العمود الثامن: نزاهة على الطريقة الحلبوسية

Wednesday 13th of November 2019 09:13:13 PM ,
العدد : 4547
الصفحة : الأعمدة , علي حسين

 علي حسين

مليون سبب وسبب يدعونا جميعا لضرورة رحيل هذا النظام السياسي واستقالة الحكومة وغلق البرلمان بالقفل والمفتاح،

وإبلاغ رئيس الجمهورية أن الناس ملت من برامج التوك شو التي يقدمها بين الحين والآخر، ولعل ضمن الثلاثة أسباب الأولى لإعلان موت النظام السياسي المحاصصي، أن عندنا رئيس مجلس نواب اسمه محمد الحلبوسي، يتحدث في الفضائيات عن النزاهة.. ويعمل داخل البرلمان على إشاعة الخراب وتسويق المحسوبية .

ففي لفتة تدل على إحساس كبير بالمسؤولية العشائرية ، قرر رئيس البرلمان أن يمنح أقاربه من الحلابسة 40 وظيفة مهمة في الأنبار من بين 70 درجة وظيفية خصصت للمحافظة، في وقت يخرج فيه ملايين العراقيين للتظاهر ضد الفساد والرشوة والمحسوبية.. 

إذن نحن أمام مؤشر حقيقي على أن الانحياز "للمستقبل" صناعة " حلبوسية " ، بامتياز، ولهذا لا يهم أن تتقدم السيدة عالية نصيف أعضاء لجنة النزاهة باعتبارها المرأة التي حافظت على أملاك العراقيين من النهب، وأن يجلس إلى جوارها "الخبير" في شراء الأصوات والذمم أحمد الجبوري .

يتحدّث معظم السادة النواب، عن النزاهة، وهذه مسألة بحاجة إلى تحليل من خبراء علم النفس. لا يوجد شيء واحد أكثر بشاعة من القتل سوى الفساد، لذلك هناك قاعدة واحدة للنزاهة، إما الدفاع عن حقوق الناس البسطاء، وإما الاتجار بالعملة في بنوك عمان وبيروت. وهناك شرط واحد للنزاهة هو الإيمان بالوطن، وهذه قضايا لا تقبل استثناءات.

ليست هذه المرة الأولى التي يسقط فيها البرلمان بامتحان النزاهة، فقد فعلها قبل سنوات حين مهّد الطريق أمام هروب فلاح السوداني، وحين صمت على سرقات وعمولات مشعان الجبوري، وعندما كافأ حسين الشهرستاني على ضياع مليارات الدولارات من عقود النفط والكهرباء.

في كل مرة يجد المواطن نفسه على موعد مع أسوأ الخطابات التي تبرّر السرقة وتحلّل نهب المال العام، تلك الخطابات والهتافات التي هزج بها العديد من أعضاء مجلس النواب وهم يهتفون بنزاهة وأمانة قراراتهم الكوميدية!.

تُعرِّف الأمم المتحضرة، أو التي يتمتّع ساستها بالحد الأدنى من سلامة القوى العقلية والحسّ الإنساني والوطني، البرلمان بأنه المكان الذي يجتمع عليه كل المواطنين، في هذا البلد أو ذاك، ليجعل حياة الجميع أفضل، من خلال إحداث نوعٍ من النهوض المتكامل، يستهدف الارتقاء بحياة المواطن العادي، وإنعاش حظوظه في العيش بكرامة، في ظل ساسة يحترمون حقوقه الأساسية في الحرية والعدل والعمل.. لكن للأسف ما نتابعه في جلسات مجلسنا الموقر يؤكد أن بنية النظام السياسي في العراق لا تريد أن تغادر حالة الصفقات التي يتحول فيها البعض من إنسان مغمور ومفلس إلى صاحب مشروع استثماري يدر الملايين من الدولارات .