كلمة صدق: أوراق رياضية

Saturday 21st of September 2019 06:36:44 PM ,
العدد : 4511
الصفحة : الأعمدة , محمد حمدي

 محمد حمدي

سؤال عابر وجّهه أحد المولعين بالدوري العراقي الكروي وممّن لديهم متابعات دقيقة لاحداث وأخبار كرة القدم أثناء متابعتنا لأحد المباريات

في الدور الأول حول التحكيم والتغييرات في القوانين وتقنية ( var ) الشهيرة، واظهر لي من هاتفه المحمول لقطة لدوري كروي بأحد البلدان المغمورة وقد دخلت التقنية الجديدة الى ملاعبه، وفحوى السؤال، ترى في أي عام سترى هذه التقنية النور في العراق وتنهي مأساة مريرة لحكامنا ممن يعانون سيل الشتائم والصراخ المستهجن مع كل إشارة الى نقطة الجزاء، لا اخفيكم القول شعرت بحرج شديد ورغبة للهروب من الإجابة فعلى قدر منطقية السؤال تتمركز عبثية الإجابة في التخمين والتوقع.

اطنب رئيس أحد الوفود الرياضية في ذكر محاسن تركيا ولبنان وقطر والبحرين في الجانب اللوجستي الرياضي وذم بذات الوقت منشآت وأجواء وإمكانية العراق ذمّاً قبيحاً ومقارنة وصفها بأنها غير عادلة بين الثرى والثريا.

حالة ليست جديدة أو مستغربة أبداً فهؤلاء اعتادوا على ذكر محاسن الغير لغاية في النفس وانهزام داخل الذات أولاً بعدم الرغبة في التطوّر حتى من قبلهم ومراكز عملهم التي لم تتطوّر هي الأخرى لسبب وحيد لا يعدو وجودهم في المنصب، لأن التطوّر في حيّز هو عملية متناسقة لا تقبل تطور طرف وتراجع آخر بأي حال من الاحوال مع أن هؤلاء لا يفقهون هذه المعادلة وجرت صيغ الكلام والجمل على ألسنتهم كسليقة واستنساخ لفظي يجري على عواهنه دون ادراك.

منذ اسبوع تقريباً امتدح لي أحد اعضاء وفد منتخبنا الشبابي المشارك في بطولة غرب آسيا الأولى لكرة القدم لفئة الشباب التي نال العراق لقبها، دولة فلسطين وتحضيراتها وأجواء البطولة الاخيرة ثم عاد ليعثر في أتون كلامه دون أن يشعر فيضمن حديثه أن اللاعبين لم يظهروا جيداً بسبب سوء الملاعب ذات العشب الاصطناعي وإرهاق الطريق وقلّة الجمهور وهفوات التحكيم واللجنة المنظمة، إزاء هذه الانتقادات الصارخة الكافية بفشل أي بطولة لا أعلم ما جدوى التناقض الفاضح بين مقدمة الكلام ومضامينه؟ ولكن أدركت أن القصد هو لإبراز نظرية قاهر المستحيل البطل المغوار الذي يتحدّى الصعاب أولاً ومن ثم لا يجوز أن ننصف بلدنا في أي جانب وإنما علينا مرغمين أن نضعه في المؤخرة كإسقاط فرض على أن (مطربة الحي لا تطرب).

منظر أخير لافت للنظر ويأتي ايضاً بسياق مطربة الحي وانا اتابع بعض التمارين الشبابية لفرق فنية عراقية من بغداد وبابل وكربلاء وأدهشتني أكثر تلك الأفكار الجديدة بطابعها التراثي الجمالي الذي يصلح أن يكون مهرجاناً رائعاً لافتتاح اية بطولة رياضية بمبالغ زهيدة جداً لا تتجاوز اعشار مبالغ الافتتاح التي تذهب الى عُمان ولبنان والخليج من أجل تنظيم حفلات افتتاح كانت في الغالب عديمة اللون والطعم والمضمون.

كما أن أغلب هؤلاء تدرّبوا من خلال بروتوكولات التعاون الشبابي خارج العراق وتحديداً مع دول الجوار، والسؤال الذي يطرح نفسه ترى متى ينال هؤلاء فرصتهم علماً أنهم مرتبطون بتدريباتهم مع دائرة ثقافة وفنون الشباب بوزارة الشباب والرياضة أو مديريات الشباب في عموم العراق التابعة لمجالس المحافظات، يقيناً لو أن هؤلاء نالوا دورهم الفاعل وتم الاعتماد عليهم ومعهم عشرات الفرق التطوعية التي لا تبحث عن أجر أبداً سيكونون رصيداً لنا للمستقبل بخبرة ودراية فهم موارد بشرية هائلة جاهزة للاستثمار الشبابي وعلى وزارة الشباب والرياضة أن تتفحّص واقع عملها منذ سنوات طوال لا أن يكونوا مجرّد أرقام لدورات وورش تدريبية انتهت بسالف الأوان وجرى وضع اسمائهم في أدراج المكاتب.

إن هذا الموضوع تحديداً يفتح لنا جروحاً غائرة بمجالات متعدّدة قد تجرّنا الى اختصاصات بعيدة كل البعد عن الرياضة وقاعدتها المتينة التي نبحث اليوم تدعيمها ومن هذه القواعد منتديات الشباب والرياضة التي كانت في يوم من الأيام رقما صعباً لا يستهان به واسهمت في تخريج أعداد هائلة من الرياضيين والفنانين المتميّزين، وهي اليوم عاجزة عن القيام بواجباتها وفق الخطط السنوية التي اصبحت اسقاطاً للفرض لا أكثر ولا أقل فلم نعد نشاهد مباريات دوري المنتديات بمختلف الألعاب الرياضية ولا مسابقات الفنون وإن ما يطرح منها هو نتاجات سابقة أكل عليها الدهر وشرب وتهالكت موجوداتها وقاعاتها حتى النموذجية منها لم تعد تعمل لا في الموسم الصيفي والعطلة الخاصة بالطلبة ولا حتى الموسم الشتوي لتكون شبيهة بدروس الرياضة والفنون في المدارس التي جيّرت لمواد دراسية اخرى، وما لم تنطلق دعوة وبادرة حقيقية لإنقاذ الموقف عاجلاً فإننا سنترحم على مجرّد اسماء كانت تحملها ومن المحال العودة من تحت الصفر.