إلى إين وما الجدوى

Monday 3rd of June 2019 06:16:31 PM ,
العدد : 4442
الصفحة : عام ,

ياسين طه حافظ

واضح الشجى في السؤال. لكن سأرجئ الكثير لاستعرض ماهو واضح غرض التأكيد والإشارة الى ما بعد...

استعرض ادعاءات متسامية وافكاراً وقيماً، وسواء وراءها أفراد أو مؤسسات فنحن طول النهار وأكثر الليل نسمع ناساً يلهجون بقيم ومشاريع وبناء مجد أو مستقبل تقابل هذه أفعال أقل ماتوصف به إنها خسيسة مخجلة. وإلا فماذا تسمى سرقة أموال خصصت لمشروع عام، مستشفى، أو سكن أو جسر أو رعاية؟ والمدى السيئ يتسع فلا يسلم منه كاتب أو رجل دين او مفكر، تجد المؤسف من السلوك والكلام، والمساعي الخاصة لـ التي ظاهرها نفع عام، سياسيون أو غير سياسيين، تجاراً أو مثقفين واضح عليهم الى أي تربٍ فاسدة تمتد جذورهم. فما الذي نتوقعه من مثل ذلك غير ثمار مُرّة سامة ؟ مثقفون، متأدبون جلاوزة أوساط ثقافية، قادة كتل وتنظيمات أو عاملون متقدمون فيها ينظرون الى البلاد والناس كما الى خرائب ومجتمعات جياع ، يسرقون ذهب أرضهم وطاقاتهم ويحتالون على الوصول الى المشاركة في المكسب أو الاحتيال. المشكلة تتعقد وتزداد حين تتعدد أغراض الحصول على المواقع أو الجاه أو الأموال. هذه قد تكون حلقة وسطى الى مرحلة أعلى منها وهي السيطرة والتحكم، فيحتاج لهم الناس ليعيشوا ويسترضونهم ليكسبوا أو ليسلموا او ليكونوا منهم ! وهكذا أوساط وميادين كثيراً ما تتصاعد وتكثرفيها حد الازعاج والملل، ادعاءات الوطنية والمذهبية فيمثلون ادواراً تمثيلية للرفض والتمرد إن لم يكن للثورة وتغيير كل شيء!.
في مجتمع مثل هذا مدمر أخلاقياً ويسري فيه الفساد وبدلاً من أن يتباطأ وينحسر، نحس بعدوى انتشاره واسعة مخيفة، لايدري المرء أين يضع آماله أو لمن ينتظر أن يأتيك بخير.. لا أخفيكم يأسي ، تمام اليأس من السياسيين ومن المثقفين ومن عموم اللافتات. ثمة قدرات على التصنع والاحتيال، فلا صدق إيمان ولا صدق إدعاء ووصولية علنية أو وراء التواء وتمعج وسلوك مقرف شنيع. رجال سياسة ورجال دين وناس ثقافة ومتأدبون يمارسون في التقرب والاسترضاء صنعة تصل حد الفزع ، استجداء علني أحياناً... كيف تكره واقعاً سياسياً وحال حكم وحاكمين، تصفهم أنت باللاوطنية واللانزاهة وتدين وضعاً بكامله هم فيه، ثم تجد أو تصطنع مسوغاً لتكون " قريباُ" منهم و " بعضاً" من نسيجهم؟
ماهي الحجج التي يتكئ عليها التخلف والفساد وهدر المال وكل هذا السوء؟ واحدة من هذه الحجج مسالة سيئة ولكننا غادرناها، فلا هم َّ لهولاء إلا النظام السابق. أولاً نحن نقترب من السنة الخامسة عشرة من زوال ذلك النظام وإن هذه المسافة الزمنية كافية لانشاء دولة جديدة مؤسسات ونظماً وأخلاقيات وثقافة. قد تكون تجربة النظام السابق شديدة الإ يلام لبعض الناس والأحزاب ، ولكنها ليست حجة دائمة لبقاء التخلّف وتزايده ولا أن تكون شاغلاً عن مفاسد اليوم... ثمة من يضيع الحقائق بالابتعاد عنها. فهي فرصة كسب، وهي فرصة كبرى تتاحُ لتنضج المشاريع الكبرى ومنها مسالة "الشرق الاوسط" ، بينما الناس لاهون بهذا اللغو . والغريب حتى الموالين للنظام السابق وهم يعرفون ما جرى وما يجري ، يسهمون في إشغال الناس، ومع الطرف الأول، في بمزايا ذلك النظام وافضيلته. ياسادة جميعكم مستهدفون والبلد مستهدف والمنطقة ستواجه تحولاً خطيراً واضحاً والحجج المتبادلة كلها العوبات وشواغل والستراتيج واضح والخطوات تتضح!
هنا، وبألم استشهد بقول لـ " لامينية " 1840: جسم الأمة يخضع للاسترقاق السياسي إن مجتمعكم ليس مجتمعاً، بل تجمع لكائنات لا نعرف كيف نسميها، وهي تدار ويتم التلاعب بها وتستغل على وفق " رغباتكم" – هنا – رغباتهم – هي محمية ، قطيع، ركام من قطيع بشري,.... "
هذا استشاد مؤلم ومؤسف لكن هذا هو الواقع. وهو الشعب بمآسيه وأزماته علله وعوزه وبطالته و أمراضه والمؤسسات الاقتصادية والصحية والتعليمية كما نعلم. وكما نعلم استمرار الصفقات والمقاولات والاتفاقات المريبة والرشى وانواع الفساد ، البؤس والفوضى يستمران والنهب والتلاعب يستمران! والقطيع البشري الهائل ينتظر اللاشيء..
الى أين وماذا نفعل؟ لا احد يدري الجميع غير واثقين تماماً من جدوى الاشتباك السياسي المريب او من فعل الادب المأساوي وادب الخيبة ومعهما الاسى الديني الذي يُسوَّق على نطاق واسع للجماهير الفقيرة. من هذه كلها أرجئت الامال الجديدة ، بل صار تذكرها مؤسفاً.
نحن اليوم نواجهه انفصالات، او طلاقات، طلاق للانتخابات البرلمانية وجدواها، ولا وجدوى الاصغاء للوعود، بل صار انتظارها نوعاً من سفاهة السذج والبسطاء والذين يتشبثون بقش، فلا شيء سواه وهم يغرقون يقابل هذا ماذ كرناه من تفسخ اداري ونهب أموال ولجان داخل لجان بحثاً عن اموال مسروقة وجديدة تسرق والاولى لم تكتشف بعد والتفاف على أملاك الناس واستنزاف لباطن الارض وتدمير واضح لسطحها... ما الذي ننتظر، حين تصل الشعوب الى مثل هذا الدمار والاحباط ولا معنى الوعود ؟
يبدو لي ليس هذا عفواُ. هم يوصلون الشعوب حداً تنتظر فه المعجزة، تنتظر حدثاً، يحدث تغييراً. ينتظرون الثأر مما هو واقع. هو تمهيد مرسوم بعقل وعناية لخلق جو يرحب بتدخل العربات المصفحة، لا للانقاذ هذه المرة ولكن لاكمال السيطرة على المنطقة بكاملها...