مخلد المختار.. الإنسانُ المفعم بالأمل والفنانُ المُحب للجمال

Saturday 14th of October 2017 12:01:00 AM ,
العدد : 4040
الصفحة : تشكيل وعمارة ,

ينتسب الفنان مخلد المختار، لجيل الرسامين العراقيين من العقد السابع وتواصل مع الرسم على ضروب مختلفة، كالرسم الواقعي والتعبيري والرمزي، وانشغل كثيراً في رسم المواضيع الوطنية أو مايطلق عليها بالمواضيع التعبوية، تلك المواضيع المتواشجة مع الأحداث الملتهبة

ينتسب الفنان مخلد المختار، لجيل الرسامين العراقيين من العقد السابع وتواصل مع الرسم على ضروب مختلفة، كالرسم الواقعي والتعبيري والرمزي، وانشغل كثيراً في رسم المواضيع الوطنية أو مايطلق عليها بالمواضيع التعبوية، تلك المواضيع المتواشجة مع الأحداث الملتهبة، ونقصد بها الأحداث والوقائع التاريخية التي توالت على بعض  البلدان العربية منذ نكسة حزيران ومروراً بمعارك تشرين، انتقالاً الى سنوات الحرب العراقية الإيرانية في مطلع العقد الثامن من القرن الماضي.

