بإختصار ديمقراطي: حقيقة طوكيو الصادمة!

Wednesday 15th of May 2019 12:00:00 AM ,
العدد : 4431
الصفحة : الأعمدة , رعد العراقي

 رعد العراقي

عندما نعود بالذاكرة الى أول مشاركة للعراق في الدورات الأولمبية سنقف أمام عام 1948حيث أقيمت دورة الألعاب الأولمبية في لندن لتعلن أول ظهور للرياضيين العراقيين في هذا المحفل العالمي ، وبعد 12 عاماً من تلك المشاركة وتحديداً في دورة الألعاب الأولمبية في روما عام 1960 انتزع البطل عبد الواحد عزيز أول ميدالية أولمبية بعد حصوله على البرونز في فعالية رفع الاثقال الذي قدّر له أن يكون استثناءً يحفظ ماء الوجه للرياضة العراقية ويجعلها من ضمن الدول التي استطاعت أن تسجل اسمها في التاريخ ممّن حصدوا الميداليات الأولمبية.
المنطق الذي كان لابد أن يفرض نفسه هو أن يتصاعد تدريجياً طموح وعزيمة الرياضيين والمؤسسات الداعمة لهم في زيادة الغلّة من الميداليات وخاصة في ظروف كان فيها الدعم المادي والفني متاحاً أكثر من المستوى الذي حظي به رياضيو تلك الفترة، لكن الأمر خرج عن المعقول واخفقت كل المشاركات اللاحقة على مدار 56 عاماً من الظفر بأي ميدالية لتستمر المعضلة حتى الآن ، وربما ستبقى كذلك حتى في المشاركة القادمة لدورة طوكيو 2020.
حقائق صادمة يبدو أنها لا تحرّك من الجهود وقبلها الطموح والاحساس بالمسؤولية بشيء ومعها أغلقت المنافذ للوقوف على أسباب هذا الفشل المزمن برغم الانفاق غير المحدود لأموال هدرت لمشاركات خارجية كانت تحتمي تحت عناوين اكتساب الخبرة والتحضير وأخرى ذهبت لكشف الموهبين أو نحو ولادة البطل الأولمبي، إلا أن تلك المحاولات ظلّت في إطار السرد الإعلامي والتغطية على حقيقة خواء الفكر الخططي الذي يعتمد على ضخّ الأموال وإن كانت في غير مقصدها دون أن يجد السبل الصحيحة للوصول للهدف.
متى يعي القائمون على الرياضة العراقية أن مقياس نجاحهم يعتمد أساساً على بروز الرياضيين خارجياً وحصولهم على نتائج تجعلهم ضمن الدول التي تفرض وجودها في جميع المشاركات وخاصة الأولمبية؟
ومتى تدرك الجهات الساندة سواء وزارة الشباب والرياضة أو المؤسسات الحكومية بأن تلك الأهداف هي مسؤولية مشتركة وهدف ستراتيجي اثبتت الوقائع بالدليل أن اللجنة الأولمبية لا يمكن أن تنفرد بتلك المسؤولية لوحدها وخاصة انها تخوض باستمرار فواصل متتالية من الأزمات وعدم الاستقرار الإداري وهو ما يتطلّب الارتقاء فوق العادة لمهمّة النهوض بالواقع المرير عبر فك الارتباط بين الخلافات الشخصية والقانونية كمؤسسات، وبين إبعاد الرياضيين عن تلك الأجواء والمحافظة على دعمهم ورسم طريق إعدادهم للمشاركات الخارجية بشكل علمي مدروس يبتعد عن الفوضي والبدائية التي كانت السمة الأبرز لاسباب الاخفاق المتكرر!
أولمبياد طوكيو 2020 على الأبواب ويخطئ من يظن إن الوقت لا زال مبكّراً للتنبيه على ضرورة البدء في التحضير والإعداد لها وواقع الحال يؤكد أن الأجواء في ظل الأزمة الحالية للجنة الأولمبية لا يمكن أن تكون مهيّئة نفسياً ومادياً لأن نمضي نحو أمل المشاركة المثمرة أو إضافة إنجاز إلى رائعة الرباع عزيز الخالد، خاصة إن الأصوات بدأت ترتفع من بعض الاتحادات الرياضية التي تشكو عدم قدرتها على تحقيق شروط المشاركة وحجز مقاعد لابطالها نتيجة انقطاع وصل المشاركات في بطولات التأهيل وكان آخرها النداء الذي أطلقه زاهد نوري عضو المكتب التنفيذي للجنة الأولمبية ورئيس اتحاد الرماية عبر حديث لـ(المدى) أجراه الزميل إياد الصالحي نشر أول من أمس الثلاثاء طالب بإنقاذ الرامية فاطمة عباس من نار الأزمة التي قد تسبّب في عرقلة مشاركاتها في البطولات التأهيلية لزيادة نقاطها ، وبالتالي حرمانها من تمثيل العراق في الأولمبياد القادم.
نداء يرمي بالمسؤولية على كل المتصدّين لملف الرياضة، ويفصل بين المتصارعين ليثبت حقيقة النيّات طالما أن الجميع يبرّر موقفه بإنقاذ ومحاولة الإصلاح والنهوض بالواقع.

نهمس بالآذان: لا تنسوا وأنتم في خضم هذا النزاع المتصاعِد ألاّ تجعلوا هدف الانتصار بالموقف والرأي يتحقق على حساب إقصاء الرياضيين وحرمانهم من حلم الوقوف فوق منصّات التتويج.