رغبة البقاء

Saturday 2nd of November 2019 07:24:50 PM ,
العدد : 4538
الصفحة : آراء وأفكار ,

 د. أثير ناظم الجاسور

منذ بدأ الحراك الاحتجاجي في الأول من اكتوبر ولغاية اللحظة وبالرغم من عدد الشهداء والجرحى الذين سقطوا على أرض هذه الساحات ونحن نحاول أن نُفسر تلك الرغبة الجنونية والقاتلة بالبقاء،

قد نسميها رغبة جامحة نابعة من حب السلطة وقد نقنع أنفسنا بانها رغبة مصاحبة برغبة تعزيز المكتسبات والمغانم التي استولت عليها هذه الاحزاب طيلة هذه السنوات، وقد نعللها على إنها لعبة دولية واقليمية تحرك ادواتها في الداخل وتوجههم وفق رغباتهم، بالنتيجة ترفض أي مطالبة بتغيير دماها من أجل تحقيق منافعهم في العراق، ومن يعللها على إنها رغبة الخائف المتشبث بكل وسائل السلطة السلمية والتي لم نرها لغاية اللحظة والعنفية التي أغدق علينا منها حتى أصابتنا تخمى الدم، لأنه على علم من غير هذا المكان سيكون عاجزاً على رفع يده للاعتراض لأخذ القرار، وكلها آراء تصب في ذات المعنى الذي يترجم كل ذلك بأنها رغبة عمياء أو رغبة الجائع للسلطة.

إن هذه الرغبة يا سادة ساعدت من حيث لا ندري من كسر حواجز كثيرة كانت ولوقت قريب يعتبرها البعض مصدات أو تابوهات لا يمكن تعديها، أما اليوم فإن رغبة البقاء في السلطة تقابلها رغبة شعبية كبيرة برحيل كل الطبقة الحزبية المتصدرة للمشهد السياسي العراقي، ترفض أي حلول ترقيعية او استغفالية كما اعتادت هذه الأحزاب التي مارست الزيف والتسويف طيلة ، هذه الرغبة اعطت صورة واضحة للعالم أجمع أن الشعب العراقي يرفض الطبقة الحزبية برمتها بمختلف توجهاتها وانتماءاتها، أيضاً رغبة البقاء هذه أو الاصرار الخارجي على بقائهم جعل الجوار العراقي يخسر قواعده والمتعاطفين معه، لا بل جعل وجودهم غير مرغوب فيه للكثير من القواعد الشعبية، بالرغم من التحذيرات السابقة من عدم دعم هذه الطبقة التي انزلت الخراب بالعراق والهلاك بشعبه.

لم تعد رغبة البقاء كافية لتبقى هذه الطبقة التي تعتاش على أرواح الأبرياء الذين لطالما حلموا بوطن يعمه السلام والطمأنينة والعدل والحرية، بالرغم من أن الوضع الحالي يشوبه نوع من الضبابية إلا أن المستقبل معطياته غير خصوصاً وأن جيل اليوم يرفض أن يتقيد بتلك القيود التي تريد هذه الأحزاب فرضها عليه بعد أن سأم حياة الخذلان والانكسار، لم تعد رغبة البقاء تنفع حتى وإن تم استخدام كل الوسائل للبقاء لأن البقاء دون مقبولية شعبية يعد عبثاً لا يمكن توقع عواقبه، بالتالي ستعمل هذه الأحزاب على التعامل مع الوضع الراهن وفق آلياتهم المكشوفة التي لن تجعلهم في مأمن من ردة الفعل الشعبية المتوالية، إلى جانب رفض المجتمع الدولي للأساليب التي تمارس ضد المتظاهرين العزل، حتى المرجعية الدينية التي تعول عليها هذه الطبقة اعطت تنبيهاتها في أمرين الأول عدم زج القوات الأمنية وأي قوة عسكرية في مواجهة مع المتظاهرين وهذه إشارة لجميع القوات دون استثناء وتحت أي مسمى، الأمر الثاني رفض تدخل أي طرف اقليمي أو دولي وهنا أيضاً رسالة واضحة من منع تدخل دول الجوار والإقليم بالشأن العراقي وأيضاً تحت أي مسمى، اليوم يمارسون التسويف للمطالب وعدم الامتثال لرغبة الشعب بالتغيير وهذا بدوره يزيد من النقمة الشعبية التي ستضع نقطة نهاية السطر.