفحة : الأعمدة , رعد العراقي

لا يمكن أن تحتل الرياضة العراقية المكانة اللائقة لها وتمضي نحو التطوّر والرقي وهي تخضع يومياً لعمليات التشريح للبحث عن أسباب تراجعها التي دائماً ما تنحصر النتائج بأخطاء الماضي والفساد الإداري والمالي وسوء التخطيط .. ثم يطرح العلاج الوقتي كمحفزات آنية علها تقوى للوقوف على اقدامها المشلولة .. بينما تهرب عن الأذهان وسائل (الكي) كأحد الحلول اللازمة لكل من أسهم وشارك في انتشار الأمراض المزمنة في جسدها .. والكي هنا هو سيادة القانون في التشخيص والملاحقة بأثر رجعي لكل المقصرين وعندها يمكن أن نؤسس لفكر جديد في العمل والتخطيط وسط أجواء صحية بعيداً عن وباء الجهل وجشع اصحاب أجندة المنافع الشخصية.
حديث وزير الشباب والرياضة قبل أيام بشأن ( العصر الذهبي ) الذي عاشه العراق من الناحية المالية من عام 2007 الى عام 2013 بميزانية انفجارية بلغت نحو 140 مليار دولار كان يمكن أن تحقق الكثير لقطاع الرياضة إلا أنها خرجت بإنجاز وحيد وهو الحصول على كأس آسيا 2007.
إن ما تطرّق اليه الوزير يفتح الكثير من الجروح ويفضح بإشارة ضمنية حجم الفساد الذي شاب صرف الأموال الطائلة خلال تلك السنوات من دون أن نشاهد على أرض الواقع انجازاً حقيقياً أو نحظى ببنية تحتية رياضية حديثة ومتطورة ولا بناء للمنظومة الإدارية المتهالكة أو حتى رؤية مستقبلية لتنشئة جيل قادر على حمل لواء الرياضة داخلياً أو خارجياً بفكر جديد وطموح لكسر قيود اللحاق بالركب العالمي.
ولأجل أن نكون منصفين أكثر فإن حتى انجاز 2007 لم يكن الابن الشرعي لعطايا ودعم الوزارة أو غيرها آنذاك بعد أن حجبت المساعدات عن اتحاد الكرة وترك وحيداً يبحث عن مصادر تمويل استعداداته ومشاركاته في النهائيات الآسيوية وإن ما تحقق لا يسجّل إلا لصانعيه فقط.
لذلك فإن لحديث الوزير بقية كنا نتمنى أن نسمعه ولابد أن تثار عليه الكثير من التساؤلات إذا ما أريد لتلك الحقبة أن تنتهي وتصبح درساً للحاضر والمستقبل من دون أن يتجرأ أحد في أن يخوض ذات التجربة في إهدار الأموال وسلب الحقوق والانتفاع الشخصي.. ولعل أبرز ما  يفترض طرحه هو مسألة التحقق عن الفساد المالي والمسؤولين عنه وإحالتهم الى المحاكم المختصة ومن ثم تشخيص العناوين التي تتحكم بمفاصل الرياضة العراقية وكانت تشكل جزءاً  من دائرة الاخفاق والمشاركة في ضياع الميزانية الهائلة لكنها لازالت تحتل مناصبها الى الآن.
إن ما حصل لا يمكن أن بشكل تاريخاً عابراً نركن إليه في تبرير واقعنا الحالي من افتقادنا الى المنشآت والملاعب وتراجع في مستوى الكثير من الألعاب على المستوى الخارجي، بل إن المسؤولية تتطلب ان نتخلى عن دبلوماسية الطرح ونعترف بأن كل من فرّط بخيرات ( العصر الذهبي ) عن دراية وسابق قصد يرتقي بفعله الى وصف ( الجريمة ) بحق الرياضة والرياضيين والجماهير.
بإختصار .. الرياضة العراقية ستبقى تحت الإقامة الجبرية إذا ما استمرت سياسة التغاضي عن فتح المفات وكشف الحقائق وتطبيق القانون بحق من يثبت تقصيره أو فساده فيها . أما الانجازات الفعلية فهي الأخرى ستبقى أسيرة الصدفة وضربات الحظ طالما إن هناك قيادات إدارية لا زالت تتصدر المشهد وهي التي عاشت زمن التخمة والرخاء المالي والآن تعيش زمن التقشف والكفاف لكنها في الزمنين بقيت تحتفظ بميزة إخفاقها الساحق وبجدارة !