عبد الرحمن طيف يودعنا..!

Sunday 25th of January 2004 07:20:18 PM ,
العدد : 45
الصفحة : مقالات رئيس التحرير , فخري كريم

طوى الموت قامة ابداعية، لينتزع منها ما تبقى من طاقات خلق وعطاء لم تقتصر على الرواية، وفنونها، بل لم تكن الكتابة إلا مجرد وسيلة،

 لاكتشاف جذور الخراب الذي حل بأمته، فرآها تتهاوى امام عينيه مثل حطب أكله السوس، وعبثت به الديدان والعث!

قد لا يكون الموت هو اللص الذي انتزع روحه، بل كل الدمى التي اجهزت على آماله وحولت رؤاه الى كوابيس واشباح، وهي تستل سيوفاً مصدّأة، ورماحاً خشبية وخوذاً ورقية تطارد بها اعداء الامة،!

مثل قامات ابداعية اخرى هنا وهناك، رحل عبد الرحمن منيف قبل اكتشاف ما تبقى من مشاهد الانهيار ومصادره واوهامه..

واذا كانت الرواية صناعة تخيّلية تختلط فيها الرؤى والكوابيس بالواقع، والابطال بالمزيفين وشذاذ الافاق، فان صورها وتراكيبها المعقدة قد تمنح الامل لمن يبحثون فيها عن بارقتها لاطفاء منابت خيباتهم، لكن في ذات الوقت تقطع صلة الرحم بالحياة..

حاول عبد الرحمن ان يتعايش مع هذا التناقض بين..، احلام المبدع واوهامه، ويوحدها مع تطلعات قرائه وجفوه الحياة ومرارتها معهم.. وهو ما فعله مع المرض منذ ان داهمه فكسر فيه القدرة على الاكتشاف واليقين وفك الاشتباك مع رموز واشكال واوهام وآمال لم يبق منها في واقع الحياة غير مشهد واحد: سقوط مرير في التكرار والتجربة والخيبة.

رحل عبد الرحمن منيف،..

وبقي منه عطاء ابداعي يجدد معانيه قراؤه انفسهم اذ ليس في نصوصه ما يقبل الانغلاق..

وتلك هي مأثرته