مشاريع تجارية صغيرة تعيد الحياة للشوارع في مدينة الموصل القديمة

Saturday 15th of June 2019 07:20:46 PM ,
العدد : 4449
الصفحة : ترجمة ,

 ترجمة المدى
بينما تعود الحياة تدريجياً الى الشوارع ويستأنف الناس حياتهم من جديد فإن أنشطة تجارية متعددة صغيرة ومتوسطة يتم دعمها في المدينة القديمة في الموصل من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر .

 قسم من أصحاب المشاريع التجارية استعادوا نشاطهم لمستويات ما قبل المعارك في حين بدأ آخرون بالتعافي تدريجياً ، وحتى أن قسماً منهم حقق أرباحاً في الدخل أكثـر مما كان يحصل عليه سابقاً .

مبادرات دعم المشاريع الاقتصادية الصغيرة هي برامج تساعد على توليد مصادر دخل ابتداء من الصفر مع قيام كل مستفيد بتحديد ورسم نوع المساعدة التي يريد أن يتلقاها لمزاولة مشروعه الصغير .

عبد الحكيم محمد ، أحد سكنة المدينة القديمة يملك ورشة نجارة . كان قبل العام 2014 يشغل ثلاثة أو أربعة عمال في ورشته وبسبب الحرب وتدهور الوضع الأمني اضطر الى بيع معدات ورشة النجارة لديه للحصول على مال ، وتعرضت ورشته للسلب أيضاً عدة مرّات. 

بعد نهاية الحرب استأنف عبد الحكيم عمله من الصفر . ورشة النجارة توسعت وأصبحت الآن تشغل 10 عمال ، وتوفر فرص عمل أفادت العمال وعوائلهم . أحد العاملين في ورشة عبد الحكيم يقول " سوية مع تسعة أصدقاء آخرين بدأت العمل في الورشة . عملنا التجاري ازدهر وأصبحنا قادرين على تسديد بدل الايجار الشهري وتكاليف الرعاية الصحية لأفراد عوائلنا . لقد تحسنت ظروف معيشتنا أكثر ."

يعتقد عبد الحكيم إن ورشة العمل لا تساعد فقط في تلبية احتياجات عوائل العمال الأساسية بل تعدت فوائدها أيضا لتشمل سائقي سيارات الأجرة وأصحاب محلات البقالة ومحلات تجارية أخرى في الحي السكني . وأضاف بقوله " إنك تفترض بأن الورشة تساعد في تشغيل 10 أو 12 شخصاً ولكن تأثيرها في الواقع يتعدى 30 شخصاً آخر ."

أبو عمر ، من الموصل كان لديه محل بقالة ولكنه فقده خلال الحرب عام 2014 ، وفقد منزله أيضاً واضطر للهروب برفقة آخرين من أبناء محلته وبقي بعيداً لفترة سنة تقريباً . وكانوا يتساءلون فيما بينهم بالقول " هل سنتمكن يوماً من العودة الى بيوتنا ؟"

عندما انتهت الحرب اجتمعت العوائل المهجرة في إحدى الايام وقررت العودة لمنطقتهم . في ذلك اليوم رجعت ثماني عوائل لتجد بيوتها قد دمرت . وبإصرار كبير عمل سكان الحي سوية لتنظيف بيوتهم وإعادة إعمارها . وبدأت عوائل مهجرة أخرى بالوصول بشكل تدريجي بطيء . وقال أبو عمر " عندما رجع الناس عاد الحي السكني للحياة مرة أخرى وشجع ذلك الآخرين للعودة ."

قرر أبو عمر استئناف عمله التجاري القديم واختار موقعاً داخل بناية تم انشاؤها حديثاً . وأضاف قائلاً " لم يكن لدي تمويل كافٍ ولكن لجنة الصليب الاحمر الدولية زودتني بالدعم . والآن فإن أهالي المحلة يشترون مني ."

مصطفى ، شاب صغير من الموصل يحمل عبء مسؤولية كبيرة على عاتقه . بعد نهاية الحرب أصبح هو المعيل الوحيد لعائلة تتألف من أربعة أخوات . ويشرح مصطفى ذلك بقوله " قبل الحرب كنت أدير مطعماً بمشاركة والدي . عندما اندلعت الحرب اضطررنا لغلق المطعم ، وقد قتل والدي في الحرب وساءت أوضاع معيشتنا أكثر ."

ولكن الحياة واصلت المسير . وبينما أصبحت الموصل أكثر استقراراً بشكل كبير ، فكر مصطفى بقرض تجاري لإعادة فتح المطعم من جديد . ومضى بقوله " عندما جاءت لجنة الصليب الاحمر وساعدتني لم أكن عندها بحاجة لاستدانة مال من آخرين وتمكنت من إعادة فتح المطعم . الآن أنا صاحب مشروع تجاري ."

ويرغب مصطفى بتطوير عمله ويأمل أن تصبح الحياة طبيعية أكثر . وقال " عندما يعود الناس للشوارع ويعاد فتح الاسواق سأكون قادراً على توسيع حجم دخلي . هدفي هو إعادة الحياة لمطعمي وأن أحافظ على سمعة أبي ."

فارس علي ، هو أحد سكان المدينة القديمة في الموصل ويعمل في مجال الحدادة وتجارة الحديد . ووصف حياته قبل الحرب قائلا : " كانت أوضاع معيشتنا جيدة وكنا نتمتع بالراحة . كانت تجارتنا وفيرة وكان يدر عملي عليّ بحدود 400 ألف دينار بالأسبوع وكنت قادراً على الإنفاق بيسر . كل فرد من أفراد عائلتي كان يملك بيتاً وسيارة."

عندما انتهت الحرب شعر وكأنه ولد من جديد . مع ذلك فان ظروف العيش كانت أكثر صعوبة بعد أن فقد فارس ورشته وبيته . اضطر خلال الحرب أن يعمل بأجر يومي ولكن ذلك ألهمه بإعادة فتح محله التجاري .

الحرب أثرت على كل فرد ولم يكن الأمر سهلاً بالنسبة لفارس بأن يحصل على دعم لحد ما جاءت فرصة شموله ببرنامج لجنة الصليب الأحمر لدعم أصحاب المشاريع الصغيرة . وقال فارس " كنت غارقاً بالمشاكل وجاءت هذه المبادرة لتنقذني ."

وأعاد فارس فتح ورشته للحدادة وكان الطلب مستمراً على خدماته لأن الجميع كانوا يريدون إعادة إعمار بيوتهم وهم بحاجة ماسة للحديد وما تصنعه ورشته من شبابيك وأبواب منزلية .

عن لجنة الصليب الاحمر