العمود الثامن: لنتفاءل مع عبد المهدي!!

Monday 11th of November 2019 08:24:42 AM ,
العدد : 4543
الصفحة : الأعمدة , علي حسين

علي حسين

عاد السيد عادل عبد المهدي إلى الكتابة والخوض في الاقتصاد، عاد رئيس الوزراء الذي يرفض الاستماع إلى طلبات المحتجين ويسلط عليهم "قوات مكافحة الشعب"..

نعم مكافحة الشعب وليس الشغب برصاصهم الحي، بحديث كوميدي مزدحم بالأرقام  والأوهام عن ميزانية العراق، مع دعوة مجانية للتفاؤل، من دون أن يتذكر أن هناك 300 شهيد وآلاف الجرحى ومئات المعتقلين والمخطوفين بأوامر رسمية وحزبية .

عاد خبير الاقتصاد إلى هوايته التي كان يمارسها في جريدته "العدالة" عندما كان يكتب مقالات ينتقد فيها سلوك حكومة حيدر العبادي، ويوجه نصائح للخروج من الأزمات.

فعلا، يدفعنا حديث عادل عبد المهدي في اجتماع مجلس الوزراء قبل يومين إلى التفاؤل، ليس لأن ما ورد فيه من أرقام وإحصاءات وتحليلات يؤشر على أن الرجل يعيش في واد آخر، وإنما لأن ظهور عادل عبد المهدي وهو يتحدث عن الاقتصاد دون الإشارة إلى الدماء التي سالت، وحده، سبب لأن يمتنع رئيس مجلس الوزراء عن الظهور في التلفزيون .

يقول عادل عبد المهدي في آخر رسائله الاستفزازية، أو بالأحرى يقول مكتب رئيس الوزراء الذي يتحكم بالقرارات: لقد تظاهر شعبنا من مدنيين وعسكريين ،  فالمظاهرات لم تحصل في ساحة التحرير أو ساحات التظاهر الأخرى فقط، بل حصلت ايضاً وأساساً في كل بيت وأسرة، وفي نفس وعقل كل عراقي، "وستعتبر دائماً نقطة تحول كبرى وواعية في كفاح شعبنا في مسيرته الظافرة".. هل هناك كلام أكثر إساءة لأمهات شهداء الاحتجاجات وللآباء المكلومين بأبنائهم، ولأم صبا المهداوي التي لا تزال رهينة أمزجة بعض المسؤولين؟ .

هل تريدون نكتة أخرى من نكات الحكومة.. هاكم، فقد أكد السيد عادل عبد المهدي أن "الانترنت حقيقة معاصرة وحق للجميع، ووسيلة لاستنطاق الأصوات المكبوتة والآراء الحرة".. ويضيف لا فض فوه أن :  "السلطات دفاعاً عن حقوق المجموع مرغمة أحياناً لتقييده عندما ترى أنه يستخدم للتآمر على الوطن" ياسلام يامعلم.. الحكومة ومعها أحبابها تتمتع بخدمة الانترنيت.. لكنه ممنوع على عموم الشعب الذي لا يزال السيد عادل عبد المهدي يعتبره "قاصراً" وجاهلا.

صحيح أننا، في سنوات التسالي التي طالت كثيراً على نحو غير مسبوق، إلا أن تسلية عن تسلية تفرق، فهناك من يتسلى معنا، ومن يتسلى بنا، ومن يتسلى علينا، وهناك من يتسلى على نفسه.

 ويمكنك عزيزي القارئ أن تضع خطابات ورسائل رئيس الوزراء في خانة بين التسلية على الناس والتسلية مع النفس، من دون أن تنتقص أو تسفه من جهد مكتب رئيس الوزراء الذي يصر ان هذه الكوميديا هي فخر الصناعة السياسية في العراق.