التعليم العالي... وقرارات مجلس الوزراء- 1 -

Tuesday 3rd of September 2019 07:32:49 PM ,
العدد : 4501
الصفحة : آراء وأفكار ,

د.عبد الرزاق عبد الجليل العيسى

تتضمن هذه المقالة مع أخريات، ستنشر لاحقاً، وبنفس العنوان عن أهم المقترحات والآراء والمشاريع، وحيثياتها،

التي عرضت على مجلس وزراء من قبل وزارة التعليم العالي أو أي وزارة أو مؤسسة أخرى ، و كانت تعنى بشأن التربية والتعليم العالي والعلوم والتكنولوجيا، للمدة بين 5/8/2016 ولغاية 24/10/2018، ومدى استجابة وقناعة أعضاء المجلس بطروحاتها وأهدافها ونتائجها المستقبلية ومدى تأثيرها الإيجابي أو السلبي على القطاعات التي تعنى بها باقي الوزارات أو غيرها. وما هي المواضيع التي عرضت للتصويت واتخذ القرار المناسب بشأنها والذي وثق برقم محدد اقترن بالسنة التي أقرّ فيها وبعضها الآخر صدر على شكل توجيه. ومنها الاتي:

أولاً: مقترح تأسيس هيئة وطنية للاعتماد وضمان الجودة

تزامناً مع استقالة الوزير الدكتور حسين الشهرستاني جاء تكليفنا بمهام وكيل وزير التعليم العالي للشؤون الإدارية في يوم الاربعاء المصادف 5/8/2016 وقد كان الأمر مفاجأة لم تكن في الحسبان ولم يتم التخطيط لها. 

أوجب حضورنا الى مجلس الوزراء يوم الثلاثاء المصادف 11/8/2016 ولأول مرة لمناقشة المقترح المقدم من قبل وزارة التخطيط والذي يتضمن استحداث هيئة لضمان الجودة. اقتصرت الدراسة المقدمة على هدف أو محور واحد وهو جودة المنتج المادي، الصناعي أو الحرفي، لذا جاء اعتراضنا في المجلس لمحدودية هدف المشروع وعدم تناسبه مع عمومية عنوانه. لقد كانت مداخلتنا لأقناع المجلس بضرورة تغيير المشروع ليتناسب مع هدفه أو اعتماد عنوان آخر يدل على المضمون في الدراسة هو تأسيس هيئة وطنية لضمان جودة المنتج فقط أو أن يكون المشروع بالتعاون مع وزارات ومؤسسات أخرى لتأسيس هيئة وطنية لضمان الجودة تضم عدة دوائر كل واحدة منها تُعنى بجودة قطاع معّين فمنها سيُعنى بجودة مؤسسات التعليم العالي وأخرى تُعني بجودة مؤسسات التربية وثالثة تُعنى بجودة المؤسسات الصحية ورابعة تعنى بجودة المؤسسات الصناعية أو المنتج الصناعي وغيرها. لذا اقتنع المجلس ولم تحصل الموافقة على تمرير المشروع المقدم من قبل وزارة التخطيط.

في عام 2018 قدمنا دراسة للأمانة العامة لمجلس وزراء لاستحداث هيئة وطنية لجودة واعتماد مؤسسات التعليم العالي مستقلة عن وزارة التعليم العالي ترتبط برئاسة الوزراء ولكن عامل الزمن أحال دون عرضها على مجلس وزراء لانتهاء فترة الكابينة الوزارية ونأمل إعادة إحياء المشروع في المستقبل القريب لأهميته في تنمية وترصين مؤسسات التعليم العالي.

