الفساد ونزاهة الانتخابات

Wednesday 24th of January 2018 09:01:00 PM ,
العدد : 4120
الصفحة : الأعمدة , حسين رشيد

أصدرت المحكمة الاتحادية العُليا بالاتفاق قراراً تفسيرياً لأحكام المادة (56/ ثانياً) من الدستور بناءً على الطلب الوارد من مجلس النواب بتاريخ 21/ 1/ 2018 والذي قضى بوجوب التقييد بالمدة المحددة في المادة المذكورة لانتخاب أعضاء مجلس النواب الجديد وعدم جواز تغييرها، وبموجب الدستور العراقي النافذ وقانون المحكمة الاتحادية العُليا المختصة، فإن القرارات التي تصدرها نافذة وواجبة التطبيق وغير قابلة للطعن أمام محكمة التمييز الاتحادية. لكن رغم ذلك الإقرار، تبدو علامات التأجيل قائمة، فثمّة أمور إدارية ولوجستية، فضلاً عن التوافق الدولي والإقليمي على شكل الحكومة المقبلة وكيفية المساهمة في تكوينها وكيف ستكون النسب المكوناتية التي تضمن تمرير القرارات التي تخدم مصالح الكتل السياسية والدول التي ستتوافق.
السيد العبادي في مؤتمره الأسبوعي، ذكر أنه من واجب الحكومة أن تضمن نتائج الانتخابات، وتعهد بتوفير مناخ ملائم لإجراء الانتخابات وتحقيق نزاهتها. وهنا يكمن تساؤل، هل كانت الانتخابات السابقة غير نزيهة كي يضمن تحقيق نزاهة هذه الانتخابات، وإشكالية أخرى، كيف يضمن نزاهتها ووفق أي آليات، هل سيتدخل مثلاً في عمل المفوضية العُليا المستقلة للانتخابات حسب عنوانها و(المتحاصصة) بين الأحزاب الماسكة بالسلطة منذ نيسان 2003، وكيف سيتعامل مع الشكوك التي تُثار بين الأوساط الشعبية عن المفوضية والانتخابات، فنسبة كبيرة أن عملية الاقتراع والانتخابات التي تحتاج الى 260 مليون دولار لإقامتها، ستكون توزيع أعداد المقاعد وفق رؤية جديدة فرضتها حرب تحرير المدن المحتلة من داعش وارتفاع أسعار النفط، وإشكالات ملفات سوريا واليمن وما تحقق وسيتحقق عن التقارب مع السعودية والأزمة الخليجية.
حسب المفوضية، إن عدد الأحزاب المسجّلة لديها والتي ستخوض الانتخابات وصلت الى 204 أحزاب سياسية، سمح التساهل الكبير في قانون الأحزاب رقم (36) لسنة 2015 وهذا ما قد يفتح الباب واسعاً أمام عمليات التزوير، فضلاً عن تضليل الناخب في تحديد من ينتخبه، رغم أن الكثير من الناخبين الذين بلغوا (24) مليون ناخب، حسب مفوضية الانتخابات قد حسموا أمرهم بالاقتراع لصالح من يمثّل الطائفة والمذهب. علماً أن (11) مليون ناخب، تم تسجيلهم في مراكز التحديث بايومترياً مع إضافة مواليد (1997، 1998، 1999، 2000) والبالغ عددهم نحو (3) ملايين شاب، حتماً سيكونون رقماً صعباً في الانتخابات، واعتقد أن جلّهم سيذهب للمشاركة في الانتخابات وتجربة عملية الاقتراع واختيار من سيمثلهم كجيل يبحث عن الحياة الجديدة والكريمة وتوفير فرص العمل والأمن والامان والحريات الشخصية، وهي أمور ضامنة لعدم البحث عن هجرة.
في الانتخابات السابقة، عوّل أغلبنا على أنها ستكون نقطة تحوّل في المسار السياسي العراقي، لكن ذلك التعويل تبدّى كما الماء، وحتى هذه الانتخابات التي ستُقام في فورة الغضب الشعبي والتذمر من الوضع السياسي والاقتصادي ربما ستكون مكمّلة أو ستغيّر المسار درجات عدّة، ما يعني بقاء البلاد أربع سنين أخرى تحت سطوة الفساد والمحسوبية والمحاصصة والفشل الاقتصادي والتخبط السياسي، أربع سنوات ستعمل بها الطبقة السياسية التي ستعود الى السلطة الى نهب وتغانم ما تبقّى من خيرات البلاد بقوانين الاستثمار والخصخصة وتعاود لعبتها المفضّلة بتدوير الشخصيات السياسية وبإشراف متنوع الأشكال والسلطات، محلي وإقليمي ودولي...
كيف لنظام سياسي حاكم يُعد من أكثر عشرة أنظمة فساداً في العالم، أن يضمن نزاهة عملية انتخابية إن جرت بنزاهة تطيح به؟.