واشنطن بوست: إيران تحاول فرض سلطتها الدينية في العراق

Monday 6th of May 2019 12:00:00 AM ,
العدد : 4424
الصفحة : سياسية ,

 ترجمة / حامد أحمد

يتحرك زعماء دينيون إيرانيون لتوسيع نفوذهم على المؤسسة الإسلامية الشيعية في العراق في مقامرة تهدف الى الهيمنة على أكبر تجمع ديني في العراق.
الحملة الإيرانية تبدو واضحة للعيان أكثر في مدينة النجف حيث مقر المرجعية، لديها مدارس ومؤسسات خيرية ممولة من قبلها، وبنَت جوامع متقنة وأقامت علاقات مع علماء دين في مسعى لتقويض السلطة الدينية المحلية التي كانت وعلى مدى طويل سلطة مستقلة بجدارة.
شخصيات سياسية عراقية تقول إن رجال دين لهم روابط بإيران يقومون بالترويج لنهجها الخاص من الفقه الديني الشيعي خلال مدارس المدينة الدينية، وكذلك يقومون بالمناورة لتثبيت أحد اتباعهم كمرجع ديني أعلى في العراق. بوسترات دعائية كبيرة للشيخ محمود هاشمي الشاهرودي، وهو سياسي إيراني متنفذ دعمته إيران لتولي ذلك المنصب قبل أن يموت، ما تزال ملصقة على جدران مدينة النجف .
غالب الشابندر، محلل عراقي وسياسي إسلامي سابق، يقول "إيران تريد أن تخطف النجف وتستملكها. تريد مرجعاً تابعاً لها في العراق لكي تسيطر على تحركاته ".
ولكن الزحف الإيراني في النجف يواجه مقاومة ورفضاً من قبل معمّمين في المدينة، وبالتالي قد يؤدي الى إثارة استياء بين شيعة العراق. كثير من العراقيين سئموا من نفوذ إيران الذي فاق حدّه .
مبادرة إيران لتوسيع نفوذها الديني تعتبر مكملة لجهودها المتزايدة لفرض هيمنة سياسية وعسكرية واقتصادية في العراق الذي يتنافس عليه كل من واشنطن وطهران للحصول على موطئ قدم.
مئات آلاف الإيرانيين يسافرون الى النجف سنوياً لزيارة مرقد الإمام علي، حيث موّلت إيران وساعدت في مشروع وكالة لتوسيع الصحن، والذي اشتمل على بناء متحف ومكتبة وقاعات دراسة لطلاب علوم دينية في ملحق منفصل. "خاتم الأنبياء"، هو اسم شركة هندسية يموّلها الحرس الثوري الإيراني كانت مشاركة في المشروع .
السيّاح الإيرانيون ينفقون أموالاً طائلة خلال زيارتهم في أسواق النجف، وغالباً ما تكون لوحات إعلانات المحال والمطاعم مكتوبة أيضاً باللغة الفارسية. رفوف مخازن المكتبات مليئة بكتيبات دينية إيرانية. وتساعد إيران في تمويل خدمات أخرى من ضمنها عيادات طبية ودعم خدمات الزائرين. حتى أن هناك شركة إيرانية تم التعاقد معها لرفع النفايات .
من جانب آخر، تقوم إيران، أيضاً، بتسديد رواتب لطلاب دين عبر مكاتب يديرها رجال دين إيرانيون وشركاؤهم، وفي بعض الأحيان تستخدم تلك المكاتب لتجنيد عراقيين للقتال في صفوف فصائل الحشد الشعبي.
لكن الإيرانيين ليس مرحباً بهم على نطاق واسع في النجف، إذ أن هناك هاجساً من قبل عراقيين بأن إيران تسعى للاستحواذ على منصب المرجعية الدينية. المنصب يشغله الآن المرجِع علي السيستاني الذي يولي اهتماماً استثنائياً لاستقلال العراق ودائماً ما يقف ضد أي تدخل إيراني، وهو يعارض أيضاً مبدأ ولاية الفقيه الذي تنتهجه إيران. دائما ما يؤيد السيستاني بدلاً من ذلك دوراً استشارياً لرجال الدين في الدولة.
السيستاني له نفوذ في النجف وخارجها وأبعد من ذلك، حيث يتبع فتاواه الملايين من العراقيين والتي اشتملت، من بين أشياء أخرى، على شرعية المشاركة في الانتخابات وكذلك حمل السلاح ضد مسلحي داعش. ولقي السيستاني ترحيباً من قبل جميع المراقبين للشأن العراقي، إذ عزّز استقلالية النجف وساعد في تجاوز أعنف فصول الحرب الطائفية في البلاد.
عماد الشرع، وهو طالب حوزة سابق ويعمل الأن باحثاً في معهد صحافة الحرب والسلام في العراق يقول لواشنطن بوست "إذا توفي السيستاني سيكون هناك صراع كبير على مكانه من بينهم رجال دين لهم ارتباطات بإيران. إيران حاولت بسط نفوذها في النجف من خلال تأسيس علاقات مع رجال دين متنفذين، وضعفت النجف جراء ذلك. ولكن لا أحد يستطيع حكم النجف من خارج النجف. "
إيران كانت قد حاولت تحقيق هذه الاتجاه سابقاً. قبل عقد من السنين أرسل المرشد الديني الأعلى علي خامنئي، رجل الدين الشاهرودي الى مكان ولادته النجف لفتح مكتب وبناء شبكة من الأتباع. مقربون منه يقولون إنه سافر الى العراق بداية في عام 2012 مع هدف أن يصبح، فيما بعد، المرجع الديني الأعلى للعراق، وهي مقامرة كانت ستقوي قبضة إيران على النجف.
مساعد للسيستاني رفض الكشف عن اسمه قال "عندما جاء الشاهرودي للعراق كان يعد نفسه لأن يصبح مرجع العراق الديني بعد وفاة السيستاني."
شيخ جاسم المندلاوي، أحد اتباع الشاهرودي قال إنه لم يلقَ ذاك الترحيب من قبل رجال الدين العراقيين كما كان يأمل ولهذا قرر مغادرة العراق .
الشيخ خالد البغدادي، وهو من رجال الدين المقربين للسيستاني ومقيم في النجف، يقول: "كان للسيستاني دور كبير في الحفاظ على السلم وتعزيز الأمن والاستقرار في العراق. كان هذا هدفه منذ البداية. "
وعندما سئل البغدادي عن محاولات إيران للترويج لأتباعها في النجف، أجاب بقوله "الإيرانيون ليست لهم سلطة هنا. لا توجد هناك سلطة تفرض أرادتها علينا. "
عن: واشنطن بوست