جديد السينما الأسترالية العندليب ما مقدار العنف ضد المرأة الذي يجب أن يُصور على الشاشة ؟

Wednesday 4th of September 2019 06:23:38 PM ,
العدد : 4502
الصفحة : سينما ,

أحمد فاضل

بين عام 1906 وهو العام الذي أرخ لبداية صناعة السينما الأسترالية و 2019 هو تأريخ طويل أثبتت فيه تلك السينما أنها غير نمطية ،

ومنذ ذلك الحين أنتجت أطقم العمل الأسترالية العديد من الأفلام ، حاز عدد منها على اعتراف دولي حيث بدأ العديد من الممثلين والمخرجين حياتهم المهنية في الأفلام الأسترالية ، واكتسب عدد كبير منهم سمعة دولية ووجد عدد منهم فوائد مالية أكبر في المهن في مراكز إنتاج الأفلام الأكبر ، كما هو الحال في الولايات المتحدة .

ومن بين ما تناولته السينما هناك المرأة الأسترالية التي كان لها نصيب كبير فيها من حيث عرض نضالاتها ضد القهر والتعسف اللذان تلاقيه ، في فيلم " العندليب " المنتج حديثاً نرى فيه امرأة شابة تقود حصانها عبر إحدى الغابات وقد لطخت وجهها بالدماء ، والنظرة الفولاذية في عينيها تظهر أنها تحملت شيئاً لا يوصف ، غايتها واحدة هو الانتقام من الجاني ، هذه المرأة هي كلير بطلة " العندليب " للمخرجة جينيفر كينت الذي تدور أحداثه في تسمانيا في عام 1825 ، تتضح من خلاله إدانة الشابة الأيرلندية التي تلعبها أيسلينج فرانسيوسي ، وواحد من السكان الأصليين يدعى بيلي يلعبه بيكالي غانامبار ، حيث يشكلون تحالفاً في ملاحقة الملازم العسكري البريطاني الذي ألحق أعمال عنف بليغة بكلير وعائلتها .

تقول الممثلة فرانسيوسي عن الفيلم :

" كنت أرغب في التحدث عن العنف وتأثيره الحقيقي علينا كبشر ، وكيفية العثور على وسيلة للتنقل بين الحب والعطف والتعاطف في الأوقات المظلمة حقاً "

أما مخرجة الفيلم جينيفر كينت التي عرفت من خلال تقديمها أول أفلامها بعنوان The Babadook " بابادوك " ، هو فيلم رعب أسترالي عرض عام 2014 من تأليفها وإخراجها لاول مرة ، فقد ألمحت على أن العنف الذي ارتكبه المستعمر هو محور أحداثه ، أما عن ردود فعل الجماهير التي خرجت من مشاهدته فقد تناولته الصحافة الأسترالية مُثنية بنفس الوقت على قصته وإخراجه ،

لقد دافعت كينت عن مشاهد العنف التي ترتكب ضد النساء وشعب أستراليا الذي سكنها منذ قرون طويلة ، باعتبارها مشاهد تاريخية دقيقة حاولت الاستفادة من العديد ممن عملت معهم خاصة المستشارة جيم إيفريت من السكان الأصليين ، لتدقيق ماورد فيه من أحداث ولتحديد مقدار العنف الذي سيظهر في الفيلم ، وقالت في بيان إنها أرادت استكشاف " تداعيات العنف من منظور أنثوي " .

وهناك العديد من الأسئلة التي يطرحها الفيلم تتعلق حول ما يعنيه تصوير العنف الأنثوي داخل إطار ما فعله الاستعمار البريطاني لدى احتلاله لأستراليا ، هل تصوير العنف ضد المرأة ولا سيما الاغتصاب هو مجرد انعكاس للواقع ؟ ففي كثير من الأحيان في الماضي كانت الشخصيات الذكورية هي التي تتصف بالعنف ، تقول هيلاري نيروني أستاذة الدراسات السينمائية والتلفزيونية بجامعة فيرمونت ومؤلفة كتاب " المرأة العنيفة : الأنوثة والسرد والعنف في أمريكا المعاصرة " :

" ظهرت هذه المناقشات في الآونة الأخيرة ، عندما واجه فيلم كوينتين تارانتينو الذي عرض مؤخراً " مرة واحدة في هوليوود " ، انتقادات بعد عرضه الأول في كان لتقليل شخصية شارون تيت وهو الدور الذي لُعب من قبل مارجوت روبي ، وهي تهمة رفضها المخرج صراحة " .

عندما نفكر في كيفية عمل المخرجات ، في معظم الأحيان ، يدور الهيكل السردي حول شخصية أنثوية أو امتيازات تشغلها النساء ، وهذا هو ما يدفع بالمؤامرة " ، كما تقول نيروني :

" الفيلم النسوي يعني أننا نشعر بكيفية رؤية العالم للشخصية الأنثوية ، هذا ما حدث مع كلير في فيلم " العندليب " ، فخلال مشهد اغتصابها من قبل اللفتنانت هوكينز بوحشية تم تركيز الكاميرا على التعبير على وجهها ، وعندما طعنت كلير لاحقاً أحد أصدقاء هوكينز في الحياة البرية ، فإن عنفها كنتيجة مباشرة لتعرضها لمثل هذه الوحشية والدم يطفو على وجهها وهي تصرخ في حالة جنون " .

هذه الأنواع من الأفلام أظهرت كيف تم دفع النساء إلى العنف المفرط من قبل المجتمع القمعي تقول نيروني :

"أعتقد أن الجماهير مفتونة بالنساء العنيفات ، لأنهن يعطلن نماذج كثيرة من الذكورة والأنوثة ، هذا السحر يمكن أن يؤدي أيضاً إلى معرفة حجم القوة التي تتمتع بها النساء ومن الجيد أن نشعر أن الأشخاص الذين مروا بمواقف صعبة وجدوا بعض الراحة فيه ".

بالنسبة لكينت ، ليس العنف على الشاشة مجرد مشهد ترفيهي ، ولكنه مرآة لمواقفنا الثقافية :

" إنه أحد أهداف السينما الترفيهية إنها أيضاً تثير المشاعر" . لا تزال الفرص المتاحة لصانعات الأفلام تتخلف بشكل كبير عن نظرائهن من الذكور ، كان 4٪ فقط من المخرجين الذين عملوا على أفضل 100 فيلم في هوليوود في عام 2018 من الإناث ، طبقاً لمركز دراسة المرأة في التلفزيون والسينما ، لكن المراقبين أمثال نيروني يأملون في أن يكون المخرجون مثل كينت أقوياء لمزيد من التحقيق للعنف الذي تمارسه النساء على الشاشة .

ومع أن فيلم " العندليب " يتطرق إلى صفحة من التاريخ الأسترالي منذ ما يقرب من 200 عام في الماضي ، لكن بالنسبة إلى كينت ، فإن الموضوعات التي يستكشفها فيلمها تبرز اليوم حيث تقول :

" أعتقد أن الخط العنيف الذي خلق بناء الاستعمار هو خط العنف الذي يمر عبر عالمنا الحديث ، عندما لا يكون هناك أي احترام للأنوثة ، فإن الأشياء التي تحدث في " العندليب " لا مفر منها ، لا أعتقد أنها فكرة مستعمرة ، إنها مشكلة حديثة " .

ترفض جينيفر كينت النظر إليها بعيداً .