ثانيا: تمديد مدة السماح بالتعيينات

تم تكليفنا بمهام الوزارة بتأرخ 18/8/2016 والذي يعتبر ضمن موسم زخم العمل في الوزارة لتزامنه مع اجراءات القبول للدراسات العليا والتحضيرات للقبول للدراسات الأولية وقرب بدء الدوام لباقي المراحل الدراسية في الجامعات. لقد اعتمدنا الكثير من المشاريع والخطط، غير الروتينية والمتناغمة مع بعض خطط من سبقونا، ضمن ستراتيجية إدارة الوزارة التي تحتاج للخطوات والقرارات غير التقليدية للنهوض بأداء الجامعات بشكل عام والمستحدثة، عام 2014 بالتزامن مع الأزمة الاقتصادية واحتلال داعش لبعض أجزاء العراق، بشكل خاص وتوفير المستلزمات المادية والبشرية. طُرحت الكثير من الآراء والمقترحات بشأن هذه الجامعات ومنها غلق أو تعليق البعض منها لعدم توفر الملاك التدريسي وحتى الكادر المساند له والمستلزمات المادية وحتى المباني المؤهلة والمناسبة لاستقبال الطلبة. إن أحد المؤشرات التي أعتمد عليها في تقييم الجامعات هو نسبة عدد التدريسين لعدد الطلبة التي بلغت في احدى الجامعات المستحدثة الى 1/60 وفي أخرى 1/43 بالمقارنة مع النسب في بعض الجامعات القديمة التأسيس التي بلغت الى 1/4.3 في إحداها و1/4.2 في أخرى مما يؤشر مدى ابتعاد المجموعتين عن معدل النسبة القياسية والبالغة 1/15 ومدى النقص وحاجة المجموعة الأولى للملاك التدريسي والفيض في المجموعة الثانية. لذا جاء قرارنا بسحب بعض الدرجات الوظيفية، الناتجة من حركة الملاك، من الجامعات التي فيها فائض في الملاك التدريسي ومنحها للجامعات المستحدثة ولكن العقبة التي ظهرت أمامنا هو ضيق الوقت بسبب القرار المتخذ في مجلس الوزراء ،سابقاً، بشأن إيقاف التعيينات في جميع الوزارات بتأريخ 4/12/2016. لذا تقدمنا بمقترح لمجلس الوزراء بتمديد مدة السماح بالتعيينات للدرجات الوظيفية الناتجة من حركة الملاك الى نهاية السنة ، 31/12/2016، وقد تم حصولنا على الموافقة. 

وبالرغم من ضيق الوقت لتأخر بعض الجامعات في الرد على الوزارة بشأن عدد الدرجات الوظيفية الشاغرة لديها، الناتجة من حركة الملاك، ولكن تم الاستفادة من قرار مجلس وزراء في 19/12/2016 بعد اتمام جرد عدد الدرجات الوظيفية الشاغرة لدى بعضها والتي بلغت 5240 درجة. تم تخصيص بعض منها للجامعات المستحدثة، التي تعاني من نقص الملاكات التدريسية والوظيفية وعدم توفر الدرجات الوظيفية لديها، وبواقع 30 الى 50 درجة وظيفية نقلت من ملاك الجامعات التي فيها وفرة في ملاكها. حصلت التعيينات في جميع الجامعات بعد الاعلان والمنافسة وفق الضوابط والتعليمات وانجزت في 26/12/2016.

ثالثا: قرار مجلس الوزراء 340 لسنة 2016 

فتحت قنوات الحوار مع وزارة التربية في الأسبوع الاول من استلامنا لإدارة الوزارة بعد إصرارنا على ضرورة الاسراع بايقاف مشروعهم المعنون تعدد التعليم العلمي او تنويع التعليم والذي يتضمن تقسيم المواد العلمية، لمرحلتي الخامس والسادس اعدادي الفرع العلمي، الى احيائي وتطبيقي ولجميع مدارس العراق، ما عدا كردستان، ومن دون التحضير والتهيئة للمشروع. للأسف ان مقترح المشروع حصل على موافقة مجلس الوزراء في عام 2015 ونفذ في العام الدراسي 2015/2016 على طلبة الصف الخامس علمي. 

عقدت عدة اجتماعات برئاستنا مع وزير التربية الذي طرح الكثير من المبررات، متأملا ايقاف سعينا وتصميمنا لالغاء مشروعهم تنويع التعليم في العام الدراسي 2016/2017 ،ومنها قرب بدء العام الدراسي وادعائهم باكمال تحضيراتهم واستعداداتهم لتطبيق المشروع، الذي لم نجده على أرض الواقع عملياً لعدم تدريب ملاكاتهم التدريسية على النظام الجديد وعدم توفر الملاك التدريسي لبعض التخصصات ضمن المنهج الجديد كمادة الجيولوجي. طرحت وزارة التربية بعض المبررات التي أدت الى تأجيل طلبنا لالغاء المشروع ومنها هو انهاء طلبة المرحلة الخامسة سنتهم الاولى من البرنامج والمبرر الآخر هو انفاق الوزارة مبالغ كبيرة لطباعة الكتب اللازمة للمناهج الجديدة التي لم تسلم الى الكثير من المدارس إلا بعد انتهاء الفصل الاول من العام الدراسي 2015/2016 . أخيراً تم الاتفاق على الاستمرار ببرنامج تنويع التعليم على أن يتم اعادة تقييم البرنامج في نهاية العام الدراسي 2016/2017 واتخاذ الاجراء المناسب بشأنه.

