محللون: واشنطن خسرت كلّ أوراقها التفاوضيّة لمنح العبادي ولاية ثانية

Tuesday 11th of September 2018 01:13:13 PM ,
العدد : 4270
الصفحة : سياسية ,

 ترجمة: حامد أحمد

وجّهت الاحتجاجات العنيفة التي اجتاحت مدينة البصرة الغنية بالنفط ضربة سياسية حاسمة لرئيس الوزراء العراقي المقرّب من أميركا حيدر العبادي، حيث أنها أنهت حظوظه بتولّي دورة ثانية في الحكم، في وقت ألقى كلّ من حلفائه وخصومه باللائمة عليه لما يحدث من اضطراب .
العبادي زار البصرة بعد أشهر من تظاهرات خلّفت أكثر من 15 قتيلاً وحوّلت مباني حكومية ومقرات أحزاب سياسية بالإضافة إلى القنصلية الإيرانية إلى خرائب محترقة.
خلال زيارته اكتشف العبادي أنّ هدوءاً هشّاً قد رجع إلى المدينة الإثنين، لكنّ مستقبله السياسي الخاص قد أصبح في الوقت نفسه مجهولاً لأكثر ومشكوكاً فيه .
لقد كرّس المحتجّون امتعاضهم تجاه كل الطبقة السياسية الحاكمة مردّدين شعارات نالت من الحكومة والأحزاب والمليشيات المتحالفة مع إيران، ولكنّ منافسي العبادي على منصب رئاسة الوزراء قد ناوروه بشكل لم يستطع فيه مجاراتهم، متخذين الغضب الشعبي ذريعة لاعتباره خياراً مستحيلاً .
وقال محللون إن الولايات المتحدة التي سعت لتقديم الدعم للعبادي قد وجدت نفسها الآن بدون أي نفوذ وتأثير في صياغة شكل الحكومة العراقية القادمة .
المرجع الديني الأعلى في العراق علي السيستاني، قال في بيان له الإثنين إن الأزمة في البصرة تسلط الضوء على الحاجة لحلول جديدة للعدد الذي لا يحصى من المشاكل التي يواجهها العراق وإنه لن يدعم أي شخص لمنصب رئاسة الوزراء من الذين يشغلون مناصب قيادية حالياً. سياسيون من (الفتح) و(سائرون) دعوا العبادي عقب جلسة برلمانية صاخبة السبت الى تقديم استقالته، دخل خلالها رئيس الوزراء بجولة صراخ كلامي مع محافظ البصرة أسعد العيداني .
مسؤول مقرّب من مفاوضات اختيار رئيس الوزراء القادم قال في تصريح طالباً عدم ذكر اسمه "حالياً العبادي ليس له أي فرصة مطلقاً للاحتفاظ بمنصبه ."
الضربتان الموجهتان من المرجعية المتنفذة والتحالفات السياسية المسيطرة تمثلان انتكاسة غير مسبوقة للعبادي الذي حظي بدعم الولايات المتحدة لدورة ثانية بعد أن قاد بلاده إلى نصر على داعش متخطياً أزمة اقتصادية سببها هبوط أسعار النفط .
كيرك سويل، محلل أوروبي مختص بالشؤون السياسية العراقية قال: "إعادة انتخابه الآن هو أمر ميّت، وليس للولايات المتحدة الآن أي خيارات جيدة بعد أن بذلت كل جهودها لإعادة انتخابه ."
المبعوث الأميركي الخاص للعراق، بريت مكغورك، كان في العراق مؤخراً لتحشيد الدعم للعبادي بين الكتلتين السنيّة والكردية في محاولة لتشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر التي ستكون في صالحه .
أشار المحلل سويل، إلى أن العبادي قد بدأ باستنزاف الدعم قبل أن تتحول حركة الاحتجاجات في البصرة الى أعمال شغب واسعة النطاق الأسبوع الماضي. كان قد دخل في حلف مرتبك مع قائمة الزعيم الصدري مقتدى الصدر، ولكنّ النواب الذين صعدوا للبرلمان عبر قائمة العبادي بدأوا يتبرؤون منه خلال الأسابيع الأخيرة .
الصدر نفسه تخلى عن العبادي يوم السبت عقب دعوته لعقد جلسة برلمانية طارئة لمناقشة أزمة البصرة. وتلقى العبادي انتقادات حادة خلال جلسة الاستماع كان أحدها عندما طالب بغضب محافظ البصرة، وهو عضو من حزبه، بأن يترك الجلسة .
كانت للجلسة تأثيرات مباشرة على العبادي. كتلة الصدر وجهت دعوة للعبادي للاستقالة وكذلك فعل خصومه البارزون الذين من بينهم كتلة القيادي في الحشد الشعبي هادي العامري ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي .
كلّ من الصدر والعامري والمالكي لهم عداء مشترك تجاه نفوذ الولايات المتحدة في البلاد ،ولكنهم يختلفون بحدّة حول دور إيران في العراق. بينما للصدر علاقات مع طهران فإنه كان منتقداً أيضا لدورها ونفوذها في العراق وأماكن أخرى في المنطقة وخصوصاً في سوريا. أما العامري والمالكي فإنهما على النقيض من ذلك حيث أنهما يتمتعان بعلاقات مقربة مع إيران ويرونها القوة التي تقف بوجه المصالح الأميركية في العراق .
ولكنّ المسؤول المقرّب من مفاوضات تشكيل الحكومة قال إن موقفهما المشترك تجاه العبادي لا يعني أنهما سيدخلان بتحالف جديد لتشكيل حكومة. كل طرف يسعى لجذب أعضاء برلمان من قائمة العبادي في وقت يسعون لجذب دعم من كتل شيعية وسنيّة وكردية أصغر .
ومما يعكس موقف العبادي المنهار، فإن محتجّين نزلوا إلى الشوارع الإثنين، عقب لقاءاته مع مسؤولي المحافظة وشخصيات المجتمع المدني، مطالبينه بمغادرة البصرة .
 عن: واشنطن بوست