واشنطن بوست: لافتات العبادي الانتخابيّة تملأ شوارع معقل داعش السابق في العراق

Monday 7th of May 2018 07:27:42 PM ,
العدد : 4188
الصفحة : سياسية ,

 ترجمة: حامد أحمد

تصدّر رئيس الوزراء حيدر العبادي سباق التنافس الانتخابي في الموصل وإذا ما حقق فوزاً في النهاية فإنه سيصنع تاريخا سياسيا كمسؤول شيعي في هذه المدينة ذات الغالبية السنية .
قوة الحملة الانتخابية للعبادي وبطاقته الرابحة في الموصل تؤكد شعبيته الواسعة وتبشر لإعادة انتخابه، وهو أمر أكده مسؤولون أميركان مراراً على أنهم يطمحون لأن يروه رئيساً للوزراء.
وما هو أبعد من ذلك فإن نجاح العبادي في مكان كان يعتبر معقلاً لتنظيم داعش، قد يمثل بداية لتعاون سني ــ شيعي في بلد أفسده التناحر والعنف الطائفي لفترة طويلة .
عندما انطلقت حملة دعاية التنافس الانتخابي الشهر الماضي لانتخابات 12 أيار، اصطفت بسرعة لوحات إعلانات المرشحين على طول شوارع الموصل، كان من أبرزها البوستر الانتخابي لصورة حيدر العبادي وهو يبتسم بشكل هادئ والموزع في كل أركان شوارع مدينة الموصل المزدحمة بالسيارات، حيث يقف هذا البوستر بشكل مألوف وغير متوقع تماما في نفس الوقت .
للمرة الاولى منذ الانتخابات البرلمانية في العراق عام 2006 يتصدر سياسي شيعي بطاقة انتخابية في الموصل. سميت قائمة العبادي بكلمة "النصر" وهو مؤشر على دوره في وضع حد للأذى الذي ألحقه تنظيم داعش بالمدينة من خلال إشرافه على الحملة العسكرية التي حررت الموصل العام الماضي .
رنا النعيمي 44 عاما، مدرّسة لغة إنكليزية ومرشحة عن قائمة حيدر العبادي، قالت في لقاء مع واشنطن بوست إن "العبادي هو رمز إزالة الطائفية، العراقيون مستعدون لتقبل ذلك، الطائفية والتناحر السني والشيعي هو ما تسبب بدمار البلد ."
وازدادت شعبية العبادي منذ أن أدار الحملة العسكرية الناجحة لاسترجاع المدن العراقية من سيطرة داعش في الوقت الذي ناور بحرفية بين مصالح الولايات المتحدة وإيران. ونال العبادي أيضا استحسان كثير من العراقيين في تعامله مع الازمة التي أعقبت استفتاء إقليم كردستان العام الماضي وإرسال قوات للسيطرة على الأمن في المناطق المتنازع عليها.
وتحدث مسؤول أميركي بارز عن الوضع السياسي الداخلي للعراق، دون أن يكشف عن اسمه بقوله "شيء واحد رأيناه ثابت في رئيس الوزراء حيدر العبادي هو انه يتميز بمعدل إسناد أكثر توازناً عبر كل مناطق البلاد وعبر كل المجاميع الدينية العرقية والطائفية ."
بالنسبة للولايات المتحدة فإن تواجد العبادي في الموصل ومناطق سنية أخرى مثل الفلوجة، هو أمر مطمئن. لقد عمل عن قرب مع واشنطن في الحرب ضد تنظيم داعش في الوقت الذي حافظ فيه على روابط ودية مع إيران وإعادة بناء علاقات مع قوى إقليمية أخرى مثل السعودية .
وبرزت محافظة نينوى بسرعة على أنها أحد أسخن مناطق المنافسة الانتخابية. هذا العام سجل فيها 940 مرشحاً مقارنة بـ455 مرشحاً فقط خلال العام 2014 .
وتملك محافظة نينوى 31 مقعداً من مجموع مقاعد برلمان العراق القادم الذي يضم 329 عضوا، وتأتي بالترتيب الثاني بعد حصة بغداد البالغة 69 مقعدا. ويقوم البرلمان العراقي بانتخاب رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، وقد تثبت أصوات ممثلي محافظة نينوى البالغ عددهم 31 أهميتها بالنسبة للعبادي للفوز بدورة ثانية .
قائمة العبادي هي الوحيدة التي تضم مرشحين عن كل المحافظات الثماني عشرة، وكثير من المراقبين استنتجوا على أنه المرشح الوحيد القادر على أن يكون الزعيم الوسط الصحيح.
وأضاف المسؤول الاميركي قائلا إن "موقف العبادي يدل على انه الشخص الذي سيكون أكثر نجاحا مع جمهور انتخابي أكثر تنوعا من أي منافس آخر له ."
رشا العقيدي، باحثة سياسية من الموصل تعمل في مركز المسبار للدراسات والابحاث في دبي، قالت إن الاقليات الدينية في العراق من غير المحتمل ان يكونوا متفائلين بموقف زعيم شيعي آخر ولكن يبقى العبادي المرشح الوحيد بمؤهلات لكسب أصوات أهل السنّة .واضافت العقيدي قائلة "لو تقارنه مع أي شخص آخر فإنه سيكون الأصلح بالتاكيد ."
ولكن هناك عقبات كبرى في الطريق على العبادي أن يتغلب عليها في الموصل، حيث أن فتور الرغبة بالتصويت تتوغل عميقاً بين سكان المدينة بعد تعرضهم لحرب دامت تسعة أشهر ضد داعش .
في غرب الموصل الوضع مزرٍ ففي مدينة الموصل القديمة التي شهدت أعنف المعارك ما تزال البيوت مهدمة فيها على نحو كبير حيث يعيش قسم من العوائل في هياكل كانت يوما بيوتا لها. وفي احد شوارعها علق بوستر انتخابي لأحد المرشحين قرب لوحة تحذير تشير الى وجود عبوة ناسفة غير منفلقة في المكان مما أثار ابتسامة استهزاء من قبل شرطي يقف عند الزاوية بقوله "هؤلاء السياسيون ليس لديهم خجل ."عبر الجانب الآخر من نهر دجلة في شرق الموصل تكاد لا تجد هناك شيئاً يذكرك بالمعارك. أسواق جديدة بدأت بالانتشار بتسارع مع إصلاح الشوارع المتضررة وترميم واجهات المباني المتضررة بإطلاقات النار، ولكن كل هذه الإصلاحات نفذت بأموال الاهالي الشخصية الذين سئموا من استجابة الحكومة المركزية البطيئة لمطالبهم .
وقال بلال محمد 41 عاما وسيمتنع عن التصويت: "لن يكون هناك أي تغيير، لو كان مقدراً أن يكون هناك تغيير لحصل. هؤلاء المرشحون بدأوا بتوجيه اهتمامهم بالموصل الآن، ولكنني متأكد انه حالما يفوزون بالانتخاب فإنهم سينسوننا ."
ولكنه قال إنه إذا فاز العبادي "فإنها ستكون أفضل حصيلة ممكنة من سيناريو سيّئ بالكامل."