فـي وداع مخلد المختار..ما زلتُ انتظر رفع الستار كي أرى الفراغ

Saturday 14th of October 2017 12:01:00 AM ,
العدد : 4040
الصفحة : تشكيل وعمارة ,

الوداع الأول: في رحيلك يا مخلد الليلة بلا قمر والرياح لا تكل والسماء تمطر وعلى الجدران دموعنا اغرقها المطر وكنا والبروق تحمل لك أكاليل الحزن.الوداع الثاني: كل ذلك الغناء الذي كنت تحبه يا مخلد ودع رحيلك السرمدي وكانت دموعنا تغرق الأرض لا نسمع شيئاً سو

الوداع الأول: في رحيلك يا مخلد الليلة بلا قمر والرياح لا تكل والسماء تمطر وعلى الجدران دموعنا اغرقها المطر وكنا والبروق تحمل لك أكاليل الحزن.
الوداع الثاني: كل ذلك الغناء الذي كنت تحبه يا مخلد ودع رحيلك السرمدي وكانت دموعنا تغرق الأرض لا نسمع شيئاً سوى صوت يوسف عمر وهو يقرأ مقام النوى..
أما الصبوح فإنه فرض
وعلام يكحل جفنك الغمض
هذا الصباح قد بدت بشائره
ولخيله في ليلة ركض
هذا المقام الذي كنت تؤديه يا مخلد في جلساتنا الجميلة.
الوداع الثالث: في غربتك كنت تحلم وانت تمضي في الصعود على السلالم الحجرية الثقيلة ذات الصبح الثلجي وكنت تحلم بجياد بيضاء تملأ فضاءات لوحاتك تتصاعد من أنوفها أبخرة تنتشر في تلك المساءات حزناً في سماء مدنها الصاخبة، وكنت أنت في مدن تحفر فيك ألم الغربة عن العراق الذي تحبه ويحبك. أحلامك كانت كوابيس تعبر الى مملكة الموت وكنت وسط حزن مجمد داخلك يريد أن يرى السماء ولكن لا شيء هناك، عندما كنت تستيقظ لا شيء هناك يا مخلد غير الحزن الذي معك. غربتك كانت حزناً عميقاً.
الوداع الرابع: أشرطة التسجيلات التي كانت تملأ حقائبك والتي كنت تحملها معك في المهجر تحمل معك اغنية حسين نعمة. اغنية يبنادم وهي من ألحان كوكب حمزة، كم كانت ليالينا جميلة وكنت تحب اغاني عباس جميل وكنت تبكي عندما تسمعه يغني اغنية غريبة من بعد عينك ييمه محتارة بزماني، وكانت دموعك سخية.
الوداع الخامس: في معرضك الأخير في النمسا حروف مزدحمة وفراغات تدخلنا الى فراغات أخرى رطبة متداخلة تزدحم ألوانها وحروفها وسطوحها وتتلاشى كأنها تنتظر رحيلك الأبدي.
الوداع السادس: في رحيلك يا مخلد كانت طيور اغنية سعدون جابر يا طيور الطايرة مري بهلي ويا شمسنا الدايره ضوي لهلي.... وكانت الموسيقى تغرق أغاني الهواء الذهبية المغمورة بالضوء ومتوهجة بأزهار اللوتس.
الوداع السابع: نعشك الماسي يبدو كغابة ثلجية ينتظر الإشارة كي يدخل الفراغ.
الوداع الثامن: في رحيلك يا مخلد ذكرياتنا تجمعنا فاضل خليل – محمد طاقه – محمد زناد – سلمان شكر – عباس جميل – صلاح القصب.. تهاوت الى الغروب وموجاتها ترهقنا برعب جديد.
الوداع التاسع: أسرعت بالركض كي لا أصاب بالجنون وكنت استجدي الهواء في الشوارع المزدحمة ابحث عنك وكان الهواء يحدق بي.
