ومضات خليجي24: لا ترتجي العزم من المأزوم

Saturday 7th of December 2019 08:09:23 PM ,
العدد : 4563
الصفحة : الأعمدة , اياد الصالحي

 إياد الصالحي

تقطع روزنامة كأس الخليج العربي24 ورقة اليوم السابع من منافسات كرنفالها المثير الذي شهد وداعاً مريراً لفارسي البطولة بلا مُنازع منتخبي "العراق وقطر"

بعدما أقصيا منها في نصف النهائي بأخطاء ساذجة من مدربيهما دفعت بهما ليكونا ضمن مقاعد المتفرّجين بعيداً عن منصّة التتويج التي يتطلّع أبناء البحرين أن يحفظوا ماء الوجه بأول لقب ظلّ عصياً عليهم منذ 49 عاماً ، فيما يبدو أن لاعبي السعودية على موعد مع اللقب الرابع في تاريخهم بعد بطولات أعوام 1994 و2002 و2003.

لن نخوض في تفاصيل إنشائية كالتي تستهوي البعض ممّن يرى خسارة منتخبنا الوطني موقعة نصف النهائي أمراً قدرياً يُبرئ ذِمّة المدرب منه ، ويروح يُلقي بأسبابها على حائط الحظ في عدم تركيز جلال حسن لحظة تسجيل لاعبي البحرين عبدالله الهزاع ومحمد جاسم هدفيهما ، وارتباك الموهوب محمد قاسم أثناء تنفيذ ركلة الترجيح الرابعة ، والحقيقة أن أسود الرافدين كانوا في الجاهزية التامة للقبض على الكأس الرابعة والعودة بها الى بغداد نظراً لتوأمة جهود الخبرة والشباب وعزمهم على إحياء إنجازات خليجي5 و7 و9 وأظهروا كل مقوّمات التنافس المشروع لتحقيق الحلم المؤجّل ، لكن هل يُرتجى العزم من المأزوم؟

نتحدث هنا عن المدرب سريتشكو كاتانيتش الذي يعاني من أزمات في طريقة تفكيره قبيل المباريات وأخرى في كيفية إخراج تبريراته لتكون مقبولة ومقنعة ، ويتضح أنه لا يُراجع ما يقوله في مؤتمراته الصحفية الثمانية قبل وبعد كل مباراة وكُشِفَ أنه يَخدع نفسه ولا ينطلي كلامه على الإعلام والجمهور اللذين يدركان جيداً أن حركاته الانفعالية في المنطقة الفنية لن تصنع تاريخاً جديداً للكرة العراقية مهما حاول البعض ترسيخ هذا الوهم في عقول أعضاء إدارة اتحاد كرة القدم ليمسكوا بحبل التواصل معه إلى حين يُلقي بكرتنا الى هاوية التصفيات المزدوجة!

إذا كنا قد عذرنا كاتانيتش أنه استعان بتشكيل ضمّ ستة لاعبين احتياط هم مصطفى محمد وشريف عبدالكاظم ومحمد رضا ومحمد قاسم وحسن حمود وميثم جبار ليلعبوا أول مرّة مع أحمد إبراهيم وعلي عدنان وإبراهيم بايش وجلال حسن ومهند علي كأساسيين في مباراة افتتاح خليجي24 فذلك أمر اضطراري أملاه الخطأ الشنيع بعدم تنسيق إدارة نادي الشرطة مع اتحاد كرة القدم في تحديد موعد مباراة فريقه في بطولة الأندية العربية الأبطال عشية لقاء قطر ، لكن لا أحد يعذره عندما يزجّ بالعناصر الاحتياط ذاتها بعد سبعة أيام أمام اليمن باستثناء شريف عبدالكاظم مع زج الحارس الاحتياط فهد طالب الى جوار علي فائز وصفاء هادي وعلاء عباس وعلاء عبدالزهرة وضرغام إسماعيل بذريعة عدم تأثير النتيجة على تأهل المنتخب الى الدور نصف النهائي ، هذا القرار غير المدروس أهدر كل الجهود المتعلّقة في رفع معدلات اللياقة البدنية لتشهد نزولاً سريعاً لدى جميع اللاعبين في مباراة تتطلّب جهودأً مضاعفة تمتد إلى 120 دقيقة لن تعبث بالاستقرار الذهني للاعب حين يتوجّه لتنفيذ ركلات الترجيح ، وحصل العكس بانهيار اللاعبين الأساسيين والاحتياط في الشوط الثاني أمام منافس ليس جديداً عليهم ودفعنا الثمن بهدفين أعادا الأمل للبحرين وحسموا أمرهم بهدف معلوم بفضل حنكة المدير الفني هيليو سوزا الذي حذّرنا من عدم الأمان معه في مقال الخميس الماضي و.. حدث ما كنا توقعناه!

