فرد حجاية.. ما لا تعرفه عن الموسيقى العراقية اليهودية

Thursday 11th of July 2019 04:32:07 PM ,
العدد : 4468
الصفحة : فديوهات ,

 كتب حسقيل قوجمان الكاتب اليهودي :

 

خلال النصف الأول من القرن العشرين، كان كل الموسيقيين العراقيون الذين يعزفون على آلات موسيقية يهودا؛ وكان هناك العديد من المطربين والملحنين اليهود الكبار. في الحقيقة كان الملحن الأكبر للموسيقى الحديثة في تلك الحقبة هو صالح الكويتي الذي لحّن معظم الأغاني للمطربات أمثال سليمة باشا، زكية جورج، نرجس شوقي، عفيفة إسكندر وأخريات. وكان هناك ملحنون يهود آخرون مثل داوود الكويتي، سليم داوود، سليم زبلي، داوود أكرم، يعقوب العماري، عزرا هارون وآخرون. بإختصار، في الاذاعة، وفي كل الملاهي الليلية في بغداد، كان هناك إثنان فقط من العازفين على آلات موسيقية من غير اليهود، وهما حسين عبدالله، عازف الايقاع في فرقة الإذاعة، وعازف العود في فرقة سليمة باشا والذي كان يُدعى صليبا القطريب، وهو سوري. 

في الموسيقى التقليدية الخاصة في العراق والتي تُدعى المقام العراقي، لم يكن هناك أي عازف موسيقي معروف من غير اليهود. كل العازفين على آلتي المقام الموسيقيتين وهما الجوزة والسنطور كانوا يهودا. الموسيقى التقليدية للمقام العراقي هي مجموعة من الأغانٍي سبق تلحينها، وقد لُحنّت وفق قواعد خاصة، وتغنى من قبل كل قراء المقام العراقي. الآلتان الوتريتان اللتان أُستعمِلتا لمرافقة هذا الغناء هما (الجوزة) وهي الة وترية شبيهة بالكمان يبنى صندوق صوتها من قشر جوزة الهند و (السنطور) وهو نوع خاص من الالات الوترية. وحينما أرادت الحكومة العراقية أن تشترك في المؤتمر العالمي الأول للموسيقى العربية عام ١٩٣٢ بالقاهرة كان عليها أن ترسل عازفين يهود لا يعرفون حتى كيفية إرتداء بذلة أو حذاء. وكان الشخص الوحيد غير اليهودي في الفرقة هو مطرب المقام الكبير محمد القبانجي. هذا المقام التقليدي لم يكن معروفا في بقية الأقطار العربية أو حتى لعلماء لدى الموسيقيين المستشرقين الأوروبيين. لذلك، كان مفاجأة بالنسبة لهم، وأعتبرت فرقتهم الفرقة الموسيقية الأفضل في المؤتمر .

 اما الموسيقى الدينية التي تقدم فقط في مناسبات دينية فنذكر هنا الحزانين ،والحزانون (مصلون أمام الجماعة) كبار معروفون لدى اليهود في العراق وفي كل مكان. إعتاد زكي مراد أن يذهب في (عيد الغفران) من كل سنة الى أورشليم كحزان. غير أن كلا من الموسيقى الدينية الاسلامية واليهودية قائمتان على نفس قواعد موسيقى المقام. إنهم يستعملون قواعد المقام مع كلمات دينية. أغلب المطربين اليهود تقريبًا في كلا الموسيقتين التقليديتين إعتادوا أن يكونوا مساعدي حزانين خلال صلوات اليهود في عيد رأس السنة العبرية وعيد الغفران.

ي أثناء الهجرة ترك اليهود فراغا كبيرا في الحقل الموسيقي في العراق. في البداية كان على الحكومة أن تستعير موسيقيين من أقطار عربية أخرى. وقبل هجرة عازفي المقام العراقي صالح شمّيل، عازف الجوزة، ويوسف بتوّ، عازف السنطور ألزمهما نوري السعيد بتعليم اثنين من الموسيقيين المسلمين العزف على آلتي المقام. تعلم قارئ المقام هاشم الرجب عزف السنطور، وتعلّم الموسيقي شعوبي إبراهيم عزف الجوزة. كان هذان الموسيقيان هما الاساس في تعليم الطلبة الجدد العزف على هاتين الآلتين الموسيقيتين. اليوم، هناك العشرات، إن لم نقل المئات من عازفي آلتي المقام. موسيقى المقام هي تقليد موسيقي عراقي وستبقى هكذا طالما بقي الشعب العراقي.