كواليس: في مسرحنا لم يعد هناك مكان لأعمال كبيرة

Tuesday 14th of May 2019 12:00:00 AM ,
العدد : 4430
الصفحة : الأعمدة , سامي عبد الحميد

 سامي عبد الحميد

منذ مدة طويلة وربما من بعد 2003 لم يشهد مسرحنا العراقي أعمالاً مسرحية طويلة بفصلين أو بثلاثة وأصبح ما يقدم سواء من قبل الفرقة الوطنية أو من معاهد وكليات الفنون مسرحيات قصيرة بفصل واحد يكون الهدف من تقديمها كما يعتقد منتجوها أو مخروجها إنها ستشارك في هذا المهرجان العربي أو ذلك . وفي الغالب تكون مثل هذه المسرحيات من تأليف كتّاب جُدد ،و مبتدئين في كتابة المسرحية أو قد تكون من إعداد المخرجين عن نصوص مسرحية معروفة أو غير معروفة . وفي الغالب أيضاً نرى تلك المسرحيات القصيرة قد افتقرت إلى الكثير من تقنيات الإخراج وحِرفياته .
في معهد الفنون الجميلة وقسم المسرح أذكر كان من مهام أعضاء هيئة التدريس المختصين في الفن المسرحي أن يخرجوا للطلبة مسرحيات طويلة من الأدب المسرحي العالمي كنماذج تطبيقية للمواد النظرية التي تُدرّس في مناهج فن التمثيل وفن الإخراج وتاريخ المسرح . وعلى سبيل المثال أذكر أن استاذنا (حقي الشبلي) أخرج عام 1953 مسرحية شكسبير المشهورة (يوليوس قيصر) شارك في تمثيلها جميع طلبة قسم المسرح . وبعد حين قام (جعفر السعدي) بإخراج المسرحية نفسها بأسلوب مختلف نوعاً ما عن أسلوب استاذه حقي الشبلي .
وأذكر أن (جاسم العبودي) اخرج مسرحية عمانوئيل روبلس (الحقيقة ماتت) وحاول في إخراجه أن يُطبِق تقنيات المسرح الواقعي سواء في أداء الممثلين وفقاً لطريقة ستانسلافسكي أم في تصميم الديكور بالأبعاد الثلاثة . وأتذكر (إبراهيم جلال) ودعوته لاستخدام تقنية (التغريب) البريختية عندما تصدى لأخراج مسرحية شكسبير (ماكبث) .
وعندما عُيّن (بدري حسون فريد) مدرساً في قسم المسرح بعد عودته من بعثته في أميركا ، قام بإخراج المسرحية الواقعية جداً (عدو الشعب) لكاتبها النرويجي (هريك أبسن) وأراد أن يُجدد في معالجته الإخراجية حين استخدم ديكوراً تجريدياً – جدران سوداء رسمت عليها أطر بيضاء للشبابيك والأبواب لتمثل منزلاً نرويجياً ، وعندما عينت أنا نفسي مدرساً في ذلك القسم قمت بإخراج المسرحية التعبيرية الرمزية (القرد الكثيف الشعر) للكاتب المسرحي الأميركي (يوجين أونيل) وعزمت على أن أرسم صوراً لأجساد الممثلين الذين يؤدون أدوار عمال رجل السفينة من الزنوج .
وأذكر أن (صلاح القصب) أخرج (هاملت) لشكسبير مع طلبة القسم معتمداً على مبدأ ازدواجية الشخصية في أسلوب إخراجه وأخرجت أنا نفسي (محلمة كلكامش) ترجمة الاثاري الراحل (طه باقر) وأخرجت (ثورة الزنج) المسرحية الشعرية التي كتبها الكاتب الفلسطيني الراحل (معين بسيسو) واخرجت (مهاجر بريسبان ) للكاتب اللبناني – الفرنسي (جورج شحادة) وأخرج (حميد محمد جواد) مسرحيته شكسبير (هاملت) متجاوزاً الأسلوب التقليدي .
وفي الفرقة القومية للتمثيل وتسمى اليوم الفرقة الوطنية للتمثيل والأصح أن تسمى (فرقة المسرح الوطني) . ومن عام 1964 إلى 1967 قدمت أربع مسرحيات مشهورة هي على التوالي (تاجر البندقية) لشكسبير و (انتيغونا) لجان أنوي و(الحيوانات الزجاجية) لتنسي وليامز و(النسر له رأسان) لجان كوكتو ، وبعدها قام (محسن العزاوي) بإخراج (روميو وجوليت) ، وأخرج (إبراهيم جلال) مسرحية عادل كاظم الشعرية (المتنبي) وأخرج (قاسم محمد) مسرحيته الشهيرة (رسالة الطير) بعد أن قدّمها مع طلبة معهد الفنون الجميلة .
وأخرج (جاسم العبودي) مسرحية الراحل سعد الله ونوس (حفلة سمر في خمسة حزيران) وأخرج (بدري حسون فريد) مسرحية (هوراس) للفرنسي كورني ... وهذا غيض من فيض .