اضاعنا كاتانيتش في خياراته ، وكأنه يقول لنا (دعوني أجرّب اللاعبين وأفاضل بينهم فلم استقر بعد) برغم مرور سنة وثلاثة أشهر وثلاثة أيام على تسلّمه مهمته ، حتى أن عدوى التجريب انتقلت الى مركز حراس المرمى ، فالمعلوم أن تغيير الحارس يتم في حالة اضطرارية كون اعتماده كأساسي يمنحه المزيد من الثقة للذود عن مرماه ويكيّف نفسه مع الحالات الصعبة كلمّا واجه منافساً بندية كبيرة ، لكن أن يلعب كاتانيتش في هذا المركز مثلما تستهويه لعبة النرد تارة يزج بالحارس جلال حسن أمام قطر ثم يعتمد محمد حميد مع الإمارات ويلجأ الى فهد طالب في لقاء اليمن ويعود الى جلال حسن في الجولة الحاسمة مع البحرين! لن يحدث حتى مع منتخبات بالمستوى الخامس ، ويؤكد ما ذهبنا اليه بعد إنتهاء بطولة آسيا 2019 أن وجود مدرب وطني لحراس المرمى ضرورة ملحّة كونه أكثر من يفهم الحالة النفسية للحارس وتأثيرها على التمركز والانتقال والقطع على خط مرماه ، فضلاً عن تصحيح الأخطاء التي ترافقه في ناديه بسبب عدم التدرّب الكافي لنيل الجرعات المطلوبة ، وكيف يؤمّن كاتانيتش خط تفاهم وانسجام بين الحارس والمدافعين وكلاهما متغيّران في كل مباراة ؟! ثم أن جلال حسن لعب اساسياً أمام البحرين في نهائي غرب آسيا التاسعة وتم اعتماد محمد حميد لمباراتي تصفيات المونديال المزدوجة قبل أن يستبدل بجلال حسن في مطلع الشوط الثاني في لقاء عمّان ، وهذه المباراة الرابعة منح الثقة لجلال ، فأخبرونا أي منتخب تعامل مع هذا المركز بالمزاج ، ومن هو الحارس الاساسي لمنتخب العراق؟

منذ بطولة آسيا 2015 والبعض يسوّق أكذوبة الاستقرار في عربات الوهم التي يجيد دفعها بقوة مصطنعة مع المدرب الأجنبي وهناك من يعبّد الطريق له بكلمات التفاؤل التي لا تغني الأسود بشيء ، فالواقع مرير طالما أهملنا النصيحة بأن هذا المدرب لا ينفع لبناء ستراتيجية قابلة لتطوير المستوى الفني للأسود مثلما يلفت البرتغالي سوزا الانظار الى عمله المتقدّم ، ففي كل مباراة يفاجئ منافسه بلمسة ولسعة ، وتكتيكه لا يشبه ما مضى من استعداد المنتخب البحريني في جميع الجبهات ، علاوة على الإعداد النفسي والالتزام الانضباطي اللذين سلّح بهما لاعبي الأحمر ودفعهم للصعود إلى القمة الخليجية وضمان المركز الثاني في الأقل للمرة الرابعة على مدى تاريخهم بعد بطولات 1970، و1982 و1992 و2003 طمعاً بنيل الكأس الأولى.

عتمة : قيام الإيراني بهروز مدير أعمال المدرب كاتانيتش بتصريح استباقي تزامن مع مغادرة بعثة المنتخب الوطني أرض الدوحة بأن "المدرب ملتزم ويحترم عقده ولا توجد نية لمغادرته" من دون أن تتسرّب أنباء عن عزم الاتحاد إنهاء مشواره ، يؤكد أنه مرتعب ويشعر بالفشل من عدم أداء مهمّته بما يرضي اللاعبين أنفسهم والجماهير والإعلام وقبلهم الاتحاد فلجأ لمداراة مصلحته لكسب تعاطف الأخير معه وليس متفضّلاً علينا بالبقاء ، ما يقتضي مطالبة أعضاء لجنة المنتخبات كتابة تقرير فني بشفافية عالية يبيّن الملاحظات السلبية التي لا يمكن أن تغطيها نتيجتي قطر والإمارات ، فما ينتظر الأسود في المباريات الثلاث من التصفيات المزدوجة يحتّم مواجهة الجميع بالحقيقة ، لأننا سأمنا ترديد العبارة (خيرها بغيرها) وغيرها هذه المرة تعني أن يغادر رئيس وأعضاء الاتحاد مناصبهم ويضعوا أيديهم بيد كاتانيتش غير مأسوف على مدة اشتغالهم في اللعبة إذا ما ضاع حلم المونديال.