وكما يعرف الجميع، بأن العراق وبعض البلدان العربية، مرت بظروف قاسية، وشهدت حروباً لا طائل منها، أدت في نهاية الأمر الى نتائج كارثية، فلا رابح في الحروب على الاطلاق، إلا أن هناك لفيفاً من الأدباء والفنانين، أخذوا على عاتقهم مسؤولية تسجيل الأحداث من منظور وطني ملتزم يوثّق للتاريخ صيغ الالتزام المشرف بقضايا الناس الأساسية، والملحة اخطار مداهمة، وكان الفنان مخلد المختار، معنياً بوظيفة تسجيل الأحداث والمشاركة بها ميدانياً، في سوح الوغى، ومن خلال هذه الحقيقة، نستطيع التأكد بأن مخلد المختار ينطبق عليه المثل الشعبي: (قول وفعل) والفن على مدى تاريخه العام هو هكذا دائماً، مشاركات تاريخية عملياً وانتاج فني يكون انعكاساً منطقياً لحقائق وجود وحياة فعلية، ولنا أن نتذكر الفنان بابلو بيكاسو، عندما رسم لوحته الشهيرة (الجورنيكا) أو نتذكر الفنان جواد سليم عندما أنجز نصب الحرية، وهذا الضرب من الفن يطلق علية بالفن السياسي.
لقد كان الفنان مخلد المختار منشغلاً بالفن المتداخل مع القضايا القومية والوطنية وعبر عنها بخطوطه الفنية، وألوانه القوية وتكويناته المبهرة وانشاءاته التصويرية المتماسة مع القضايا الجوهرية والمصيرية، وعندما نتصفح سفره الفني ونتطلع للنماذج التي صاغها عبر مسيرته الفنية ونوغل بالنظر في بعض منجزاته الفنية وسبل صناعة اللوحة الفنية الناجحة، فسنجد فيها  تنوعاً ومغايرة وإسلوباً فنياً مجترحاً مما كان معمولاً عليه في الفنون العراقية والعالمية، وكما أشرنا قبلاً، بأن الفنان استفاد من خبراته الكبيرة في مجال توظيف المواد الخام على نحو اكاديمي متقن وإنه زاوج بين النهجين الواقعي والتعبيري في آن معاً، وخلص الى فائدة تؤكد إسلوبه الفريد في الرسم، فماذا نرى في لوحاته؟
نرى وجوهاً بتعبيرات مختلفة، ونبصر حركات لرجال ونساء متلفعين بالأزياء العراقية وربما نشاهد أنماطاً من النباتات أو الكائنات الخليقية أو الأزاهير، وكل ذلك حتماً يخلق نوعاً من الانسجام والالفة ويسهم بلا أدنى شك بالتأثير البصري القوي على المتلقي لأعماله، لأنه هذا الانتخاب للوحدات الصورية والمفردات البصرية من شأنه تأسيس صيغ جديدة للغة التي يبتغي البوح بها والنطق بالمعاني التي يريد بلوغها.
إن الفنان مخلد المختار، حريص على تناول المواضيع التي تهم شؤون الناس وأحوالهم، وكان ينجز فنه بصدق وحرية وشغف، لا لشيء إلا ليسهم في تسجيل الأحداث والمواقف، لأنه يتمتع بخبرات مثيرة للاعجاب في الامور الفنية والتقنية ولأنه مصمم من الطراز الأول ويستطيع ابتكار ذاته الابداعية من خلال التصاميم الشكلية التي طبعت بصمته المتفردة وإلفت اسلوبه الجديد المكفول برؤية حاذقة للواقع والحياة العراقية الأصيلة.
وعندما نستحضر مشاهدات من أعماله يرافقنا شعور نفسي وروحي، بمحاكاة الأحداث، والتفاعل مع القضايا العامة التي تجسد تاريخ المجتمع في أخطر مراحله، وعن الكيفيات الممهدة لإنتاج عمل فني معين، نجد الفنان مخلد المختار يستخدم الألوان  المتضادة، ويكرس الوحدات الصورية والمفردات الملائمة ليجعل من الانشاء التصويري على شكل صيغ سردية تحكي قصة مشخّصة ويمكن قراءتها على نحو واضح جداً، وعلى الرغم من الأشكال المختلفة، والألوان المتضادة والتكوينات المتباينة، إلا أن الفنان مخلد المختار اشتغل في منطقة الواقعية السحرية التي ترينا الأشياء التي حولنا والتي لايمكننا إدراك قيمها الموضوعية لولا تجسيد الفنان لها، وعندما نتعمق في النظر إلى لوحاته الفنية، تتجلى أمامنا بوضوح رؤية الفنان الفلسفية والبصرية المتواشجة بين صيغ الموروث الشعبي وبين التوصلات العالمية في فنون الحداثة وما بعدها.
لعلّ لجوء الفنان مخلد المختار الى المواضيع السياسية والاجتماعية والتاريخية، هو انتخاب اسلوبي محبّب لجميع المتلقين للفنون، وهذا حل وسطي وحيادي، غير أن العلامة الفارقة تكمن في طبيعة الاداء الفني والتقني، ولأن الفنان بخبراته الكبيرة يستطيع تحويل المواد الخام الى صيغ تعبر عن ذاته وعن المواضيع التي ينوي تجسيدها، وطريقته في الرسم تعتمد على تقسيم اللوحة الى سطوح متعددة ومن ثم يرسم الوحدات الصورية كل على حدة ولكن بدقة وقوة ضبط للخطوط والألوان.
الفنان في سطور:
  الفنان مخلد المختار ولد في مدينة الموصل شمال العراق عام 1948 من أسرة موصلية عريقة. والده المرحوم يحيى الخطاط مختار محلة باب لكش في الموصل ومن وجهاء محافظة نينوى وهو من مؤسسي النهضة الثقافية في العراق ونسبه إلى عشيرة العبيد وهي من العشائر الكبيرة في العراق والوطن العربي.
في عام 1973، حصل على شهادة البكلوريوس في فن الرسم من أكاديمية الفنون الجميلة جامعة بغداد.
مديراً عاماً لدائرة الفنون
رئيساً لجمعية الفنانين التشكيلين العراقيين
عميداً لمعهد الفنون الجميلة ببغداد
عضو المجلس المركزي لنقابة الفنانين العراقيين
أقام لفنه أكثر من عشرين معرضاً شخصياً
شارك في المؤتمرات والندوات والبينالات والمعارض الوطنية والعربية والعالمية
في عام 1977، حصل على الدبلوم العالي في الديكور والتزيين / أربع سنوات دراسية ما بعد البكلوريوس / أكاديمية روما للفنون الجميلة .. وتخرج بدرجة امتياز. اكمل دراسته في روما على نفقته الخاصة.
حصل على شهادة دبلوم الكفاءة في الفن التشكيلي من المركز العالمي، إيطاليا
حصل على شهادة دبلوم الكفاءة للفنانين المعاصرين
وتوفي في  النمسا بتأريخ  2017/9/29.