إشكالات قرارات وزارة الهجرة والمهجرين العراقية بخصوص سفراء المحبة

Saturday 22nd of June 2019 07:53:55 PM ,
العدد : 4454
الصفحة : آراء وأفكار ,

 د. جيهان بابان

أثارت قرارات وزارة الهجرة و المهجرين حول سفراء المحبة و السلام و مجالس الجالية العراقية في الخارج الكثير من الجدل مؤخراً خاصة على صعيد منصات التواصل الاجتماعي و بيانات أصدرها عدد من منظمات المجتمع المدني العراقية في بريطانيا

و التي وإن تابعناها عن قرب ولكن قررنا كجمعية مهنية مسجلة رسمياً التأني لحين دراسة الموضوع و التعرف على جوانبه للحفاظ على مهنية و مصداقية الموقف .

نقطة البدء هي البرنامج الحكومي ٢٠١٨- ٢٠٢٢ الذي أشار و في المحور الخامس , ثامناً وزارة الهجرة و المهجرين ، جملة من القرارات المتعلقة بالجاليات العراقية في الخارج و منها في بريطانيا و التي لو تم اعتمادها بشكل علمي و مهني لما وضعت وزارة الهجرة و المهجرين نفسها في الإشكالات الحالية و ما تبعها من ردود الأفعال في بريطانيا و التي ستمتد و بكل تأكيد الى الجاليات العراقية الأخرى في الخارج.

و ما يزيد الطين بلة هو الخلط بين عدة قضايا جاءت في حيثيات بالبرنامج الحكومي ( في الفقرة ١ ، فقرة ٣، فقرة ٤ و فقرة ٥) وبشكل يقوض مصداقية وزارة الهجرة و المهجرين العراقية أمام الجاليات العراقية, و بالتحديد في مايلي:

١. سفراء المحبة و السلام

تسمية سفراء لمهمات محددة إجراء ساري في العديد من الحكومات و بكل تأكيد من حق السيد وزير الهجرة و المهجرين تسمية سفراء المحبة و السلام مع تحمل المسؤولية القانونية و الأخلاقية و المعنوية لهذا القرار, الا أن هذا الإجراء يتطلب جملة من المستلزمات منها تحديد مهمات و صلاحيات هؤلاء السفرا ء اَي سفير من, و لدى من, و من اجل ماذا. فمثلاً التوصيف بالمحبة و السلام يعني حصره و مهمات ذات طابع ترتبط بالحوارات بين مكونات المجتمع العراقي أو طوائفه الدينية و الترويج للسياسات الحكومة العراقية المتعلقة بالمصالحة الوطنية و مع المؤسسات الدينية في البلد المعين فهل هذا هو المقصود ؟ ثانياً الأسس و المعايير الشخصية و المهنية في اعتماد السفراء و آلية الاختيار والجانب الثالث الجوانب المالية لتغطية مخصصات أو صرفيات.

اَي إن القضية المركزية هنا هي الأليات التي يجب اعتمادها من قبل الوزارة و التي يتم تطبيقها بشفافية و تخضع للرقابة الشعبية من قبل الجالية العراقية, منظمات أو أفراد كي يصبح لهم دعم و مصداقية و ليس منفذاً للاستهزاء و التهجم على البرنامج الوزاري.

٢. مجالس الجالية العراقية في الخارج

تضمنّت رسالة وزارة الهجرة و المهجرين المورخة في ٢١/٤/ ٢٠١٩ عدداً غير قليل من اسماء معينة كرؤساء للجاليات العراقية في عدد من البلدان الأوربية و بدون اَي تنسيق او استمزاج لآراء و ملاحظات منتسبي الجالية العراقية منظمات او أفراد و التي قد تعكس الأرتباطات و الأمزجة و الضغوط التي تكمن خلف إصدار هذا القرار و الذي بقى محصوراً لدى أفراد ممن كانت لهم الحظوة و التواصل باسمائهم الشخصية أو قدموا أنفسهم على إنهم يمثلون الجاليات العراقية في الخارج مع أحد المسؤولين في وزارة الهجرة و المهجرين حتى تسربت عبر التواصل الاجتماعي.

هناك كما يبدو خلل في أن مجالس الجالية هي لا علاقة لها بسفراء المحبة و السلام فقضية تشكيل مجالس الجالية كانت موضع نقاش ما يزيد على ١٣ سنة و مما عقّد الأمر في وقتها هو الإسراع في تنظيم مؤتمر المغتربين العراقيين في الخارج في ٢٠٠٦ و الذي اقتصرت دعواته على أسماء محددة اعتمدت على العلاقات الشخصية و العائلية و الحزبية ، و لم يخرج منها و بشكل عملي أية قرارات نوعية عملية لتحقيق هدف إقامة مجالس للجالية العراقية .و منذ ذلك الوقت تشكلت العشرات من المنظمات و الجمعيات العراقية و حيث تمحور النقاش حول مجالس الجالية باتجاهين:

