70 % من منازل سنجار ما تزال مهدَّمة و4 آلاف عائــلة إيزيــديّة عادت إليها

Saturday 31st of March 2018 08:35:08 PM ,
العدد : 4165
الصفحة : سياسية ,

 ترجمة: حامد أحمد

نيفين، مراهقة إيزيدية تبلغ الخامسة عشرة من العمر، في ذراعها وشم بحرف (نون) كانت والدتها هالو قد صنعته لها من رماد أسود وكذلك لشقيقها أيضا عندما كانوا محتجزين لدى تنظيم داعش .قالت هالو وهي تجلس قرب مدفأة نفطية داخل خيمة لهم في جبل سنجار متحدثة لمراسلة موقع NPR  الاخباري الاميركي "جميعنا عملنا هذا الوشم عندما تم اختطافنا في بادئ الامر من قبل داعش"، مشيرة الى انه في حال تفرقهم فإن بإمكانهم التعرف على بعضهم لاحقاً من خلال الوشم .

وفي العام 2014 فرّ عشرات الآلاف من أبناء الطائفة الايزيدية الى الجبل بعد ان واجهوا حملة إبادة جماعية على يد تنظيم داعش في مدينتهم سنجار وما يحيطها من قرى في شمال العراق .
وبعد أربع سنوات من ذلك التاريخ ما يزال بضعة آلاف منهم باقين هناك في الجبل يعيشون في حالة عوز وفقر في خيم حيث ما يزال الخوف يراودهم من العودة الى أسفل الجبل .
هالو، التي طلبت ذكر اسمها الاول فقط، كان قد تم اعتقالها من قبل مسلحي داعش بصحبة اولادها حيث اقتيدوا في ما بعد الى معقل التنظيم في مدينة الرقة بسوريا. أما زوجها وابنتاها الاكبر مع ابن آخر لها فما يزالون مفقودين حتى الآن .
ويقول أقارب لهم إنهم جمعوا مبلغاً قدره 26 ألف دولار لتمويل عملية سرية تهدف لإرجاع أولاد هالو الباقين على قيد الحياة .
ونيفين كانت تبلغ من العمر 11 عاما عندما أسرها تنظيم داعش، وعلى مدى اكثر من سنتين عندما كانت محتجزة مع أمها وأخيها وشقيقتها الرضيعة في الرقة، كانت تتظاهر بأنها مشلولة حتى لا يأخذها مسلحو داعش كرقيق جنس مع بقية السبايا .
وقالت نيفين وهي جالسة داخل خيمتها في جبل سنجار "إن ذلك صعب جداً، بعض الاحيان يأتون علي ويسحبونني من شعري ويقولون: عليك ان تمشي وعليك ان تتكلمي. ولكنني لا أرد عليهم. وحتى عندما كانت الغارات الجوية تقصف الى القرب منا والكل كان يهرب كنت أبقى في مكاني متمددة على الارض ."
وبعد أن تم فك أسر، هالو واطفالها، من قبضة تنظيم داعش استقروا في خيمة بصحبة أقارب لهم في جبل سنجار .
وعلى مستوى الدمار، فإن أحياء سكنية قد دمرت بأكملها في مدينة سنجار اثناء الحرب ضد داعش وخلال الضربات الجوية لطائرات التحالف الدولي، وكان بيت الايزيدية هالو من بين البيوت التي تضررت كثيرا ولم تعد صالحة للسكن .
ويقول إيزيديون انه قد تم نسيانهم في هذا الجزء النائي من العراق، مشيرين الى ان مساعدات من منظمات إغاثة تأتيهم على نحو متقطع، وليس لديهم ماء شرب ولا كهرباء، وان أقرب مدرسة لهم تعتبر بعيدة جدا بالنسبة لأولادهم لكي يذهبوا لها مشياً على الاقدام .
وتضيف هالو قائلة "بعض الاحيان تأتي منظمة إغاثة وتعطي كل عائلة صندوقاً يحوي مواد غذائية ولكنه لا يدوم سوى بضعة أيام وينفد ."
وتنتشر على جبل سنجار الآن مجاميع من خيم قسم منها مصنوعة من نفس القطع البلاستيكية التي كانت طائرات التحالف قد ألقتها عليهم قبل أربعة أعوام.
ويقول المسؤول المحلي للطائفة إن أكثر من 4 آلاف إيزيدي يعيشون الآن في الجبل .
كل عائلة في الجبل لديها أقارب محتجزون لدى داعش. وما يقارب من نصف الإيزيديين المختطفين البالغ عددهم أكثر من 6 آلاف شخص مايزالون مفقودين حتى الآن ويرجح مقتل الكثير منهم .
ويقول سعيد أحمد خلف 64 عاما، يعيش على الجبل منذ عام 2014: "قرانا جميعها محاطة بالعرب وكان أغلبهم من تنظيم داعش أما الآن فقد حلقوا لحاهم وما يزالون هناك. كيف يتسنى لنا العودة من جديد؟".
قبل الغزو الاميركي للعراق عام 2003 كان للإيزيديين في سنجار علاقات قوية مع جيرانهم من العشائر العربية وكانت تربطهم علاقة مودة واحترام متبادل، ولكن هذه العلاقات اضمحلت عند مجيء تنظيم القاعدة للعراق بعد العام 2003 وأصبح الإيزيديون بمثابة هدف لهم لاتهامهم بالترحيب بالقوات الاميركية .
وقال بورجيس قاسم، وهو راعي غنم إيزيدي "لقد كنا نعيش بحكم الجيرة مع العشائر العربية بقربنا وكنا نأكل ونشرب معاً، كل العرب تقريبا في هذه المنطقة إما التحق بداعش أو أيدهم. الهجمات جعلتنا نتوجس من قرى العرب المحيطة بنا ونحرص الآن على الابتعاد عنهم لمسافة 5 كيلومترات على أقل تقدير ."
ويقول قاسم ان اثنين من أولاد عمومته قتلا مؤخراً على أيدي قرويين عرب خلال نزاع حول الاحقية برعي الغنم في المنطقة.
ويقول مختار مدينة سنجار، فيصل خلف 52 عاما إن 4 آلاف عائلة فقط من مجموع 5000 الذين كانوا يعيشون في سنجار عادوا الى القضاء، مشيرا الى ان 70% من ابنية وبيوت القضاء متضرر أو مدمر. وأغلب شوارع المدينة فارغة ويغمرها الصمت حيث أنقاض البيوت المهدمة. ويؤكد المختار أنه ليس هناك أموال مخصصة لإعادة الإعمار .
ويضيف خلف قائلا "جميع السكان هنا بدون وظيفة او عمل. ليس لديهم نقود ومن كان مدخراً نقودا فقد نفدت خلال السنوات الاربع الماضية."
ويقول خلف إن الايزيديين ممتنون للولايات المتحدة في حربها ضد داعش ولكنهم يحتاجون إلى المساعدة لضمان سلامتهم الآن، مؤكدا بقوله "الشيء الوحيد الذي نحتاج إليه من المجتمع الدولي الآن هو توفير الامن الجيد لنا لكي نتمكن من العيش بسلام هنا ."
 عن: موقع NPR الاميركي