اغتصاب الأطفال وقتلهم يثير الرعب بين أهالي البصرة

Saturday 10th of November 2012 08:00:00 PM ,
العدد : 2645
الصفحة : سياسية ,

الجرائم الوحشية تثير الأعصاب حتى في بلد شهد الكثير من سفك الدماء خلال العقد الماضي، ففي البصرة جنوب البلاد تعرضت فتيات عراقيات صغيرات للاختطاف والاغتصاب لمرات عديدة ثم يضربن حتى الموت في حادثتين منفصلتين.

وبرغم إدانة المجرمين في احدى الحادثتين، والكثير من الاعتقالات في الحادثة الأخرى، وتكثيف دوريات الشرطة في المدينة فان اهالي المدينة مازالوا يتابعون مقتل بنين حيدر ذات الأربع سنوات وعبير علي ذات الخمس سنوات خلال فترة اقل من شهرين، واليوم لا يسمح الكثير من الآباء بذهاب اطفالهم الى المدارس لوحدهم او اللعب خارج البيت بعد انتهاء الدوام المدرسي خوفا من اختطاف بناتهم من الشوارع واغتصابهن وقتلهن. عوائل أخرى تخطط لمغادرة البصرة والانتقال للعيش في مكان آخر قائلين إنهم فقدوا الثقة بقدرة القوات الأمنية في الحفاظ على سلامة أبنائهم.

كانت الجرائم غاية في الوحشية حتى ضمن معايير بلد مازال المسلحون فيه يقتلون العشرات في كل يوم . يقول حازم شريف، 38 سنة موظف حكومي وأب لأربعة اطفال، " هذه الجرائم غير الانسانية تجعلني افكر بسلامة اطفالي. لم أعد أثق بقوات الأمن بعد اليوم، وعليّ ان احمي عائلتي بنفسي". بالنسبة للكثير من العراقيين، فان هذه الجرائم تؤشر نوعا جديدا من العنف اكثر خطورة وتهديدا مما واجهته البلاد في السابق.

تعتبر البصرة – ثاني اكبر مدن العراق – اكثر أمنا من العاصمة بغداد، لذا فان الجرائم الأخيرة تبدو كنقطة سوداء في محافظة هادئة ومستقرة نسبيا. مدينة تسكنها مليون نسمة، وهي تحتضن صناعة النفط الرئيسية في العراق الا انها عموما اكثر فقرا ورثاثة من العاصمة لكنها بدأت بالازدهار بشكل بطيء بعد مجيء الشركات العالمية  التي جذبتها حقول النفط المربحة.

قام مدير شرطة المدينة الفريق فيصل العبادي ورئيس اللجنة الأمنية في الزبير مهدي ريكان بتزويد الاسيوشيتد بريس بتفاصيل الجريمتين. تم اختطاف بنتين في 16 آب في منطقة الزبير خارج مدينة البصرة، حيث جاءت عائلتها من محافظة ذي قار القريبة لزيارة أقرباء لها. بعد ذلك عثرت الشرطة على جثتها في مكان مهجور وهي مربوطة اليدين والقدمين ورأسها مهشم نتيجة ضربات بقطعة كبيرة من البلوك حسب قول السلطات. يقول القاضي جاسم الموسوي رئيس محكمة تمييز البصرة الفيدرالية  "تم اعتقال الجندي اكرم المياحي المنسوب الى قاعدة عسكرية قريبة والذي كان خارج الواجب لصلته بحادث القتل، ثم أدين في 22 تشرين الأول وحكم عليه بالإعدام لاغتصابه وقتله الطفلة بنين".

يقول العبادي ان  ذوي الطفلة طالبوا باعدام المياحي علنا في موقع الجريمة ليكون رادعا لغيره. مازال الحكم لم ينفذ بعد. أما الطفلة الأخرى عبير، فقد جاءت أيضا من محافظة ذي قار الفقيرة نسبيا حيث يتنقل العديد من سكانها ويقضون الأسابيع بحثا عن عمل. تم اختطافها في 11 تشرين الاول بينما كانت عائلتها في حفل زفاف ليس ببعيد عن المكان الذي قتلت فيه رنين. تم العثور على جثتها بعد 12 ساعة في قطعة ارض خالية وهي تحمل نفس علامات الضرب التي لوحظت على الضحية الاولى ، عدا ان عبير تم خنقها برباط حذاء حسب قول المسؤولين . فيما بعد اكدت السلطات ان الخاطف المشكوك به قد اتصل بتسعة من أصدقائه ودعاهم للمشاركة في الاغتصاب، فتم اعتقال ثمانية منهم واعترفوا بالذنب، ومازال التحقيق جاريا. تعتقد الشرطة ان المتهم بقتل بنين لا علاقة له بقتل عبير. يقول والد عبير "لا استطيع النوم او الراحة بينما مازال هؤلاء المجرمون يأكلون ويشربون وينامون في السجن. يجب اعدامهم فورا ". يقول علي عبد، 30 سنة عامل بناء وأب لأربع بنات "لقد اصبح العراق مثل غابة تفترس فيها الوحوش أجساد الناس الفقراء".

أثارت أخبار هاتين القضيتين  موجة من الخوف في شوارع البصرة، حيث توقف فراس خضير – 42 سنة يسكن الزبير – عن ارسال ابنته شهد الى الروضة خوفا من تعرضها للاعتداء، وفي نفس الوقت استأجر سيارة أجرة لأحد أقاربه الموثوقين من اجل ايصال ابنتيه الأخريين الى المدرسة رغم قربها من البيت. من جانبه قال شريف –أب لأربعة – انه بدأ مع زوجته باصطحاب أطفالهما الى المدرسة في الذهاب والعودة وانه يراقبهما حتى اثناء اللعب خارج البيت. اغلب الآباء والأمهات في البصرة يفعلون الشيء نفسه حاليا "ابناؤنا يصرون على اللعب مع اصحابهم، ونحن نذكّرهم دائما بالقصة المرعبة للفتاتين المسكينتين".

في محاولة لتهدئة الرأي العام، بدأت القوات الأمنية بنشر دوريات للشرطة خاصة قرب المدارس. بعض المسؤولين يلقون باللائمة في هذه الجرائم على انتشار المخدرات. كما استخدمت وزارة الداخلية مؤخرا هاتين القضيتين في دعوة العراقيين الى دعم حملة محاربة المخدرات، وذكر العبادي ان كل الذين تم اعتقالهم في هاتين القضيتين هم من المدمنين وانهم كانوا تحت تأثير المخدرات وقت ارتكاب الجريمة . قالت السيدة فوزية العطية، المتخصصة في علم الاجتماع – جامعة بغداد، أن عقود الحروب والمصاعب الاقتصادية من الممكن ان تلعب دورا في ذلك "كل تلك الويلات قد غيرت القيم الاجتماعية وأضعفت دور الأسرة وأثرت سلبيا على تطور الشخصية. لقد بدأ الشباب يشعرون بالفراغ والسأم من البطالة وخاب ظنهم بالدين وبالمؤسسات السياسية". الكثير من أهالي البصرة لا يعزون ذلك إلى المخدرات فقط  بل أنهم ينتقدون الحكومة العراقية والقوات الأمنية لفشلها في توفير الأمن اللازم . يقول عبد ان القاء السلطات اللوم على المخدرات هو حجة لتبرير ضعف جهاز الشرطة وان كل القوات الأمنية لا يهمها سوى الراتب الذي تتسلمه نهاية الشهر.

عن : توبيكس