لقد كانت قناعة الجميع بالطرح العلمي المعتمد لدينا وهو ضرورة البدء في كل تجربة جديدة باعتماد تطبيقها على عيّنة صغيرة الحجم أو قليلة العدد ومتابعتها وتقييم نتائج خطواتها للاستمرار وتعزيز الناجحة منها وتصحيح الانحراف في المنحرف منها إنْ أمكن أو إلغاء التجربة عند القناعة بفشلها. وهذه الآلية التي اعتمدت في معظم المشاريع والتطبيقات التي تم العمل بها خلال فترة إدارتنا للوزارة ومنها تطبيق نظام المقررات، الذي نفذ في ثلاثة جامعات، واستقلالية الجامعة، التي نفذت في جامعة واحدة وفي ستة عمادات في العام الدراسي 2017/2018 لتتوسع في السنة التي تلتها وتصبح تسعة عمادات ، والحوكمة الالكترونية، التي نفذت باربعة برامج لجميع الجامعات وثمانية عشر برنامجاً لثلاث جامعات، واستحداث عمادات الدراسات العليا، التي نفذت في ثلاث جامعات، واعتماد قناة النخبة ضمن القبول المركزي، لألف طالب للعام الدراسي 2018/2019، وابتعاث الطلبة الاوائل لبعض حملة شهادة البكلوريوس للحصول على شهادة الدكتوراه من دون الحصول على شهادة الماجستير، بوجبة أولى عددهم مائة طالب وبعدها تم الإعلان عن الوجبة الثانية بعدد مائتين طالب، وغيرها من البرامج الكثيرة.

حصلت نقاشات مع ممثلي وزارة التربية بشأن بعض المواضيع المشتركة والتي يمكن أن تؤدي بالنهوض بقطاعي التربية والتعليم العالي ومنها ضرورة العمل المشترك بهدف الإعلان المبكر عن القبول في الجامعات ليحقق طلاب المرحلة الأولى، في دراستهم، فترة دوام أمدها خمسة عشر أسبوعاً في الفصل الأول من العام الدراسي الاول وكما هي مقّرة من قبل منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو). لقد اثمر العمل المشترك مع وزارة التربية بشأن الإعلان المبكر عن القبول المركزي والذي حقق بعض التقدم في أول عام دراسي وأعلن عنه بتأريخ 26/10/2016 بعد ان كانت تظهر نتائجه في نهاية تشرين ثاني أو بداية كانون أول من كل سنة. وقد حصل تقدم أفضل في السنوات اللاحقة حيث أعلنت نتائج القبول المركزي للعام الدراسي 2017/2018 في 15/10 /2017 وأعلنت النتائج للعام الدراسي 2018/2019 في 5/10/2018.

بعد الاعلان عن نتائج القبول المركزي، للعام الدراسي 2016/2017، حصلت اعتراضات وردود أفعال سلبية من الطلبة الحاصلين على معدلات 96 % أو أقل والغير مقبولين في كليات المجموعة الطبية بحجة ان مقاعدهم قد اشغلت من قبل الذين قبلوا على قناة ذوي الشهداء والذي لم يتجاوز عددهم ال 270 طالباً من مجموع 4821طالباً اي بحدود 5.6% قبلوا في كليات الطب وطب الاسنان والصيدلة. علماً أن قانون 57 لسنة 2015 اقّر على تخصيص 30 % من مقاعد خطة القبول لذوي الشهداء بتقسيماتهم الثلاثة، ضحايا جرائم حزب البعث المنحل وذوو شهداء الحشد الشعبي وذوو ضحايا العمليات الحربية والأخطاء العسكرية والعمليات الارهابية، على أن تكون نسبة 10% لكل قناة، ومنحهم الحق بالتقديم على جميع الكليات بغض النظر عن معدلهم في الامتحان الوزاري لمرحلة الاعدادية. بعد اجتماعات عديدة بين ممثلي وزارة التعليم العالي ومؤسسة الشهداء تم الاتفاق على تقسيم نسبة المقاعد التي ستخصص لذوي الشهداء لتصبح 15 % للدراسة الصباحية و 15 % للدراسة المسائية واعتماد نسبة 5 % لكل فئة في الدراسة الصباحية ومثلها في الدراسة المسائية ويكون التنافس على المقاعد لكل فئة على حدة. تم تحديد الحد الأعلى لفارق الدرجة التنافسية لذوي الشهداء بخمسين درجة أو أقل من الحد الادنى للقبول في الكليات والمعاهد ضمن القبول المركزي.