منشورات منسوبة لداعش تعكّر الأجواء في البصرة وتهدّد المستثمرين

Tuesday 18th of June 2019 08:48:09 PM ,
العدد : 4452
الصفحة : سياسية ,

 بغداد/ وائل نعمة

منذ يومين تبحث القوات الأمنية في البصرة عن صاحب الدرّاجة النارية المتهم بتوزيع منشورات منسوبة لتنظيم داعش،فيما يتوقع أن يتم اعتقاله خلال وقت قصير، خصوصاً أن كاميرات المراقبة التقطت وجهَ المنفّذ.

المنشورات التي وزعت في مناطق مختلطة سكانياً، وسمت بشعار "الدولة الإسلامية" الأسود، لكن كانت هناك بعض الأخطاء الإملائية والتفاصيل غير المنطقية التي جاءت في نصوص الورقة، جعلت الشكوك تدور حول الجهة التي تقف وراءها.

وعثر على المنشورات في قضاءي أبو الخصيب والزبير، وحملت اسم التنظيم "ولاية الجنوب البصرة"، الذي لم يستخدمه "داعش" أبداً في مخاطبته، وإنما كانت التسمية المتعارف عليها هي "ولاية الجنوب" فقط.

تلك الولاية (ولاية الجنوب)، بحسب مسؤولين، لم تُفعّل بشكل دائم، وإنما كانت تعرف باسم "الولاية النائمة" طوال فترة سيطرة داعش على بعض المدن في شمالي وغربي البلاد، رغم أنها اتهمت بالوقوف وراء تفجيرات ضربت البصرة والناصرية وبابل في عام 2016.

داعش يدعم تظاهرات الجنوب!

"الدولة الإسلامية" باركت، في المنشورات الأخيرة، ماوصفته بـ"الخروج المبارك للمتظاهرين"، في إشارة الى التظاهرات التي سادت الجنوب في الصيف الماضي او التي ستنطق في الأيام المقبلة.

وحذّر التنظيم، وفق المنشورات، "الجيش الصفوي المساس بالمتظاهرين العزّل، وأنّ ولاية الجنوب على علم بتحركات الجيش الصفوي ضدكم (المتظاهرين)، وإنّا لهم بالمرصاد، ونبشّر أبناءنا المظلومين بنصراً مؤزر على أيدي المهاجرين لنصرتكم، وسنطبّق الشريعة بحق الظالمين". وفي النص الاخير توجد بعض الاخطاء الإملائية التي نادراً ما تحدث في رسائل التنظيم.

ويشك أحمد ستار، عضو إحدى تنسيقيات الاحتجاج في البصرة في حديث لـ(المدى) بوجود دوافع لـ "تشويه صورة التظاهرات في البصرة من خلال ربطها بداعش"، مضيفاً بالقول: "لو كانت هناك داعش في المحافظة لسمعنا عن تفجيرات او حدوث هجمات مسلحة".

اعتقاد الناشط البصري بفكرة المنشورات، جاءت بسبب استعداد المحتجين لإطلاق نسخة جديدة من التظاهرات ضد الخدمات في المحافظة التي لم تتحسن منذ الصيف الماضي.

أذناب البعث في البصرة

وكانت أحزاب وأطراف سياسية بثت إشاعات في الصيف الماضي، بحسب ناشطين، اتهمت المتظاهرين فيها بالعمالة الى سفارات غربية، او ارتباطها بجماعات مسلحة وبعثيين. وحذر قائد شرطة البصرة الفريق رشيد فليح، بعد المنشورات، من محاولات من أسماهم بـ"أذناب البعثيين" التأثير على أمن المحافظة ومنع خروج التظاهرات السلمية عبر نشر الأكاذيب.

وقال فليح، يوم أمس الثلاثاء، إن "هناك محاولات بائسة منفردة من قبل العناصر الضالّة والإرهابية لاستغلال نوايا المواطنين في البصرة بالخروج في تظاهرات من خلال التحريف ونشر الأكاذيب والادعاءات عن وجود هذه العصابات".

وأكد قائد العمليات أن "القيادات الأمنية في البصرة في حالة انعقاد دائم لمتابعة التقارير الاستخبارية وتقييم المعلومات الخاصة بالعناصر الضالّة".

بدوره، قال بدر الزيادي، عضو اللجنة الأمنية في البرلمان والنائب عن البصرة، لـ(المدى) إن "الدراجة النارية التي تم فيها توزيع المنشورات قد تم العثور عليها، وخلال وقت قصير سيتم اعتقال صاحبها".

وكان الشاب الذي يقود الدراجة قد تركها في إحدى المناطق بالبصرة، وغادر الى جهة مجهولة، لكن الزيادي يقول إن "وجه الشاب واضح في الكاميرات".

ويقلل النائب من خطورة تلك المنشورات، ويقول إن الأوضاع في البصرة مطمئِنة "لكن داعش يبحث عن ثغرات لإثبات استمراره حتى وإن كانت إعلامية".

تخريب الاقتصاد

وتجذب البصرة، المنفذ البحري الوحيد للعراق، الكثير من العاملين المحليين والأجانب الذين لايتم تدقيق أوضاعهم بشكل صارم، وفق ما يقوله مسؤولون في المحافظة.

ويعمل أكثر من 80 ألف أجنبي في مجال الطاقة في البصرة فقط، فضلاً عن آلاف آخرين في الشركات والأعمال التجارية الأخرى.

ويعتقد علي شدّاد الفارس، وهو عضو في مجلس المحافظة، في حديث، يوم أمس، لـ(المدى) أن تلك المنشورات "رسالة غير مطمئِنة للمستثمرين والشركات الأجنبية العاملة في البصرة"، لافتاً الى أن البصرة مستهدفة دائماً بسبب النشاط الاقتصادي فيها.

وتستعد المدينة الجنوبية في هذا الوقت للبدء بإطلاق مشاريع طموحة بميزانية تفوق الـ4 ترليونات دينار، هي الأضخم منذ 2014، كما يقول الفارس: "ليس زمان الحدث هو وحده ما يثير الشك ويبدو مدروساً مسبقاً، لكن مكان إلقاء المنشورات كان في مناطق مختلطة سكانياً لإحداث خلل اجتماعي."

ويحمِّل المسؤول المحلي أجهزة الاستخبارات، التي يقول إنها لا تتعامل بشكل جيد مع المعلومة الأمنية، فضلاً عن المحافظ، وهو رئيس الخلية الأمنية في البصرة، الذي لم يدلِ بأي تصريح عن الحادث حتى الآن.