الأطباء بين سندان قلة التجهيزات ومطرقة المسلحين وذوي المتوفين

Monday 2nd of September 2019 08:51:20 PM ,
العدد : 4500
الصفحة : سياسية ,

 ترجمة / حامد أحمد

الطبيب ذو الفقار عثر عليه ميتا أثناء أدائه لوظيفته في إحدى مستشفيات بغداد بعد أن تعرض لحالة انهيار بعد فترة عمل متواصلة لمدة 48 ساعة بدون استراحة وسط حالة بائسة من التجهيزات. 

وكونه يعاني من حرمان النوم والإرهاق فان موته يؤشر لظروف سيئة يواجهها أطباء عراقيون تهدد حياتهم .

مع ذلك ومنذ فترة طويلة تلقى مسؤولية فشل نظام الرعاية الصحية في العراق على الأطباء، فهم يواجهون تهديدين منفصلين أحدهما سوء المعاملة والثاني تهديد التعرض للعنف .

أطباء وممرضون يشكون من فشل الحكومة في توفير مستلزمات طبية ضرورية مما يتسبب بزيادة صعوبة مهمتهم المتعلقة بانقاذ حياة مرضى. ويجد الأطباء أنفسهم ضحية هجمات انتقامية، غالبا من قبل عصابات، تنتج عنها حلقة مفرغة من رعاية صحية سيئة في العراق. سلمى عودة، متحدثة عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر في العراق قالت في لقاء مع موقع نيو آراب البريطاني: "رغم الحروب المتكررة وتبعاتها التي حلت بالعراق، نجد مراكز صحية جيدة ومستشفيات، غير قادرة على الأداء الصحيح بسبب العنف الموجه ضد الرعاية الصحية الذي انتهى بتدمير معدات جديدة أو بث الرعب بين صفوف الكادر الطبي ."

وفي الوقت الذي لم توفر فيه وزارة الصحة لقاحات أساسية ومعدات صحية أخرى، يبدو واضحا أن هناك نقصا في تمويل وإسناد القطاع الصحي والطبي . كرم الحافظ، طبيبة أسنان في مستشفى عام في بغداد، تقول "الفساد مستشر في الحكومة بحيث أنهم لم يجهزوا المستشفيات باحتياجاتها. بعض الأحيان ينفق الأطباء من مالهم الخاص لشراء أدوية حيوية وتجهيزات لمعالجة المرضى ."

أعداد لا تحصى من المرضى توفوا في المستشفيات بسبب افتقارها لتجهيزات طبية ضرورية لم توفرها الحكومة .

وأضافت كرم بقولها "طفلة صغيرة تعرضت للاختناق بسبب قطعة من طعام علقت في المريء، لقد توفيت لأن الأطباء لم يستطيعوا إنقاذها لعدم امتلاكهم أداة ملقط المريء الضروري لهكذا حالات الذي لم توفره وزارة الصحة."

وقالت كرم إن كل ذلك يعود لفشل الحكومة في توفير هذه المستلزمات والخدمات، مشيرة إلى أن كثيرا من المستشفيات تعاني من قلة التجهيزات وعم بناء منشآت جديدة .

رغم مسؤولية الحكومة عن هذه الاخفاقات فان الأطباء هم من يواجهون عواقب ذلك أما على يد مسلحين او اقارب وعشيرة مرضى يتوفون في المستشفيات.

سلمى عودة، المتحدثة باسم الصليب الاحمر تقول "كل هذه الامور تؤدي الى حرمان ملايين من العراقيين من الرعاية الصحية الاصولية التي تجبرهم للبحث عن علاجات صحية خارج البلد متحملين نفقات باهظة تثقل كاهلهم ."

وقالت الطبيبة كرم "كثير من أطباء اعرفهم تم استهدافهم بسبب ثارات عشائرية ناجمة عن وفاة مريض، حتى لو كان هذا المريض في حالة حرجة او انه وصل الى المستشفى وهو على مشارف الموت ."

في بعض الحالات يتم اقتحام مستشفى من قبل اقارب احد المرضى المتوفين ويستهدفون اطباء اثناء تأديتهم لعملهم .

وتقول سلمى عودة "هذه الظروف المروعة والخوف على حياتهم جعل كثيرا من الاطباء يغادرون البلاد أو يفكرون بالمغادرة ." وكشف متحدث عن وزارة الصحة أن اكثر من 20 الف طبيب غادر العراق منذ العام 2003. ويذكر ان 34000 طبيب مسجل كان يعمل في البلد قبل موجة الهجرة هذه، ويؤشر ذلك على النقص الحاد الذي تعانيه المستشفيات الآن من الاطباء الكفوئين . بعض الاطباء الذين بقوا في العراق يتجنبون الذهاب الى العمل بعد تعرضهم للعنف او المضايقات خوفا على حياتهم .

واستنادا لاستطلاع اجرته منظمة فريق متطوعي الصحة والبيئة البريطانية فان 70% من كوادر بغداد الطبية اعربوا عن رغبتهم بالهجرة .

وقالت الطبيبة كرم "قلة التخصيصات والترهيب وكذلك المضايقات العشائرية تعتبر الاسباب الرئيسة التي تدفع الطبيب للمغادرة، انهم معرضون لعنف يومي ويشتمل ذلك على الاهانات وسوء المعاملة واغتيالات وتهديدات بالقتل ."