كل يوم هو يوم جديد

Saturday 2nd of November 2019 07:17:51 PM ,
العدد : 4538
الصفحة : عام ,

ستار كاووش

عمود اليوم أردته تحية لشبيبة العراق وأيامهم العظيمة حيث إهتزت أمام عزيمتهم ومطالبهم المشروعة عروش سراق البلد كما تتساقط أوراق تشرين الآن.

ففي هذه الأيام لا اللوحات ولا القصائد ولا حتى الملاحم التي كتبت على مر الزمان تساوي مايحدث في العراق وما يقوم به الشباب الثائر نحو إستعادة بلدهم من أيدي تجار الدين والسياسة، ويخطون هذه الخطوات التي انتظرها الجميع سنوات طويلة. هكذا يخرج الشباب العراقي بعد أن نفد الصبر وطال انتظار الفرج، وليس معهم سوى حبهم وإنتماءهم لبلدهم وحرصهم علـى مستقبل هذه الأرض التي انجبتهم، سلاحهم عزمهم وقوتهم مشروعية مطالبهم، يسيرون مندفعين وهم يلوحون بعلم وحب العراق، يترقبهم حكام البلد من بعيد بكل خوف وقلق وإنكسار، بينما يحرس نهر دجلة العظيم خطواتهم بمحبة وحنو، وتربتُ على رؤوسهم سماء العراق الذي ينتظر أن يستعيده هؤلاء الفتية من أيدي المرتزقة الذين عاثوا بمقدراته ونهبوه وبددوا ثرواته. 

لا كلام يعلو علـى كلام شبابنا الذين يحق لهم فعلاً أن يحكموا البلد ويسترجعونه من عمائم الدول المجاورة وهم يتساءلون كما نتساءل كلنا: ماذا يريد الغرباء من بلدنا؟! بل ماذا تريد كل دول الجوار؟ وحتى المرجعيات، بماذا أفادتنا بعد أن رجعنا معها الى الوراء؟ ويأتي الجواب عميقاً من شباب متطلعين لمستقبل متقدم وليس للرجوع الى الوراء من خلال مرجعيات أغلبها مافيات لامتصاص روح البلد وعصريته وحرية أبنائه، مرجعيات تمنع الحب بين الناس وتوزع بينهم الرعب، وحكام يبخلون بتوفير الخبز للمواطنين، ويكثرون القنابل بدلاً منه، بل وينثرونها بكرم فوق رؤوسهم. لم يكتفوا باللطم والنواح والسواد الذي زرعوه بين الناس، بل تمادوا في لعبتهم ونشروا الخوف في كل شبر من هذه الأرض. 

من أين جئتم؟ وكيف تكاثرتم في بلدنا مثل الطحالب، بل مثل سموم كنا نظن من فرط تماديكم بأن لا علاج لها، لكن ها هم شبابنا يقتلعون كل الأعشاب الضارة التي نمت في حديقة بلدنا والتي زرعتها الدول المجاورة التي تريد أن تتحكم ببلد الحضارات. 

أنتم وجه العراق الذي نريده ونحلم به ياشبابنا الجميلين، أنتم أول صفحة في كتاب أيامنا القادمة، ومعكم أشرقت الروح العراقية الحقيقية التي يجب أن يتباهى بها البلد، أرواحكم التي تشبه الذهب وهي تلتمع تحت شمس تشرين في ساحة التحرير هي ثروة البلد ومستقبله، وهي أغنى من البترول الذي امتدت له أيادي الوحوش الكاسرة. 

قبل أيام قليلة، بدا العراق صامتاً وحائراً ومنكفئاً، لكن أصواتكم أعادت له الحياة وخطواتكم سارت به نحو طريق المستقبل، وإلتماعات عيونكم أعادت بريقه إليه. كل يوم هو يوم جديد، وأيامكم القادمة ستكون أعياداً محملة بالمحبة، فتحية لكم وأنتم تواجهون الخراب بقلوبكم وقمصانكم مفتوحة الأزرار وأيديكم التي تحمل أعلام المستقبل، لتنفضون العباءة السوداء التي جثمت على قلب العراق طويلاً. 

أيها الحالمون بالمحبة والمساواة والعدل والحرية، ماتنادون به ليست هدايا ولا عطايا من حكومة نهبت خيرات البلاد، بل هي حقوقكم ياوجه العراق الوسيم وأيامه القادمة، ألوّح لكم وقلبي متعلق بخطواتكم وخطوات العراق الحبيب. لكم المحبة والتباهي والأعتزاز وللعراق الأمل بأيام أكثر جمالاً.