مبادرة إيزيدية تسهّل عودة مزارعي سنجار لمزاولة أعمالهم

Wednesday 12th of June 2019 09:11:32 PM ,
العدد : 4448
الصفحة : سياسية ,

 ترجمة / حامد أحمد

التجول عبر مزرعة الإيزيدي سكفان سليمان حسين في سنجار، تجلب للمرء لحظات من سكون وطمأنينة. مزرعته التي تبلغ أكثـر من 13 فداناً تبدو واسعة يلوح فيها عدد من الأشجار المتباعدة وتصدر منها أصوات زقزقة العصافير .

رغم ذلك فإن الدمار الذي ألحقه تنظيم داعش بمنطقة سنجار بعد السيطرة عليها في آب عام 2014 ما يزال واضحاً خصوصاً في مزارع الفلاحين الإيزيديين الذين يبذلون جهداً لحراثتها وإعادة مصدر رزقهم الى الحياة من جديد .

مزرعة الفلاح الإيزيدي حسين (25عاماً)، تقع في قرية تل قصب الصغيرة على بعد ستة اميال جنوب شرقي مدينة سنجار، الموطن الرئيس للإيزيديين في العراق. في أوج عطائها كانت هذه المزرعة تدر للمزارع حسين ما تثمره من محاصيل حنطة وطماطم وباذنجان وفلفل وزيتون، والفائض من هذه المحاصيل كان يبيعها لأسواق الخضار القريبة من المنطقة. 

هذه المزارع التي كانت قبل مجيء داعش إلى سنجار مصدر الدخل الرئيس للعوائل الفلاحية هناك قد تم تجريفها بالكامل. وخلال حملة الإبادة التي ارتكبها مسلحو داعش ضد الإيزيديين قاموا أيضاً بحرق وإتلاف جميع المحاصيل والأشجار مع سرقة ممتلكات المزارعين ومكائنهم الزراعية .

وكان حسين قد رجع لمزرعته في قرية تل قصب المدمرة في آب 2017 برفقة زوجته وأطفاله الستة بعد أن قضى ثلاث سنوات في مخيم قاديا للنازحين قرب زاخو في إقليم كردستان. حيث حوّل داعش بيته الى كومة حطام وسرق جميع ممتلكاتهم ودمر مزرعتهم .

وقال حسين لموقع غلوبال بوست الإخباري الأميركي: "قاموا بقطع الأشجار وقسم منها أحرق وكانت لدينا مضخة ماء تروي الزرع سرقوها".

استعيدت مدينة سنجار من قبل القوات الأمنية في تشرين الثاني عام 2015 وانتهى احتلالها من قبل داعش على مدى 15 شهراً، سمح ذلك لأكثر من 500 ألف إيزيدي، فرّ من مسلحي داعش المجال، بخيار العودة. وبينما ما تزال سنجار وقراها المحيطة بها مثل قرية تل قصب، تعاني الأهمال وقلّة خدمات فإن كثيراً من الأهالي يواجهون معوقات تحول دون رجوعهم .

استطلاع أجرته المفوضية السامية لغوث اللاجئين UNHCR في شباط 2019 يشير الى أن 3% فقط من النازحين الداخليين الإيزيديين لديهم رغبة بالعودة الى بيوتهم خلال السنة المقبلة، وأن 40 % منهم يقولون إن الأسباب الرئيسة لعدم العودة هي وجود ألغام وعبوات وكذلك افتقار المنطقة لتواجد القوات الأمنية، في حين أن 30% منهم قالوا إن الأضرار والدمار اللذين لحقا ببيوتهم فضلاً عن الفراغ الأمني جعلهم يبتعدون عن فكرة العودة، وقال 13% منهم إنهم ليست لديهم موارد مالية كافية تعينهم على العودة .

حسين وعائلته قرروا العودة لقريتهم ومزرعتهم للبدء بتوليد مصدر دخل لأطفاله ليستطيعوا أكمال دراستهم. ومنذ عودتهم كانوا يعتمدون على ماتجهزه لهم الحكومة من مواد غذائية مثل طحين وسكر ورز لكي يعيشوا، لكن تركيز حسين الوحيد الآن هو على إعادة إحياء مزرعته لأن مستقبله كله يعتمد عليها .

خلال السنتين الأوليين من عودته الى قرية تل القصب لم يكن حسين قادراً على العمل في الحقول لأنه كانت هناك مخاطر الألغام والعبوات التي خلّفها داعش، الآن وبعد أن تمت إزالة هذه العوائق من قبل مجموعة إزالة الألغام ضمن جهود الأمم المتحدة، تمكن حسين من البدء بزراعة حقله هذا العام بمحاصيل الحنطة والشعير والبصل .

قال حسين وهو يغمره الأمل "بعد شهر أو شهرين سأحاول حصاد ما زرعت لكي أبيعه في السوق."

بمساعدة من مؤسسة (مبادرة نادية) غير الحكومية التي أطلقت مشروعها الرائد في منطقة جنوبي سنجار مع بداية هذا العام لمساعدة مزارعين إيزيديين لإعادة تأهيل حقولهم، أصبحت فرصة الزراعة الأولى لمزرعة حسين أمراً ممكناً .

(مبادرة نادية) هي مؤسسة يتم تمويلها من قبل الناشطة نادية مراد، التي نجت من استعباد داعش الجنسي وفازت بجائزة نوبل للسلام عام 2016 واستخدمت أموال الجائزة لتمويل مبادرتها في تلك السنة نفسها .

مديرة (مبادرة نادية) في العراق، سلفيا كرول، تقول إن اهتمامات المبادرة ركزت على مزارعي قرى جنوبي جبل سنجار مثل قرية تل القصب التي توجد فيها مزرعة الفلاح حسين، لأن تنظيم داعش كان قد الحق أضراراً بهذه المنطقة أكثر من أي مكان آخر في شمال البلاد .

وأضافت بقولها: "نحن نقوم بتقدير احتياجات كل مزرعة من مولدات ومخازن مياه أو أنابيب ونقوم بتجهيزها لهم ."

عن: موقع غلوبال بوست الأميركي