مجلس البصرة يركن طلب الإقليم وينشغل بأضخم موازنة تصل المحافظة منذ 2014

Sunday 12th of May 2019 12:00:00 AM ,
العدد : 4428
الصفحة : سياسية ,

 بغداد/ وائل نعمة

تراجعت الى حد كبير الأصوات الرسمية التي كانت تطالب قبل أكثر من شهر بإنشاء إقليم البصرة. ويبدو أن المخصصات الحكومية الكبيرة التي وصلت مؤخراً الى المدينة الغنية بالنفط وراء ذلك التراجع.
وتسعى بغداد بكل الوسائل الى تطويق الحراك الساعي الى إعلان البصرة إقليماً، من خلال تسريب أنباء عن إنشاء مجلس إعمار بالمحافظة، أو إرسال شخصية سياسية مثل هادي العامري الى المدينة بصلاحيات رئيس الوزراء للإشراف على الخدمات.
ويهدد ناشطون في الجنوب ــ عقدوا آمالاً على حراك حكومة البصرة المحلية في قضية الإقليم ــ بتصعيد الاحتجاجات في الأيام المقبلة إذا ما تنصلت الحكومة المحلية عن وعودها ولم تقم باتخاذ إجراءات قانونية ضد بغداد ومفوضية الانتخابات.
وتوعّد ممثلو البصرة في الحكومة المحلية قبل أسبوعين بـ"سجن" المسؤولين في بغداد، لو استمروا بتجاهل مطلب إقامة إقليم في الجنوب.
ومرّت 3 أسابيع على نهاية المهلة القانونية التي من المفترض أن تقدم فيها الحكومة الاتحادية طلب الإقليم الى مفوضية الانتخابات لإجراء استفتاء شعبي، ولم يصدر عن الحكومة أي توضيح حتى الآن.
واستطاع مجلس المحافظة أن يغيّر مجرى الأحداث في البصرة لصالحه، ويكسب شعبية لدى السكان، بعد إعلان موقفه المؤيد لإنشاء الإقليم.
وكان المجلس، قبل شهرين، يتحمل تبعات الفشل في المدينة الغنية بالنفط الى جانب المحافظ أسعد العيداني، الذي أبعدت مطالبات الإقليم عنه الضوء في قضية تسلّم كرسيه في البرلمان.
ويقول سمير المالكي، أحد الناشطين في البصرة المتحمسين لإعلان الإقليم لـ(المدى): "اعتقدنا أن إمساك جهة رسمية وسياسية مثل مجلس المحافظة ملف الإقليم سيكون أكثر جدوى"، مضيفاً بالقول: "اتكلنا قليلاً على تلك الجهة ولكن إذا لم تفعل شيئاً فسنعود لمسك زمام الأمور".
واختصر مجلس المحافظة ــ على وفق قرار جديد اتخذه بداية نيسان الماضي يعد الأكثر جدية منذ 5 سنوات ــ نصف المشوار لتحويل البصرة إلى إقليم، والذهاب مباشرة الى الاستفتاء الشعبي.
مطلع نيسان الماضي أعلن رئيس مجلس محافظة البصرة صباح البزوني، أنه أرسل طلباً الى رئاسة الوزراء يعلن فيه رغبة المجلس في تحويل المحافظة إلى إقليم.
ويتعيّن على الحكومة، قبل نفاد الـ15 يوماً إرسال الطلب، بحسب قانون رقم 13 لعام 2008 الخاص بإجراءات تشكيل الإقليم، أن توجه الى مفوضية الانتخابات، بالإعداد الى الاستفتاء في موعد لا يتجاوز الـ3 أشهر.
ويقول المالكي إن صبر الناشطين في البصرة نفد "إذا لم تشتكِ حكومة البصرة على رئاسة الوزراء والمفوضية سنوظف محامين ونقوم نحن بذلك".
ويمنح الدستور حق إقامة الإقليم شريطة ألا يكون على أساس طائفي، وهو يعطي "الحرية لمحافظة، أو لعدة محافظات، بتقديم طلب للانتقال إلى إقليم بعد إجراء استفتاء شعبي من قبل مفوضية الانتخابات، وأن يحظى بموافقة أكثر من نصف المواطنين المشمولين بالاستفتاء".
ويقول كريم الشواك، عضو في مجلس محافظة البصرة ومن أشد المؤيدين لفكرة الإقليم لـ(المدى): "إذا لم تسمعنا الحكومة والقضاء فسنذهب الى تدويل قضية الإقليم ونشتكي لدى المنظمات الدولية". ويتفاعل السكان في البصرة بشدة مع فكرة الإقليم، وشكلوا جمعيات وروابط خاصة للتثقيف على الفدرالية. وبدأ التعبير عن الإقليم يأخذ شكلاً آخر في البصرة، مثل أن يحمل علم الإقليم المقترح على السيارات. ويتكون العلم من 3 ألوان (الأبيض- الأزرق- الأخضر) تتوسطه قطرة نفط ترتكز على سعفتين، في إشارة الى النخيل والبترول الذي تشتهر المحافظة بهما.
بالمقابل، بدأت فكرة إقليم البصرة تستقطب لاعبين جدد، مثل ما قام به تيار الحكمة في تسمية بعض الشخصيات في البصرة، وإعطائهم مناصب افتراضية داخل الإقليم.
وقال "الحكمة" إن ذلك الإجراء هو أمر يتعلق بالحزب نفسه، باعتبار أن الأخير يقسم (بحسب عمله السياسي) العراق الى أقاليم الوسط والجنوب والشمال.
وفهم من اختيار "الحكمة" شخصيات لتسلم ملفات الخدمة والمهن وغيرها في إقليم البصرة المقترح (وفق ما نشر بمواقع إخبارية) بأنه تغيير في موقف الأخير، الذي لم يكن متحمساً للإقليم.

موازنة ضخمة
في غضون ذلك، يقول أحمد عبد الحسين، وهو رئيس اللجنة القانونية في مجلس محافظة البصرة، لـ(المدى) إن الأخير "لم يتراجع عن موقفه من دعم إقليم البصرة، لكنه انشغل بميزانية المحافظة".
وتسلمت البصرة، وفق كلام المسؤول، ترليوناً ونصف الترليون دينار من ميزانية 2019 وأموالاً مدورة من العام الماضي.
ويقول عبد الحسين إن مجلس المحافظة يأمل بتنفيذ 450 مشروعاً خدمياً في المحافظة، بنيها "286 مدرسة و 5 مستشفيات وجسور وطرق حولية".
وتعتبر الميزانية الأخيرة، هي الأولى منذ عام 2014 التي تحصل عليها البصرة. ويضيف عبد الحسين: "بعد أن ننتهي من الموازنة سنعود الى قضية الإقليم، وقد نلجأ الى القضاء".
وتذهب بعض التحليلات الى أن المخصصات المالية الكبيرة ربما هي وراء فتور الحكومة المحلية. ويقول سمير المالكي: "نحن حسمنا أمرنا ولن نتراجع عن فكرة الإقليم، نحن الجمهور الوحيد في العالم الذين ندعو الحكومة الى تطبيق الدستور وهو رافض"!
وهدد المالكي بتصعيد التظاهرات في الأسابيع المقبلة إذا ما استمرت بغداد بتجاهل مطالب البصرة. وقال إن "تظاهرات الصيف الماضي ستكون نزهة مقارنة بالاحتجاجات المقبلة."