بعبارة أخرى: ما خلـّـفه ميسي .. لصلاح!

Monday 8th of July 2019 09:06:36 PM ,
العدد : 4466
الصفحة : الأعمدة , علي رياح

 علي رياح

أربع وعشرون ساعة لا أكثر ، كانت المسافة الزمنية الفاصلة بين درس بليغ ودرس يكاد يشبهه حدّ التطابق ، ولكن ما أكثر الدروس وما أقل الاعتبار!

ودّع منتخب التانغو منافسات كوبا أمريكا كسير الوجدان ، في مشهد (أرجنتيني) تقليدي بملامحه ومؤثراته .. مشهد مكرور على مدى أكثر من ربع قرن ، ولم يشفع له وجود نجم بمكانة وطراز ومهابة وقدرات ميسي ، فكان مشهد الإخفاق القاتل سبباً (وجيها) لدى جانب من المتعصبين كي يتجهوا ، هذه المرّة ، صوب تمثال ميسي في مدينته روزاريو كي يباشروا تحطيمه بالمعاول والمطارق والفؤوس وكل ما وصلت إليه أيديهم ورؤوسهم التي لم تكن تتسع إلا لهذا العرض المأساوي المستمر!

في اليوم نفسه ، كان نجم كروي كبير آخر شغل الدنيا في السنوات القليلة الماضية ، وهو يتنحـّى عن الجادة التي كان يفترض أن توصله وهو ورفاقه ومائة وأربعة ملايين مصري إلى منصة التتويج .. لم يفعل محمد صلاح ما يخجل منه .. لقد كان في قمة العطاء بحدود ما كانت تسمح به نفسه التي كانت تحدثه عن إسعاد شعب كبير اشتاق إلى الفرح في عز الأزمات!

ولكن ما حدث لميسي وصلاح في فاصلة زمنية واحدة يحيلنا مرة أخرى إلى الحقيقة ذاتها ، وهي أن كرة القدم لعبة جماعية ، ولا يمكن لنجم واحد مهما علا شأنه واتسعت إمكانياته أن يكون في مقام الفريق الواحد . ومفردة (فريق) تطرح نفسها هنا كدليل لا يقبل النقض على أن النجومية في عصرنا هذا هي نجومية المجموعة التي تلعب في الميدان ولا تستند في نجاحاتها على لاعب واحد ، وأن الزمن الذي كان فيه لاعب محوري واحد يصنع النجاح والفرح قد ولى تماما إلى غير رجعة!

وإذا كان ميسي قد أصيب بإحباط غير مسبوق بإخفاقه مجدداً في حدث كروي كبير ، بعد أن أطلق الوعود قبل البطولة في كل الاتجاهات ، فإن الجمهور الأرجنتيني وكل عاشق لنجم البارسا في المعمورة ، لم يعد قادراً على استيعاب حقيقة أن نجماً واحداً قادر على فعل الأعاجيب ، لأنه - ببساطة - عاجز عن اختزال أحد عشر لاعباً لهم إحدى عشرة وظيفة تتحرك طول المباراة في مساحة مترامية!

كان هذا هو الدرس المكرور بعد كل هذه الفرص التي أتيحت لمنتخب ميسي ولم يفعل العجب على غرار ما فعله في برشلونة حيث يفرض الفريق الواحد العامر بالنجوم منطقه ويمتثل فيه أي نجم كبير لإرادة جماعية تتحرك ، فاذا غرّد خارج السرب ، كان الفشل في انتظاره هو وفريقه!

أما محمد صلاح ، فهو في رأيي لم يحاول في يوم من الأيام أن يُظهر نفسه على أنه (ميسي مصر) وقد رصدت الأحاديث التي أجريت معه ، ووجدت لديه القناعة الذكية الراسخة بأن منتخب مصر إذا أراد استرداد اللقب الأفريقي بعد غيبة طويلة ، فإن على أفراده جميعا أن ينهضوا بالمهمة وألا يتركوا صلاح وحده في ميدان التحدي ليصب في مجراه العتب أو اللوم أو حتى النقد العنيف حين يأتي خروج حزين كالذي حصل يوم السبت الماضي!

قناعتي الشخصية في هذا الأمر كتبتها في يوم انطلاق البطولة، بمباراة الافتتاح بين مصر مع زيمبابوي ، في مقال عن حظوظ منتخب مصر ومحمد صلاح فقلت ما نصّه :

كنت اتمنى ، وما زلت اتمنى ، أن توضع الآمال المصرية على الفريق ككل ، وفيه نجوم كبار رائعون آخرون .. وفي كرة القدم لا يمكنك دوماً ارتياد النجاح بأن تضع بيضك في سلة لاعب واحد مهما طبقت شهرته الآفاق ، فالعمل يبقى جماعياً في أول الأمر .. وختامه!!