مصادر طبية: قمع التظاهرات تسبب بإعاقات جسدية كبيرة

Tuesday 12th of November 2019 08:25:09 PM ,
العدد : 4546
الصفحة : سياسية ,

 بغداد/ المدى

على الرغم من تأكيدات القيادات العسكرية لوجود تعليمات "صارمة" بعدم استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين، الا أن بعض الجهات الامنية وخاصة في بغداد، لا تلتزم بتلك التوجيهات.

وتسود حالة من الرفض "غير المعلن" في داخل بعض الاجهزة الامنية ضد تصرفات القوات غير الملتزمة، والخشية من تورط الجميع بالدم العراقي بسبب "عناد" الجهات التي تستمر باطلاق النار.

حتى اول امس، كان عدد قتلى الاحتجاجات قد تجاوز الـ300 شخص مقابل 15 الف مصاب، وفق مفوضية حقوق الانسان، حيث لاتزال وزارة الصحة ممنوعة من التصريح، وفق مصادر مطلعة. 

وبحسب اللجنة الحكومية التي شكلت بعد الموجة الاولى للاحتجاجات لمعرفة اسباب قتل المتظاهرين، فقد اكدت ان اغلب الاصابات كانت برصاصات في منطقتي الصدر والرأس.

يقول مصدر امني لـ(المدى) ان "قوات معينة شكلها احد رؤساء الوزراء السابقين هي اكثر جهة تقوم باطلاق الرصاص"، فيما لم يذكر بالتحديد اسم تلك الجهة او رئيس الوزراء.

واضاف ان تلك القوة التي تشكلت قبل عدة سنوات اغلب منتسبيها من مناطق "وسط وجنوبي البلاد".

ويقول المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه لحساسية المعلومات، ان "تلك الجهات سمح لها بارتداء الاقنعة لمنع الملاحقة العشائرية".

وكان الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة عبد الكريم خلف، اكد أن بعض المتظاهرين عطلوا حركة السير في العاصمة، واعتدوا على رجال الأمن. وقال: شهدنا أعمال نهب وتخريب داخل ساحة الخلاني.

وأشار خلف اثناء مؤتمر صحفي عقد مساء الاثنين في بغداد إلى أن القوات الأمنية لم "تستخدم أي قوة، وغالبية القوى الأمنية متواجدة في ثكناتها"، إلا أنه شدد على عدم السماح بالاعتداء على رجال الأمن.

وحول عدد الضحايا الذين سقطوا الاثنين، قال "4 شهداء مدنيون اليوم، وعدد من الجرحى لكن غالبية الإصابات طفيفة وقد غادروا المستشفيات".

وعادة ما تظهر لقطات من مقاطع فيديو يبثها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، بعض القوات التي تطلق الرصاص او القنابل المسيلة على المتظاهرين وهم يرتدون "احذية رياضية" وليست عسكرية.ويقول المصدر الذي يعمل في احد الاجهزة الامنية الحساسة ان هؤلاء "ينتمون الى فصائل مسلحة"، مضيفا بالقول: "تحديدا هما فصيلين اثنين في بغداد يواجهان المتظاهرين بالقنابل الدخانية والرصاص احيانا".

حرب "الخلاني" 

قبل يومين وثق ناشطون عملية اطلاق رصاص حي من سلاح لاحد العناصر الامنية في وسط بغداد. واظهر الفيديو، العنصر الامني وهو يرمي من سلاحه بشكل افقي على المتظاهرين في ساحة الخلاني.

ويقول المصدر الامني ان "الخلاني تعتبر ساحة حرب الآن بين القوات الامنية وبعض المحتجين". 

واضاف المصدر ان "القيادات الامنية تريد احتجاز المتظاهرين في ساحة التحرير على امل ان تعيد فتح جسر السنك على غرار جسر الاحرار الذي افتتح قبل يومين".

امس قامت القوات الامنية بوضع كتل كونكريتية اضافية في ساحة الخلاني. وقال شهود عيان لـ(المدى) ان الساحة "اغلقت بخطين من الكونكريت، الاول حواجز قصيرة والثاني اطول منها".

