ماذا يخططون لمواجهة أبطال تشرين ؟؟

Monday 4th of November 2019 06:34:45 PM ,
العدد : 4540
الصفحة : آراء وأفكار ,

د. مهندالبراك

رغم أنواع التهم التي ساقتها و تسوقها الطبقة الحاكمة لإنتفاضة شباب تشرين، ومنذ بدء اندلاعها في الأول من تشرين الأول،

و رغم أنواع العنف و المطاردات و الاختطافات و القتل بأنواع العتاد (1) و قطع الانترنت لأطلاق القمع بلا رقيب، الذي واجهه الشباب الأبطال بصدور عارية، فإنهم ثبتوا حاملين أرواحهم بأكفهم في سبيل قضية الشعب العادلة ، ثبتوا و اكتسبوا محبة و تعاطف و مشاركة أوسع الأوساط و النقابات و الاتحادات و المنظمات العراقية، بكل ألوان أطيافها و مهنها و كفاءاتها، رجالاً و نساءً ، شابات و شبان و عوائل، من مختلف القوميات و الأديان و المذاهب . .

لقد توسعت الانتفاضة لتشمل البلاد من أقصاها الى أقصاها، سواء وجوداً أو روحاً و تضامناً . . و استطاعت بلورة مطاليبها بنقاط محددة و ليس بفلسفات و نظريات و حِكَم و مواعظ دينية و طائفية مفبركة، بعد أن داست الطبقة الحاكمة على كل المقدسات بأقدامها و فصّلت مقدسات (2) على مقاسها و جشعها هي، و على أطماعها التي افقرت البلاد و أطاحت بحياتها. 

انتفاضة جسّدت كل المطالب و التفاصيل بـ " نريد وطن "، " نريد الحياة التي يستحقها شبابنا و وطننا بثرائه و كفاءات ابنائه " ، حتى جعلت العراقيين بألوانهم يفخرون بانتمائهم للعراق، بعد أن مرّغ الحاكمون سمعته بالوحل، أمام دول و شعوب العالم التي أجادت و تجود بالمال و التكنولوجيا لإعادة بناء البلاد و إعادة ملايين المشردين و النازحين الى ديارهم . . التي وجهت بأنواع السرقات الفلكية من عائدين للطغم و الكتل الحاكمة.

إن ماقاله رئيس الجمهورية برهم صالح عن كونه سعى لحل المطالبات التي دُفعت اثمانها بالدم. . عكس ان الطبقة الحاكمة في وادي و المطالبات الشعبية في وادٍ آخر عبّرت عنه ردود أفعال أعداد كبيرة من المتظاهرين مطالبين برفض الطبقة الحاكمة و رجالها كلّهم و إن ما طرحه الرئيس رغم الكلمات المهذبة و المختارة بعناية، عكس قد إنه لايدرك أن القضية ليست قضية اسماء و استبدالها، بقدر ماهي قضية نظام و أسلوب حكم لم يعد صالحاً للبلاد.

و يصف مراقبون و متابعون بأن تظاهرات تشرين الجريئة العملاقة التي لم تمرّ بها البلاد من قبل، و مواجهتها بالرصاص و أنواع العنف و المطاردات . . إضافة الى اسقاطها شرعية السلطات الحاكمة، فإنها مثّلت و تمثّل الكتلة الأكبر وفق نتائج انتخابات 2018 ، هي كتلة (الصامتون) و غير الراغبين بالمشاركة فيها و كانت نسبتهم اكثر من 60 % من عدد الذين يحق لهم التصويت، وفق بيانات مفوضية الانتخابات ذاتها آنذاك. 

و يرى محللون مستقلون، أن شباب تشرين إضافة الى كسرهم حاجز الخوف، فانهم اسقطوا حكم (المقدّس) الذي صوّرته الطبقة و الأحزاب الحاكمة على مقاسها و خدعت به الجماهير، بعد انتفاضة 2015 التي رفعت شعار (باسم الدين باكونا الحرامية)، فتدفّقت نحوهم أوسع الأوساط الشعبية التي طحنها الجوع و البطالة و الارهاب و اللعب بالمقدس، حتى انهم لم يلتزموا ببيانات منع التجول و لم يغضب أفراد القوات الحكومية من ذلك لتعاطفهم و لأنهم و عوائلهم يعيشون ذات المآسي. 

