حول قانون الانتخابات

Tuesday 19th of November 2019 08:01:04 PM ,
العدد : 4551
الصفحة : آراء وأفكار ,

د. فارس حرام

واضح أنّ الأحزاب الحاكمة بدأت من الآن بثّ الشائعات ضدّ مطلب الدوائر المتعددة داخل المحافظة في قانون الانتخابات الجديد. بعض الأصدقاء للأسف ربما ستنطلي عليه هذه اللعبة، والبعض الآخر ربما اقتنع ببعض سلبياتها (كحال أي فكرة) ولكنه نسي كمية الإيجابيات الضخمة فيها.

أهم نقاط الشائعات:

١- يدعون أن الدوائر المتعددة تسمح بصعود ممثلي العشائر عن المناطق التي تسيطر عليها، وبهذا سيتحول البرلمان إلى ساحة صراع عشائري (!!).

الرد: ومتى كان البرلمان خالياً من التمثيل العشائري؟ هل نسيتم كيف سمحت فكرة الدائرة الانتخابية الواحدة بفوز مئات النوّاب في الدورات السابقة لمجرد جمع أصوات عشائرهم على مستوى المحافظة ككل؟

٢- يدّعون أنّ الدوائر المتعددة ستجعل النائب مجرّد معقب معاملات لمنطقته، يعينهم في الدوائر ويقضي شؤونهم بالوساطات ويتحايل على القانون من أجلهم لكي يضمن انتخابهم إياه في الدورات القادمة (!!!).

الرد: ومتى كان نوّاب البرلمان الحاليون والسابقون يفعلون غير هذا؟ (إلا من رحم ربي). يعني على أساس أنّ الدائرة الواحدة كانت تمنع النائب من أن يكون معقب معاملات ومتستراً على الفساد وباحثاً عن الصفقات؟ تريدون إقناع من بهذا الكلام؟

الخلاصة: أنّ الأحزاب الحاكمة تريد أن تخوّف الشعب من تطبيق فكرة الدوائر المتعددة لأن ذلك ليس في مصلحتها، لأنها تعودت أن تضخ الأموال والدعايات في كلّ مناطق المحافظة لكي تكسب الأصوات منها جميعاً لمرشحيها (أي بدائرة انتخابية واحدة) فتأتي الأصوات من كل منطقة داخل المحافظة وتجمعها في سلة واحدة للمرشّح لكي يفوز، أما إذا تحوّلت الانتخابات إلى المناطق المتعددة فسيكون لكل منطقة انتخابية مرشحون، ولن تستطيع الأحزاب أن تسعف مرشحها بالأصوات من المناطق الأخرى إذا كانت أصواته في منطقته قليلة.

أما بالنسبة للرأي القائل بأن الدوائر المتعددة تعزز المناطقيّة والعشائريّة والطائفيّة فالرد عليها بسيط:

إذا افترضنا مثلاً أن الدائرة الانتخابية الواحدة ستكون منطقة سكانية مختلطة، كالكرادة، أو اليرموك، أو الدورة في بغداد، أو أبو الخصيب في البصرة. هنا سيُجبر النائب الفائز على تقديم أفضل خدمات التمثيل السياسيّ لهذه المنطقة بغض النظر عن انتمائه الشخصي، لأنه في حال عمل من وحي هذا الانتماء وبشكل مغلق فإنه سيخسر في الانتخابات القادمة كما إن اهالي المنطقة الفائز فيها على اختلاف توجهاتهم يملكون حق محاسبته إعلاميّاً وفي الندوات العامة ومن ثم اسقاطه.. يعني شيئاً فشيئاً سيظهر لدينا وعياً انتخابياً جديداً يعتمد على حسن التمثيل للمنطقة وليس خدمة الانتماء لهذه الفئة أو تلك..

كما إنّ نظام الدائرة الواحدة المعمول به حالياً ويريدون استمراره هو الذي يعزز المناطقية والطائفية والعشائرية لأنه يجمع أصوات الطائفة الواحدة من كل مناطق المحافظة لكي يكون المرشح خاصاً بطائفته، ويجمع أصوات العشيرة الواحدة من كل مناطق المحافظة لكي يكون المرشّح خاصاً بعشيرته..

أرأيتم كيف بدأوا يلعبون الآن لكي يقاوموا فكرة الدوائر المتعددة؟