بأمانة: الرياضة المضلّلة!

Wednesday 19th of June 2019 07:10:21 PM ,
العدد : 4453
الصفحة : الأعمدة , محمد العبيدي

 محمد العبيدي

أثارت الحالة التي يعيشها المنتخب العراقي لكرة القدم إهتماماً إعلامياً أشّرَ بوضوح وجرأة وصراحة خطورة سير مجريات الأمور ضمن نطاق الفريق وملاكه الفني وتلك الحالة هي الاختيار المصحوب بدوافع غير نزيهة لبعض اللاعبين ضمن قائمة الفريق،

وعدم وجود ملعب لتدريبات منتخب الناشئين، وغياب الانضباط وتفشّي حالة من التمرّد عند بعض اللاعبين توحي بإنعدام الشعور بالمسؤولية الوطنية والحيود عن تلبية واجب تمثيل المنتخب الوطني الذي يمثل أعلى درجات الطموح والفخر والعطاء.

الإشارة الإعلامية المهمّة جاءت عن طريق كل من الزميلين فيان فائق وعمار ساطع حيث تطرّق الأخير الى وجود أكثر من لاعب يستحق التواجد في قائمة لاعبي المنتخب الوطني بدلاً من اسماء تمّ فرضها على الملاك الفني من قبل وكيل أعمال لاعبين إيراني الجنسية ظهر اسمه على السطح في الآونة الأخيرة بعد أن نجح بمساعدة مجموعة من المنتفعين في التوغّل الى أروقة الاتحاد والمنتخب الوطني عبر تمرير صفقات مشبوهة لموكليه وهي حالة كارثية في غاية الخطورة تعكس واقعاً مؤسفاً ومُعيباً لما وصلته الحالة الإدارية والتنظيمية في الاتحاد العراقي لكرة القدم هذا الصرح الرياضي العريق الذي ضمّ عبر الزمن نخبة من خيرة رجالات الرياضة العراقية وروّادها ممن عملوا بجد ونزاهة وشرف في أيام كان عنوانها الاخلاص والولاء للوطن في المقام الأول .

في أجواء فوضوية كتلك التي تعيشها الرياضة العراقية اليوم متمثلة بمشاكل اللجنة الأولمبية ومخالفاتها والفساد الإداري والمالي المستشري والتهرّب من القانون وسط غياب الإجراءات الرادعة في معظم الأندية والاتحادات ومنها اتحاد كرة القدم مع نماذج احترفت كل فنون التحايل على القانون وتضليل الرأي العام والتلاعب بمشاعر الجماهير والرياضيين وشريحة كبيرة من العاملين في هذا المجال لا ذنب لهم بوصول الطارئين على الرياضة والمتعطشين للمال والجاه والتنظير الفارغ على حساب المبادئ والقيم والأخلاق والأعراف والتقاليد والدين والإنسانية أيضاً، في أجواء كهذه يتطلب الأمر صحوة ضمير وواعزاً شخصياً وجهداً ومثابرة وحماسة من شأنها إتاحة الفرصة لذوي الخبرة والاختصاص والكثير من الشباب الطموح النزيه الواعي لأخذ دورهم الحقيقي وتنظيف الرياضة العراقية ممن سوّلت نفسه الإساءة الى البلد وأبناءه الأبرياء عبر موقف أو ظرف أو فرصة تم استغلالها بطرق ملتوية بهدف تفضيل المصلحة الخاصة وتهميش المتخصصين وإقصاء أصحاب الحق وامتهان النهب والتهميش الممنهج .

كل هذا وأكثر من السلوكيات النشاز التي أسهمت بشكل مباشر في تخريب وتشويه الرياضة العراقية والتي من شأنها أن تنعكس سلبياً على الأجيال القادمة وعلى مكانة وصورة البلد في الساحة الدولية بشكل عام.

الخروج من أي أزمة مهما كان حجمها ومهما بلغ نفوذ وتأثير مسبباتها يحتاج الى الوقت، وهذا اليوم قادم لا محالة وبكل تأكيد يلعب الإعلام النزيه والهادف دوراً في غاية الأهمية بالتعاون مع كل مسعى وطني مخلص لكشف الحقائق ومحاسبة المقصّرين ودعم الجهود النزيهة بأمانة ومهنية .

هذه الظواهر وغيرها من الحالات السلبية المدمّرة لا يمكن لها أن تحجب الكثير من الانجازات والحالات الإيجابية الموجودة والتي تستحق الإشادة والاهتمام خصوصاً لمن عملوا واجتهدوا في ظل ظروف صعبة مرّت وما تزال في البلد نتيجة الوضع العام وإنعدام الكثير من مقوّمات العمل الاساسية وعلى سبيل المثال لا الحصر تأهّل المنتخب الأولمبي الى النهائيات الآسيوية المؤهلة لأولمبياد طوكيو 2020 أثر تصدّره مجموعته والتي ضمّت كلاً من إيران المضيف واليمن وتركمانستان.

الكل يتذكّر كيف غادر الفريق الى طهران بلا دعم بعيداً عن الاهتمام، مبارياته لم تنقل تلفازياً، والتعتيم الإعلامي رافق رحلة الأولمبي الذي قهر كل حلقات الإهمال لينال بطاقة التأهل بجدارة متصدّراً مجموعته على حساب البلد المضيّف للتصفيات.

أي جهد وطني مخلص لابد أن يجد طريقه الى النور طالما تتواجد طاقات واعدة نستبشر بها خيراً في المستقبل القريب .