و يتساءل كثيرون، لماذا يتباطأ الحكّام بتنفيذ مطالب الاحتجاجات و هي تزداد توسعاً و تضحية، و تضيق و تميد الارض بالحكام و مناوراتهم ؟ هل يراهنون على مندسين لتفريق الصفوف بشتى الأساليب ؟ أم يراهنون على إطالة الوقت ليصاب المتظاهرون بالإعياء و برود الحماس ؟ أو على انشغالهم بالأفراح ليصابوا بخدر الانتصار، لتسهل مهاجمتهم ؟؟

الاّ أن المتابعين يرون أن المتظاهرين منتبهون لذلك و صعّدوا من مطاليبهم و تأكيدهم على سرعة الحسم و الاستجابة الفورية الى :

1. استقالة حكومة عبد المهدي، إعلان حكومة انتقالية بصلاحيات استثنائية لمدة محددة، تقوم على أساس المواطنة و إلغاء المحاصصة، حكومة ذات مهمة محددة في الاعداد لإنتخابات مبكرة بقوانين و مفوضية جديدة وفق الدستور المُعدّل، و مؤتمر لممثلي الانتفاضة والقوى الحية و الشخصيات النزيهة المؤيدة لها في البلاد، بدعوة و إشراف مباشر من الأمم المتحدة و الاتحاد الاوروبي، منظمة العفو الدولية و المنظمة العالمية لحقوق الانسان. 

2. محكمة شعب للقتلة و انزال القصاص العادل بمن ارتكبوا جرائم قتل المتظاهرين ومن أصدروا لهم الاوامر، واطلاق سراح المعتقلين والمغيبين، ووقف حملات الملاحقة والمطاردة .. 

3. المباشرة الفورية بضرب أكبر حيتان الفساد و مساءلتهم و التحقيق معهم و معاقبتهم علناً .

4. السيطرة الفورية على البنك المركزي العراقي و بحراسة مشددة ، و التجميد الفوري لأصحاب الأرصدة الكبرى، و التقييد الفوري لأرصدة المتهمين بالفساد المالي، و تأمين أعلى تنسيق مع الانتربول. إيقاف سرقة المال العام في مزاد بيع العملة الصعبة اليومي وتهريب الأموال وتبييضها من جانب المصارف والشركات المالية الأهلية. التي تقدر جهات معتمدة أن حجم المبالغ التي تم تهريبها خارج الحدود بين عامي 2003 و 2016 وصل إلى ألف مليار دولار. !!

5. حصر السلاح بيد الدولة وانهاء دور الميليشيات والعناصر المسلحة الخارجة عن القانون

6. الحفاظ على سيادة الدولة العراقية وتأمين استقلالية القرار الوطني ومنع التدخلات الخارجية في شؤونها. 

_________

1.استخدم أنواع الملثمين و القناصين، عتاداً متنوعاً جلب الانتباه منه ماسمي بـ (القنابل المسيلة للدموع) القاتلة، التي اثبتت منظمة العفو الدولية بأنها قنابل قاتلة مباشرة، و يغطي بيانها تفاصيل فحوصات أخصائيين في تقريرها المنشور على مختلف المواقع الاخبارية المسمى (قنابل غاز تخترق الجماجم) التي تخالف قوانين صناعة الغازات المسيلة للدموع لتفريق متظاهرين، و كونها استوردت من صربيا و بلغاريا، و يصف فريق من الأطباء بان هذه القنابل هي قنابل كيمياوية ولاتمت بصلة للغاز المسيل للدموع، و يعاقب عليها القانون الدولي.

2.المقدس هنا لايمت بمقدسات الأديان السماوية بصلة، و يعني أن الطبقة الحاكمة بنت لها جداراً هجومياً /دفاعياً لتجنيد أوساط شبه أمّية و أخرى يائسة التي كانت واسعة في البلاد عند جلوسهم على كراسي الحكم، و لتثبيت كراسيهم جعلوا مؤسساتهم مقدسة و الحشد صار مقدساً، و مرشح انتخابات صار مختاراً مقدساً للعصر.