الوداع العاشر: عاصفة من المطر ضربت رأسي عند رحيلك وأزبد النهر المعذّب وفاضت روحي الى ضفاف أخرى تبحث عنك.
الوداع الحادي عشر: ظلالك تتقدم من الفضاء وتجري مسرعة نحو دجلة لتستحم تحت أشعة الشمس الأخيرة، الشمس تهاوت الى الغروب وبعدها اختفى ظلك وبعدها انطفئت الأنوار بعد مرضك الأخير في النمسا.
الوداع الثاني عشر: النوارس في الفضاء اللا نهائي تبحث عنك عبر الثلج المتساقط في غربتك، النمسا تطير فوق السطوح الممتدة وبعدها تذوب في حلم يستيقظ في فجر فراغات نابضة.
الوداع الثالث عشر: لا صوت للأرصفة والطرق التي كنت تسير فيها غير البكاء الشوارع تستدير والجدران والنوافذ وعربات البريد متعبة بغيابك وتقف في كآبة راكدة مثل احلامك واهنة تشع من خلال ضباب النمسا وغربتك كانت مخازن للشموع ترفع عيون البكاء لضوء النهار.
الوداع الرابع عشر: كان يصغي لصوته في المهجر صوته المندهش كأنه ينحدر الى الدائرة المنسية الضيقة في فضاءات استرجاع فانية، استرجاع ذكريات بغداد وشوارعها واصدقائه ومشغله الفني، نهاراته كانت حزينة وتستمر حيرته وتتساقط بصفه أيام وأزمنة وبعدها يحس بشيء خارج نفسه يذكره ببغداد وجمعية التشكيليين، جسده يلتصق فوق الحائط وقد اشتغلت عواطفه بالضوء بحب العراق الذي احبه.
الوداع الخامس عشر: ذكرياتك التي تحملها معك في غربتك تصطف كزوارق في هدوء صافٍ، وكان ظلك يمشي في أروقة جمعية الفنانين التشكيليين وفي كلية الفنون الجميلة الى محبتي ابتهاج بعد الوداع.
الوداع السادس عشر: وداعك كان كساعات تسير خارج الحلم تزحف نحو حدود ألم العزلة نحو الأبدية وكانت هناك شواطئ دجلة وشوارع أبو نؤاس والليالي الجميلة التي كانت تجمعك مع اصدقاء تحبهم كانت ذكريات تمر بصمت يمتد مع عزلتك وغربتك في النمسا لا شيء هناك غير احلامك عن بغداد إلا أنها كانت مسورة في تلال الأركان النحاسية المتلاشية.
الوداع السابع عشر: قصيدة للشاعر احمد الدوسري كنت ترددها:
عذراً لأني قدمت موتي بضعة أمتار عن موعده
كنت تقفز وروحك مغطاة بشراشف اغطية بيضاء وكنت تحمي روحك من الصاعقة لتحتمي بها بالغيوم.
الوداع الثامن عشر: الموانئ التي كنت تمر بها والمقاهي وأرصفة الطرق كانت مثل قناديل تنقلها الريح بعيداً هي ورماد النجوم.
الوداع التاسع عشر: كنت زمنا يرتحل بعيداً عند حافة الحلم وتغلق عيونك بهدوء ومنت كالبحر الغريب الذي يرتدي الشراشف البيض والغيوم بكتك تحت المطر كغابة مقلوعة الأشجار.
الوداع العشرون: في رحيلك كانت طيور الليل تهطل كالمطر وساعتك نسيتها معلقة على جدران غرفتك وكنّا في بغداد نقرأ الصحف لتعلن رحيلك.
الوداع الحادي والعشرون: اخترت أن تكون اغنية غريبة الروح لحسين نعمة، اغنية افتتاح معرضك الأخير في النمسا، تلك الاغنية التي كنا نحبها أنا وأنت وكنا نرددها في أمسياتنا الجميلة وكان معنا صديقنا محمد القريشي ومحمد زناد وفاضل خليل وعباس جميل.