ويقول المصدر ان الدوائر الامنية "ممتعضة من تصرف تلك الجهات وعدم التزامها بعدم اطلاق الرصاص"، مضيفا: "نخشى ان نتحمل نحن دم العراقيين بجريرة تلك القوات".

وكان الناطق العسكري قال في مؤتمره الصحفي الاخير إن "بعض الجهات المشبوهة داخل المطعم التركي وسط بغداد، قامت بتصنيع ما يشبه المتفجرات، ما قد يؤدي في حال انفجارها إلى انهيار المبنى بأسره كما من شأنه أن يحصد أرواح العديد من المتواجدين في المبنى".

ولفت إلى أن العديد من الجرائم تجري داخل هذا المطعم، داعيا "المعتصمين إلى التنبه ووقف تلك الأعمال وإلا فإن الأمور ستتطور نحو الأسوأ".وقبل ايام كان عدد من المتظاهرين انشأوا لجان تفتيشية بحثا عن الاسلحة في المطعم ومنع اختراقه من عناصر "مندسة".

كذلك قال عبد الكريم خلف إن القوات المسلحة اعتقلت عددا من المتظاهرين الذين رشقوا الأمن بزجاجات حارقة ببغداد. وشدد على أن القوات المسلحة لن تسمح بالاعتداء على العناصر الأمنية.

الصحة تحت الإقامة الجبرية 

بدوره قال مهند، وهو طبيب في وزارة الصحة لـ(المدى) ان "هناك تعتيما كبيرا في الوزارة على عدد الشهداء والمصابين والطريقة التي تم قتلهم فيها".

واكد مهند الذي طلب عدم نشر اسم عائلته خوفا من الاعتقال ان "القوات الامنية والاستخبارية متواجدة بشكل دائم في المستشفيات لاعتقال المصابين من المتظاهرين ومنع تسرب المعلومات".

وكانت مفوضية حقوق الانسان، حملت في وقت سابق وزارة الصحة مسؤولية عدم تزويدها باعداد الجرحى والقتلى، معتبرة ذلك "تضليلا للرأي العام" ويتنافى مع "مبدأ الشفافية وحق الحصول على المعلومة".

واشار الطبيب الى ان اغلب زملائه لا يعرفون كيفية التعامل مع عدد من حالات الاصابة التي تأتي الى المستشفيات لمتظاهرين مصابين لأنها وبحسب وصفه "غريبة عجيبة ولم نر مثلها سابقا".

وقال مهند ان "60 شهيدا في عدد من المستشفيات قتلوا اثناء الاحتجاج سجلوا على ان وفاتهم طبيعية بسبب تهديد القوات الامنية لعدد من الاطباء".

كذلك قال ان هناك نحو "20 حالة اختناق وصلت للموت بسبب استخدام غاز ملون جديد غير معروف"، مبينا ان "الغاز يسبب فشلا حادا في وظائف القلب".

وكانت وزارة الداخلية قد كشفت عن لجنة تحقيقية برئاسة وزير الصحة جعفر علاوي لمعرفة أنواع قنابل مسيل الدموع المستخدمة في المظاهرات.

وقال الناطق باسم الداخلية خالد المحنا قبل ايام إن "وزارة الصحة هي الجهة الوحيدة التي تعلن الأرقام الحقيقية للضحايا".

بالمقابل قال عبد الكريم خلف إن القوى الأمنية تستخدم غازا يسيل الدموع فقط، نافياً استعمال أي "غازات سامة"، وقال ان الغاز الذي نستخدمه "وهو نفسه ما تلجأ إليه الولايات المتحدة وبريطانيا".

وعادة ما يشتكي المتظاهرون من آثار غريبة تصيبهم بعد تعرضهم للغازات المسيلة للدموع، منها حالات اشبه بالصرع.

ويقول الطبيب مهند ان الاصابات المختلفة في التظاهرات قد خلفت نحو "6 آلاف معاق في عموم العراق بحسب ارقام متداولة بشكل سري في وزارة الصحة".