من يشير على المالكي؟

Friday 9th of November 2012 08:00:00 PM ,
العدد : 2644
الصفحة : الأعمدة , علي حسين

سأصدق السيد المستشار الاعلامي علي الموسوي، وهو يحلف بأغلظ الايمان ان رئيس الوزراء "مسكين" وقد غرر به في موضوع البطاقة التموينية، وان الرجل لم يكن ميالا لقرار الالغاء، لكن الوزراء هم من اصر على القرار، وسأفوض امري الى الله وأؤمن بان السيد نوري المالكي من عشاق الديمقراطية، وان كتاب جان جاك روسو العقد الاجتماعي لا يفارقه ليل نهار.
والأمر ذاته سأفعله مع صفقة الاسلحة الفاسدة، وافترض ان السيد رئيس الوزراء، لم يعلم شيئا عن كواليس هذه الصفقة، وانه لايزال يعاني من الصدمة، حين اكتشف ان رجالا اعزاء الى قلبه مثل بوتين ومدييف، خدعوه فباعوه "خردة " بدلا من المدافع العملاقة التي ستقضي على كل من يعارض نهج الحكومة الديمقراطي، ويسعى لتخريب مسيرتنا نحو التقدم والازدهار.
سأمارس أقصى درجات حسن النية مع السيد علي الموسوي، لكني لن أمنع نفسي من السؤال: هل يعقل ان رئيس وزرائنا لاحول ولاقوة له، وان الرجل مسير لامخير؟
من يقرأ تصريح السيد المستشار الاعلامي، يحتاج الى قدرة هائلة كي يتمالك اعصابه قبل أن يموت من الضحك، فالسيد المستشار يقول ان الحكومة لم تكن تنوي الغاء التموينية، وان "الامر مجرد اختبار وسيخضع للمناقشات في إطار وطني واقتصادي، للاطلاع على آراء المؤيدين للقرار والمعترضين عليه". وهذا دليل اخر يؤكد ان السيد المالكي متيم وولهان بالديمقراطية، ولان الذاكرة تخون الانسان احيانا فقد نسي السيد الموسوي ان الحكومة التي تريد ان تجرب هي نفسها ومن خلال ناطقها علي الدباغ بشرتنا بان قرار الغاء البطاقة التموينية جاء للقضاء على الفساد.
ما بين تراجيديا الغاء التموينية، وكوميديا صفقة الاسلحة الروسية.. انشغلت الناس بمتابعة افلام من الدرجة العاشرة، وتابعت الفضائيات المناظرات الكبيرة حول فوائد والاضرار التي تحملها العراقيون بسبب تعيين سنان الشبيبي محافظا للبنك المركزي، بديلا عن عالم الاقتصاد الشهير هيثم الجبوري، وظلت الناس حيرى تصدق ابتسامات علي الدباغ، وهو يخبرها بانقشاع غيوم الفساد، أم تثق بتكشيرة علي الموسوي الذي لايزال يصر ان الامر لا يعدو مجرد تجربة؟ فيما غاب صوت النائبة عالية نصيف ولم تتهم الكويتيين بانهم السبب في صفقة الاسلحة الروسية.
خلال الايام الماضية تعرضت الناس الى قصف بالمدفعية الثقيلة من رئيس الوزراء الذي اعلن ان هناك رؤوسا اينعت وحان قطافها، وظلت المستشارة القانونية مريم الريس تصر على ان الصهيونية والامبريالية العالمية تقف وراء الازمات السياسية، لانها تخشى من الزلزال الكبير الذي احدثته زيارة المالكي لروسيا.
للأسف في بلد لديه فيه اكثر من ثلاثة ملايين ارملة ونصف سكانه على حافة الفقر، يحاول مسؤولوه اقناع الناس بان حل ازمة البطالة والسكن والانفلات الامني سيتحقق من خلال اسلحة خردة وضعت نصف اثمانها بجيوب بعض المقربين والاحباب، فيما يصر البعض على ان نعيش في ظل حكومة تقرر قبل أن تفكر، وتريد السيطرة على الناس، ولا شيء غير السيطرة، وهذا سر حماس مقربي الحكومة ورجالاتها على قرار إلغاء البطاقة التموينية، وقبله كتبوا قصائد غزل في مديح صفقة الأسلحة الروسية.
ليس الأمر متعلقا بخطة إلغاء التموينية، ولا بالصورة الشهيرة التي التقطت للمالكي وهو يتفحص بأصابعه طائرة تشيكية، الموضوع الأساسي في كل ما جرى  ، هو الرسالة التي يريد البعض أن يوصلها لهذا الشعب، خذ حذرك وإياك أن تتمرد على الواقع الذي يقول ان لا بديل للمالكي سوى المالكي نفسه، فنحن لم نغادر عصر القائد الذي بيده أن يقطع عنك خبز أطفالك، وبيده أن يعيده اليك مضاعفا، انها رسالة إنذار للناس "أننا هنا".
ربما يقول البعض لماذا لا ترحبون  باعتراف المسؤول بالخطأ وتراجعه عن القرار؟  وهنا اقول لانريد ان نعيش في ظل حكومة مصرة على الاستمرار  في لعبة التجريب بحياة الناس ومستقبل أبنائها، لا نريد مسؤولين يتخبطون، يتخذون قرارا الآن ويلغونه غدا،  يقولون تصريحا في الصباح وينكرونه عند غروب الشمس.
من حق الناس ان تعرف من يقف وراء فساد البطاقة التموينية، ولماذا تم إلغاء صفقة السلاح الروسي، الاهم لماذا تصر الحكومة على رفع شعار الشعب آخر من يعلم؟