الأتجاه الأول يرمي الى إقامة تشكيلة فوقية تصبح إطاراً إدارياً له طبيعة شمولية ينظم و يقود عمل منظمات المجتمع المدني و يكون حلقة الوصل مع الجهات البريطانية رسمياً كانت أم مهنية و أيضا مع السفارة العراقية و الجهات الرسمية ذات العلاقة في العراق. و يكتسب شرعيته من خلال مباركة وزارة الهجرة و المهجرين و وزارة الخارجية و بدون وضوح حول تركيبة المجلس ، منهم أعضاء المجلس ، كيف يتم اختيارهم و ما هو النظام الداخلي المعتمد. و يثير هذا النموذج ايضا إشكالات تنظيمية و قانونية وحتى من الممكن سياسية في المنظور الأبعد . و الأتجاه الثاني الذي يسعى الى إقامة مجلس تنسيقي للجالية العراقية يحترم استقلالية و قرارات المنظمات المهنية و الأكاديمية و الجالوية في بريطانيا و يعمل على رسم سياقات تجمع ما هو مشترك بين كل هذه الجمعيات و المنظمات و تنعكس في نشاطات و فعاليات مشتركة ومن ضمنها الموءسسات و الجهات الرسمية البريطانية و العراقية و على أساس ما هو مشترك وفي خدمة القضية العراقية . و ينتظم في المجلس أيضاً شخصيات ذات حضور ودور في الجالية العراقية. و اهمية هذا النموذج إنه لاينطوي على إشكالات قانونية و تنظيمية مقارنة بالأول و على حد علمنا لم تنشر لحد الآن اَي دراسة رصينة بهذا الخصوص تتيح للآخرين كمنظمات مجتمع مدني أو شخصيات من الجالية التعقيب او التعليق عليها. و لاشك أن هناك بعض المراسلات و المبادرات الفردية مع هذا المسؤول في الدولة العراقية أو ذاك إلا إنها تعكس وجهات نظر خاصة بمن قدمها . علما بأن وزارة الخارجية العراقية كانت لها أيضاً ملاحظات هامة حول مصداقية و شرعية مجلس للجاليات العراقية في الخارج لأن الواجهة الرسمية و الحكومية المعتمدة هي السفارات العراقية.

٣. دور منظمات المجتمع المدني العراقية في بريطانيا

هناك طيف واسع من منظمات المجتمع المدني العراقية و تعد بالعشرات و تتوزع على كافة مجالات الأنشطة العلمية و الثقافية و الفنية و الأدبية و البيئية و الصحية و حقوق الانسان و العمل الخيري الإنساني و ليس من الصحيح اختزالها الى عدد صغير و كأنها تعبر و تمثل منظمات المجتمع المدني العراقية في بريطانيا.

هذا التنوع و التعددية هو مصدر قوة إذا تم تنسيق العمل فيما بينها و على أساس أولويات ما يمكن يدعم العراق بشكل عام و متطلبات تنفيذ البرنامج الوزاري الحكومي بشكل خاص.

وهنا نود باسم جمعية البيئة و الصحة العراقية في المملكة المتحدة أن نعرب عن شكرنا و تثميننا للدور المتميز الحالي للسفارة العراقية في المملكة المتحدة ممثلة بسعادة السفير العراقي و كادر السفارة بحضورهم و دعمهم المتواصل لمكونات و نشاطات الجالية العراقية في بريطانيا و أود أن أقدم المقترحات التالية كخارطة طريق وصولاً الى تحقيق مفردات البرنامج الحكومي التي أشرنا اليها أعلاه : 

١. أن يكون للسفارة العراقية دور رقابي و إشراف على عملية تنفيذ قرارات وزارة الهجرة و المهجرين العراقية حيث لايوجد لها معتمد أو مكلف يمثلها في بريطانيا .

٢. الشروع بتنفيذ قاعدة البيانات إليكترونية لجرد منتسبي الجالية العراقية في بريطانيا . 

٣. الطلب من وزارة الهجرة و المهجرين أن تحدد صلاحيات ومهمات سفراء المحبة و السلام و الضوابط و الأسس ليتم اعتمادها في الاختيار و نشرها في موقع الوزارة و ايضا عبر بريد السفارة العراقية ، و نعتقد إن الأسلوب الأفضل للاختيار هو أن يقدم من ينطبق عليه هذه المواصفات طلباً يرشح فيها نفسه لاعتباره سفيراً عبر نافذة إليكترونية و خلال فترة محددة يتم بعدها اختيار الأفضل و الأنسب من قبل لجنة تحت إشراف وزارة الهجرة و المهجرين و بالتنسيق مع السفارة العراقية. يقدم فيها من يرشح نفسه سيرة ذاتية مقتضبة و أيضاً ضمان عدم شموله بقضايا النزاهة و المساءلة و العدالة و التزوير أو أية قضايا جرمية في العراق أو بريطانيا . 

٤. عقد اجتماع تشاوري يضم جميع منظمات المجتمع المدني العراقية و عدد من شخصيات الجالية في بريطانيا لمناقشة أسس و مقومات و أهداف مجلس الجالية العراقية في بريطانيا و حسم الجدال بين الاتجاهين المشار إليها في نقطة رقم ٣ كونها ذات تأثير مباشر على هيكلية المجلس و أيضاً على مهماته و صلاحياته مع أخذ ملاحظات وزارة الخارجية حول تشكيل مجالس من هذا النوع خاصة فيما يتعلق بالصلاحيات و الجوانب القانونية . ختاماً هدفنا من إثارة هذا الموضوع هو الإصلاح و الحوكمة و ينسجم مع سياقات الحكومة الحالية و يضمن حلول انسيابية شفافة خاضعة للرقابة الرسمية و الشعبية و لا يستهدف اسماء معينة أو تجمعات سابقة أو حالية.